دولي

نقاش سياسي بين قادة حماس في الداخل والخارج

من أجل بحث آفاق المستقبل والإعمار والعلاقة مع أبو مازن

 

منذ أيام قليلة شرعت قيادة حركة حماس "المكتب السياسي" العام والفرعي، إضافة إلى "مجلس الشورى" في حوارات ونقاشات معمقة، تدار بطريقة سرية وبعيدة عن الأضواء، بهدف وضع الخطوط العريضة لسياسة الحركة في المرحلة المقبلة، خاصة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، التي تركت أثرا كبيرا ودمارا وقتلا لم يشهد من قبل، مقربون من دوائر صنع القرار بالحركة لم يخفوا صراحة أن آثار الحرب الإسرائيلية لم تكن متوقعة، وأن مرحلة ما بعد الحرب، هي أكثر حساسية وخطورة من ما قبلها وحتى أثنائها

فتحمل الحركة مسؤولية قطاع غزة، أو المشاركة في حكمها حتى، وليس كما يقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس  ومن خلفه حركة فتح، أن حماس شكلت حكومة ظل تدير من خلالها القطاع، وتجعل من حكومة الوفاق الوطني، غطاء على عملها، يجعلها تتحمل مسؤولية تجاه ما حدث من دمار، وخاصة في مرحلة إعادة الاعمار المتوقعة، فالمجتمع الدولي كما رفض بعد العام 2008 التعامل مع حكومة حماس في إعادة الإعمار، سيستمر في ذلك وبشكل متوقع أن يكون أشدا خلال عملية إعادة الإعمار الجديدة والكبيرة للقطاع بسبب الدمار الكبير، وربما يتخذ هذا المجتمع المانح خطوات عقابية ضد حماس، تتمثل في عدم الالتفات إلى غزة، ورفض إعمارها، بذريعة تواجد حماس في الحكم، كل هذه الخطوات التي من شأنها أن تضعف دور الحركة في المقاومة، وتجعلها في مواجهة مع آلاف الأسر المشردة، دفع قيادة حماس حسب ما يرشح من معلومات إلى بدء مرحلة التقييم لما بعد الحرب، وتضع على رأس جدول الأعمار وضع غزة وعملية الإعمار، وكذلك الملف السياسي الفلسطيني والخطوات التي يريد الرئيس عباس اتخذاها مستقبلا، فالحركة في اجتماعات جرت في الدوحة بحضور الأمير تميم بن حمد، وافقت للرئيس أبو مازن على خطته السياسية، لكن الأمر تم بحظر شديد، إذ طلبت أن تكون حاضرة في مراحل التخطيط، وأن يتم إعلامها بكل التفاصيل، قبل الشروع بتطبيقها، وخطة أبو مازن تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 67، في إطار يمتد لثلاث سنوات، بدأت أولى خطواتها بذهاب وفد ليسلم الخطة للإدارة الأمريكية، على أن تتبع الخطوة بالتوجه لمجلس الأمن، في غزة، وحتى الخارج، لم يتم التوصل إلى نقاط اتفاق حتى اللحظة بين قادة حماس، فهناك من طالب بعدم إعطاء غطاء سياسي لأبو مازن، وآخرون تحلوا بعقلانية أكثر، ودعوا لان تستلم حكومة التوافق الوطني كل شيء في غزة، وأن تباشر عملها بحرية كاملة، لكي تكون هذه الحكومة في مواجهة الناس في مرحلة إعادة الإعمار بدلا من الحركة، التي لن تقدر على هذه الخطوة في ظل معاداة المجتمع الدولي والمحيط العربي لها، من حماس من قال ان عضو المكتب السياسي وأهم الشخصيات المؤثرة في الحركة الدكتور موسى أبو مرزوق المقيم في العاصمة المصرية القاهرة، بمفرده من قادة حماس، فضل الوصول إلى غزة والمشاركة في اجتماعات قيادتها، بدلا من المشاركة في حوارات قادة حماس في الخارج، التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة، حماس أيضا في هذه الاجتماعات تناقش خطط العمل في مناطق الضفة الغربية، وتدرس أفق العملية العسكرية التي أودت بحياة ثلاث مستوطنين، في شهر جوان الماضي، والتي كانت بداية الانطلاق الإسرائيلي لشن حملات ضدها في الضفة وغزة، خاصة ورغم أن تنفيذ العملية لم يكن بتخطيط وموافقة كاملة من قادة الحركة، وحماس ومن باب التخفيف من أي ضغط شعبي عليها خاصة في عملية إعادة الأعمار، أعلنت على لسان نائب رئيس مكتبها السياسي ومسؤول نشاطها في غزة إسماعيل هنية عن التبرع بمبلغ 18 مليون دولار، لصالح أصحاب المنازل المدمرة، حيث قال بما يدل على عدم رغبة حماس في تحمل مسؤولية الإعمار وأن الإعمار مسؤولية حكومة التوافق، إضافة إلى ذلك فقد أعادت الحركة إلى الواجهة خلال النقاشات الحالية مستقبل العلاقة مع حركة فتح واتفاق الوحدة، من خلال مخطط سابق ناقشته أطرها بشكل كبير قبل الحرب، ويقوم على فك الشراكة مع فتح، غير أن ما تسرب من معلومات يشير إلى أن قادة كبار بوزن أبو مرزوق عارضوا الفكرة، لما لها من أثر سلبي على عملية الإعمار، والتعاطي الدولي مع قطاع غزة، ما عرف أيضا أن النقاشات لم تصل إلى حلول للعديد من الملفات التي طرحت للنقاش، وربما يشهد الأسبوع المقبل الوصول إلى ذلك، لكن ما عرف أيضا أن لغة القيادة السياسية الوسطية هي التي تسود أجواء الاجتماعات .

ن.ع

من نفس القسم دولي