دولي
القيادي في حركة حماس محمود الزهار: علاقتنا تتحسّن مع مصر ونحترم دورها بغض النظر عمن يحكم
قال إن سويسرا هي التي ستدفع رواتب الموظفين المدنيين بحكومة "حماس" السابقة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 01 أكتوبر 2014
قال القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، محمود الزهار، إن هناك اختراقًا وتغيرًا إيجابيًا واضحًا في علاقات حركته مع مصر بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، مؤكدًا أن الحركة تقدر وتحترم الدور المصري بغض النظر عمن يحكم مصر. وأضاف عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، في مقابة مع الأناضول، أن "حركة حماس راجعت علاقتها مع مصر والتقى وفدها (لمفاوضات تثبيت التهدئة مع إسرائيل)، يوم الجمعة الماضي، مع الجانب المصري في جلسة استمرت ساعتين ونصف الساعة تم خلالها مناقشة كافة القضايا العالقة وإحداث اختراق في العلاقات وتحديد جلسة لمناقشة بقية المواضيع بعد شهر".
ومضى قائلا: "كان هناك تغيّر إيجابي في العلاقات خلال الجلسة التي عقدت في القاهرة مع الجانب المصري، وناقشنا كافة القضايا التي تشغل مصر فيما يتعلق بمواقف حماس وغيرها من الأمور". وأكد الزهار على ضرورة أن تشهد العلاقات مع مصر تحسنًا في المرحلة القادمة، نظرًا لأهمية الدور المصري بالمنطقة، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك بدائل عن الدور المصري خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، قائلاً: "حماس تقدر وتحترم الدور المصري بغض النظر عمن يحكم مصر". وتوترت العلاقة بين مصر وحركة حماس منذ عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، في جويلية 2013، أعقبها في مارس العام الجاري، حكم قضائي بوقف نشاط الحركة داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ علي مقراتها داخل البلاد، وذلك قبل أن تلتقي قيادات بالحركة (ضمن وفد من منظمة التحرير الفلسطينية على رأسها فتح) مع أجهزة السلطات المصرية الحالية على طاولة واحدة من أجل التهدئة في غزة.
وحول التفاهمات التي اتفقت عليها حركتا فتح وحماس الخميس الماضي بالقاهرة، قال الزهار إن هدف هذه التفاهمات تسيير عملية فتح معابر القطاع، وعودة موظفي غزة المصنفين على أنهم "غير شرعيين" إلى الحكومة كموظفين لهم كامل الحقوق. وأوضح أن بقية القضايا التي تم نقاشها كانت محاولة للإجابة عمليًا عن بعض الاتفاقيات السابقة بين "حماس" و"فتح" مثل تفعيل المجلس التشريعي، وأمور متعلقة بحكومة التوافق الوطني. ولفت إلى أن حركة "فتح" لم تكن تعترف بالموظفين المدنيين في حكومة حماس السابقة ولكنها اعترفت في الاتفاق الأخير معها. وكشف الزهار عن أن دولة سويسرا هي "الجهة الدولية" التي ستموّل رواتب موظفي حكومة "حماس" السابقة بغزة، قائلاً: "سويسرا هي الجهة الدولية التي ستموّل رواتب موظفي قطاع غزة المدنيين في هذه المرحلة". وكان رئيس حكومة التوافق الفلسطينية، رامي الحمد الله، قد قال يوم السبت الماضي، إن جهة دولية ستتكفل بدفع رواتب موظفي غزة المدنيين، خلال المرحلة المقبلة، رافضا الكشف عن هذه الجهة. ويقدر عدد موظفي حكومة "حماس" السابقة، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ شهر ماي الماضي، لعدم إدراجهم في قائمة ديوان الموظفين الفلسطيني، بنحو 45 ألف موظف، وتبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة 40 مليون دولار.
وتقاضى موظفو حكومة غزة السابقة، مطلع الشهر الجاري، نصف راتب، كأول دفعة من رواتبهم المتأخرة منذ تشكيل حكومة التوافق في جوان الماضي، قامت بصرفه حركة حماس لتلبية الاحتياجات الطارئة للموظفين كما قالت. واتفقت حركتا "حماس وفتح"، مساء الخميس الماضي، عقب لقاءات وفدين من الحركتين بالقاهرة على تنفيذ كافة بنود اتفاق المصالحة الأخير الذي وقع عليه في أفريل الماضي، وتجاوز جميع العقبات التي اعترضت تطبيق بنوده، وتمكين حكومة التوافق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة. وعقب قرابة 7 سنوات من الانقسام، وقعت حركتا "فتح" و"حماس" في 23 أفريل 2014، على اتفاق للمصالحة، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن. وأعلن في الثاني من جوان الماضي عن تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، حيث أدى الوزراء اليمين الدستورية أمام عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله (وسط الضفة الغربية)، إلا أن هذه الحكومة لم تتسلم حتى اليوم المسؤولية الفعلية في القطاع.
وحول المفاوضات مع إسرائيل، قال الزهار إن جلسة المفاوضات غير المباشرة التي عقدت بالقاهرة الأسبوع الماضي مع الجانب الإسرائيلي جرى خلالها وضع جدول الأعمال، مشيرًا إلى أن المباحثات سيتم استئنافها بعد عيد الأضحى. وأوضح أن الوفد الفلسطيني وضع على جدول الأعمال قضية المعابر وإنشاء مطار وميناء بحري، بينما وضع الجانب الإسرائيلي قضية تبادل الجثث، وتثبيت وقف إطلاق النار بين الطرفين.
وأشار إلى أن الوسيط المصري سيحدد بعد العيد موعد استئناف المفاوضات غير المباشرة بالاتفاق مع الطرفين لنقاش القضايا التي تم وضعها على جدول الأعمال كل على حدة، مؤكدًا أن الجانب الإسرائيلي "لا يملك أن يقول لا لنقاش قضيتي المطار الجوي والميناء البحري". وأضاف الزهار: "المطار الجوي تم بناؤه بعد توقيع اتفاقية أسلو (1993) ودمره الاحتلال بعد الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، والمادة الرابعة من أسلو تؤكد على حق الجانب الفلسطيني ببناء ميناء ومطار، وما نريده من المفاوضات غير المباشرة في القاهرة هو ألا يتعرض الاحتلال الإسرائيلي لهاتين المنشأتين اللتين سنبنيهما نحن". وتابع: "نحن نريد أن نكسر الحصار الإسرائيلي فلا يمكن أن نخضع لعدو يتحكم بالماء والكهرباء والغذاء والدواء وكل شيء نريد أن يكون لنا ممر مائي نستطيع أن نتواصل من خلاله مع العالم ونأتي بكل ما نحتاجه من الخارج، ولا مانع لدينا أن يكون هناك مراقبة محايدة عليه". ولفت إلى أن سفينة "مافي مرمرة" التركية التي حاولت الوصول إلى قطاع غزة، كانت أفضل تعبير عن كسر الحصار الإسرائيلي عن غزة عبر الممر البحري.
وفي سياق آخر، نفى القيادي الكبير بـ"حماس" أن تكون حركته تجري مراجعات داخلية فيما يتعلق بالتفاوض المباشر مع إسرائيل، قائلا: "المراجعات مطلوبة داخل الحركة ولكن مراجعات علاقتنا بالجانب الإسرائيلي غير واردة". وأكد على أن حركة "حماس" معنية أن تكون علاقتها جيدة وقوية مع إيران وغيرها من الدول الإقليمية. وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت حماس، علاقات قوية ومتينة مع النظام الإيراني، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، بـ"محور الممانعة" الذي كان يضم إيران، وسوريا، وحزب الله اللبناني، وحركة حماس، في مقابل "محور الاعتدال"، الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي أطاحت ثورة شعبية بنظام حكمه في عام 2011)، والسعودية والإمارات، والأردن. لكن اندلاع الثورة السورية، عام 2011، ورفض حماس تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن وصلت لقطيعة تامة بين الحركة ودمشق، وشبه قطيعة بينها وبين إيران، وحليفها "حزب الله" اللبناني. ومنذ أن فازت حركة حماس، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في جانفي 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في جوان من العام التالي، واستمرت في هذا الحصار رغم تخلي حماس عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس محمود عباس في جوان الماضي. وبدعوى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، شن الجيش الإسرائيلي حربا على القطاع، حيث يعيش نحو 1.9 مليون نسمة، ما أسقط 2159 قتيلا وأكثر من 11 ألف جريح فلسطيني، بحسب مصادر طبية فلسطينية، فضلاً عن تدمير نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية. فيما أفادت بيانات رسمية إسرائيلية بمقتل 68 عسكريًا، و4 مدنيين إسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيلياً، بينهم 740 عسكريا. وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في 26 أوت الماضي إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع غزة، بشكل متزامن. وفي 23 سبتمبر الجاري أعلنت وزارة الخارجية المصرية على لسان المتحدث باسمها، بدر عبد العاطي، أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ملتزمان بتثبيت التهدئة، وقدما مقترحاتهما لبحث القضايا العالقة، على أن يتم استكمال المفاوضات غير المباشرة في القاهرة خلال النصف الثاني من أكتوبر المقبل.
سالم- أ