دولي

حماس تفوقت على الجيش الإسرائيليّ في التفكير العسكري الإبداعي

أبو المفكر الإستراتيجي الإسرائيلي البروفيسور يحزقيل درور:

 

قالت القناة الثانية التجاريّة في التلفزيون الإسرائيليّ، نقلاً عن البروفيسور يحزقيل درور عضو لجنة فينوغراد، والذي يُوصف في إسرائيل بأنّه (أبو الفكر الاستراتيجيّ الإسرائيليّ)، قوله إنّه يتحتّم على حكومة بنيامين نتنياهو أنْ تتخذ أربعة قرارات وتُخرجها إلى حيّز التنفيذ، وهي: الأوّل، يجب تشكيل لجنة تحقيق بعد انتهاء الحرب، الثاني، يجب فحص لماذا فشل سلاح الجو الإسرائيليّ في حسم المعركة في بداية الحرب، الثالث، طالب في التحقيق في تعليمات "هنيبعل" المستخدمة في حال تمّ خطف احد الجنود، والقاضية بقتل الجنديّ وآسريه، لكي لا يكون أسيرًا على قيد الحياة في أيدي التنظيمات الفلسطينيّة، والرابع، فحص أسباب فشل الجيش الإسرائيليّ في حسم الحرب من الضربة الأولى، على حدّ تعبيره.

وأضاف: لا شكّ في أنّه في ختام الحملة العسكرية الحالية ينبغي تشكيل لجنة للتدقيق في جميع أحداث الجرف الصامد، منذ اليوم الأول وحتى اليوم الأخير، مضيفًا: لماذا لم نفهم مسبقًا جوهر الأنفاق، لماذا أعلنا عن انتهاء العملية العسكرية بينما في الواقع لم ينته أي شيء، وكيف كان أداء حلقة الوصل بين الجيش والمستوى السياسي. وتوجد هنا منافسة لا تنتهي بين حماس وبيننا، وعلينا أن نحسن قدرتنا على تعلم الدروس.

وذكر درور أنّ لجنة تقصي الحقائق يجب أن تكون مستقلة وشبيهة بلجنة فينوغراد، مبينًا أنّ خطوة كهذه لا تهدف إلى البحث عن متهمين، واعتمدوا عليّ، فمن تجربتي أنا أعرف أنه لن ينتج عنها الكثير، وإنما من أجل استخلاص دروس حقيقية، لافتًا إلى أنّ هذه يجب أنْ تكون لجنة تقصي حقائق مستقلة، مع قدرة على الوصول إلى جميع المواد وجميع الأشخاص، بهدف استخلاص عبر عميقة. ورأى أنه توجد إخفاقات تكررت في حرب لبنان الثانية وخلال العدوان الحالي على غزة، موضحًا أنّه جرت مهاجمة إسرائيل بالصواريخ طوال أيام، من دون أن يدفع مطلقوها الثمن. وبحسب درور فإنه في كلا الحالتين (الحربين) المهاجم لم يكن المدنيين، لا في لبنان أو غزة، إنما قوات حزب الله وقوات حماس، ولا يبدو أنها تعرضت لضربات شديدة. ولا أستنتج من ذلك أننا لم ننفذ ما هو ممكن، لكن هذا هو الواقع. وهذه مسألة خطيرة وتثير أسئلة ليست بسيطة حول طريقتنا القتالية. كما انتقد عدم توجيه إسرائيل ضربة ساحقة في بداية العدوان على غزة، وأنه خلال الأيام الأربعة الأولى من حرب لبنان الثانية نجحت إسرائيل بصورة رائعة ووجهت ضربة شديدة جدًا لحزب الله، لكن عندها لم تدرس جيدا ما إذا تعين الدخول (في اجتياح بري) أو التوقف وبقينا نراوح مكاننا، وأردف وفي الجرف الصامد في المقابل، فإنّه لا يمكن الإشارة إلى نجاح قويّ ودراماتيكيّ في الأيام الأولى أو إلى انجاز حققناه.

ودعا درور إلى التحقيق في تطبيق الجيش الإسرائيلي لما يسمى "إجراء هنيبعل" الذي يهدف إلى منع أسر جندي إسرائيلي، حتى بثمن قتله سوية مع آسريه. وقال إنّه في حرب لبنان الثانية استُخدم هذا الإجراء أيضًا، وفي حينه حدث هذا في منطقة مفتوحة من دون سكان مدنيين، وهذه المرة في محيط مدينة مأهولة باكتظاظ كبير، لكن في كلا الحالتين الإجراء لم يساعد. وهذا أمر آخر يتعين على لجنة تقصي الحقائق أن تعبر عن رأيها حياله، على حدّ قوله.

في السياق ذاته، قال البروفيسور درور، قال إنّ حركة حماس تفوقت على الجيش الإسرائيلي في كل ما يتعلق بما أسماه التفكير العسكريّ الإبداعيّ. وتابع البروفيسور الإسرائيليّ، كما أفادت صحيفة "هآرتس" العبريّة، تابع قائلاً إنّ الجيش والمؤسسة الأمنية في إسرائيل فشلا فشلاً مُدويًا في تطوير قدراتهما و" التفكير من خارج الصندوق"، على حدّ تعبيره. وعبّر البروفيسور درور عن استهجانه من أنْ يتفوق حماس، التنظيم الصغير والمحدود الإمكانيات من ناحية إبداعية،على إسرائيل ذات القدرات المثبتة في مجال التقنيات الحربية، على حدّ وصفه. علاوة على ذلك، لفت البروفيسور الإسرائيليّ إلى أنّ هناك ما يُدلل على أنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيليّة فشلت في فهم قدرات عناصر حماس القتالية ودور التعصب الديني في إذكاء دوافعهم للحرب.

كما شدد درور على أنّه كان يتوجب على الجيش الإسرائيليّ تفهم البيئة الاجتماعية والعوامل القيمية والواقع التنظيمي والخلفية النفسية لقيادة حركة حماس، مشيرًا إلى أنّ الإحاطة بهذا الواقع غير ممكنة عبر وسائل جمع المعلومات الاستخبارية التقليدية.

وأكد درور على أنّ نجاح إسرائيل في ردع حماس لا يمكن أن يتسنّى دون معرفة جملة المحددات المؤثرة على توجهاتها، مستذكرًا حديث الساسة الإسرائيليين الذين اعتبروا استعادة الردع في مواجهة حماس هو الهدف الرئيسيّ للحرب على القطاع. وأوضح درور أيضًا أنّ الحكومة الإسرائيلية ارتكبت خطأً كبيرًا عندما اعتقدت أنّه بإمكانها تحقيق هدف تفكيك حماس من سلاحها وجعل قطاع غزة منزوع السلاح عبر المفاوضات، لافتًا إلى أنّ تحقيق هذا الهدف يتّم عبر إعادة احتلال القطاع والمس بقيادات حركة حماس. وتساءل البروفيسور الإسرائيليّ: ماذا كنّا سنفعل في حال تعرضنا لتحديات إستراتيجية أكثر خطورة، مثل انهيار استقرار نظام الأردن، وتداعيات ذلك الكارثية، وما يمكن أن يتبعه أو في حال نشب صراع مع إيران نووية، وغيرها من التحديات، على حدّ تعبيره.

محمد- د

من نفس القسم دولي