دولي

“تجديد الهدنة” بقطاع غزة هي المعركة القادمة للوسيط المصري في مفاوضات التهدئة

تنتهي مع آخر ساعات اليوم

دخلت أمس المفاوضات التي ترعاها القاهرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منعطفا جديدا، قد يجعل المعركة القادمة التي تخوضها الوساطة المصرية هي محاولة التوصل إلى هدنة جديدة بين الجانبين، قبل انتهاء الهدنة الثانية الجارية حاليا، مع آخر ساعات اليوم الأربعاء.

محمد- د

وفي وقت سابق من يوم أمس وصل إلى القاهرة الوفد الإسرائيلي قادما من تل أبيب لاستئناف المفاوضات بعد أن غادر القاهرة أمس لإطلاع كبار المسؤولين في إسرائيل على نتائج المفاوضات. وبينما كان الهدف من الهدنة الثانية هو محاولة التوصل لاتفاق نهائي لوقف إطلاق النار، انطلاقا من تنفيذ المطالب الفلسطينية، والتي يرى أعضاء الوفد الفلسطيني أن عدم تحقيقها يجعل الأجواء مهيأة دائما لتجدد الصراع، فإن التصريحات الصادرة، لاسيما من الجانب الفلسطيني، تشير إلى أن بعض هذه المطالب لا تزال تصطدم بالرفض الاسرائيلي، وهو ما قد يجعل المعركة القادمة التي تخوضها الدبلوماسية المصرية هو محاولة منح المفاوضات “قبلة الحياة” عبر محاولة إقرار هدنة ثالثة.

الجانب الفلسطيني من جانبه، استبق المحاولات المصرية، وخرجت تصريحات عن أكثر من عضو بالوفد الفلسطيني تشير إلى أنهم لن يقبلوا بـ “هدنة ثالثة” إذا لم تسفر جولة اليوم (أمس) من المفاوضات عن نتائج ملموسة. وقال قيس عبد الكريم، عضو الوفد الفلسطيني، “لا تزال هناك فجوة واسعة في مواقف الطرفين”، وأضاف “جولة اليوم من المفاوضات هي الأخيرة والحاسمة، ونحن أبلغنا الجانب المصري بأن هذه الهدنة هي الأخيرة بالنسبة لنا”. وتكرر نفس المعنى في تصريح لـ “خالد البطش”، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، وأحد أعضاء الوفد الفلسطيني، والذي قال لوكالة الأناضول: “إسرائيل مازالت تماطل، ومضمون ما تقدمه في المفاوضات الجارية لا يرتقي إلى تحقيق مطالبنا، وإذا طلبت تمديد التهدئة مرة ثالثة لن نقبل”. وعبر موسى أبو مرزوق القيادي بحركة حماس وعضو الوفد الفلسطيني هو الآخر عن نفس المعنى، وقال في تغريده له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، اليوم، “نحن أمام مفاوضات صعبة، مرت التهدئة الأولى دون إنجاز يذكر، وهذه هي التهدئة الثانية والأخيرة، والجدية الآن واضحة، والمطلوب أن يحقق الوفد ما يأمله الشعب”.

ويطرح الوفد الفلسطيني في مفاوضات القاهرة عده مطالب من بينها إنشاء الميناء والمطار، إلى جانب وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وفك الحصار بكل ما يترتب عليه من فتح المعابر، وحقوق الصيد البحرى بعمق 12 ميلاً بحريًا، وإلغاء ما يسمى بالمنطقة العازلة المفروضة من إسرائيل على حدود القطاع، وإطلاق سراح أسرى “صفقة شاليط” الذين تم إعادة اعتقالهم في جوان الماضي، ونواب المجلس التشريعى، وكذلك الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو، وإعادة إعمار قطاع غزة.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أمس أبدت تل أبيب خلال المفاوضات الموافقة على إدخال 600 شاحنة يومياً (بدلاً من 250 كما كان متعارفا عليه من قبل) إلى غزة من خلال معبر كرم أبو سالم، وزيادة عدد التصاريح للمسموح لهم بالخروج من غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية، من خلال معبر بيت حانون، شمال القطاع، والتوسيع التدريجي للصيد في بحر غزة يبدأ من 6 أميال (علماً أن الجانب الفلسطيني يطالب بـ12 ميلا ). كما وافقت إسرائيل على دخول مواد البناء إلى غزة “تحت رقابة عن قرب” لمنع استخدامها من قبل حركة حماس في بناء الأنفاق، وتوسيع قائمة الأشخاص المسموح لهم بالتنقل بين غزة والضفة الغربية، والموافقة على نقل الرواتب للموظفين الذين عينتهم حماس خلال توليها الحكومة في غزة، وذلك من خلال طرف ثالث لم يحدَّد بعد.

ويرى الجانب الفلسطيني أن كل ذلك لا يحقق مطالبهم التي جاءوا للتفاوض من أجلها، والتي يبدو أن إسرائيل حتى هذه اللحظة غير عازمة على تنفيذها، وهو ما دفعها إلى استباق انتهاء الهدنة الثانية بالإعلان عن استعدادها للموافقة على هدنة ثالثة تسمح بالدخول في جولة جديدة من المفاوضات.

وقال أمس مصدر إسرائيلي مقرب من الوفد الإسرائيلي، إن “إسرائيل ليس لديها مانع في تمديد الهدنة، كما أنها تبدى مرونة فيما يخص الاحتياجات الخاصة بغزة، سواء المعابر أو إدخال شاحنات توفر تلك الاحتياجات”.

واشترط المصدر لتنفيذ هذا المطلب أن تكون “السلطة الفلسطينية موحدة في قطاع غزة وبسلاح موحد”، وهو ما يعني “نزع سلاح المقاومة” وهذا من “الثوابت التي لا تقبل النقاش” لدى الوفد الفلسطيني، كما قال زياد النخالة مساعد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي وعضو الوفد الفلسطيني في وقت سابق لوكالة الأناضول. وفي ظل هذه “الفجوة الكبيرة بين الطرفين”، كما وصفها قيس عبد الكريم، تبدو هناك صعوبة على الأقل اليوم في التوصل لاتفاق يضمن وقف نهائي لإطلاق النار في قطاع غزة، ومن ثم قد تكون المعركة القادمة هي محاولة إقناع الجانب الفلسطيني بتغيير رأييه والقبول بهدنة ثالثة.

وتشن إسرائيل حربا على قطاع غزة، تسببت في سقوط 1940 شهيدا فلسطينياً، وإصابة قرابة عشرة آلاف آخرين، فضلاً عن تدمير وتضرر 38086 منزلاً سكنيًا، ومقرات حكومية، ومواقع عسكرية في غزة، بحسب أرقام رسمية فلسطينية. ووفقًا لبيانات رسمية إسرائيلية، قُتل في هذه الحرب 64 عسكريًا و3 مدنيين إسرائيليين، وأصيب حوالي 1008، بينهم 651 عسكرياً و357 مدنياً. بينما تقول كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إنها قتلت 161 عسكريا، وأسرت آخر.

واُستؤنفت يوم الإثنين، المفاوضات غير المباشرة بين وفدين فلسطيني وإسرائيلي، برعاية مصرية في القاهرة، وذلك بعد أن وافق الطرفان، الأحد، على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة دخلت حيز التنفيذ مع بداية الساعات الأولى ليوم الإثنين الماصي.

من نفس القسم دولي