دولي

إسرائيل تسحب قواتها البرية من غزة هربا من نيران المقاومة

خبراء ومحللون:

 

يرى خبراء ومحللون أن قرار إسرائيل إعادة انتشار قواتها البرية في غزة ما هو إلا هروب من النيران. وحذر البعض من أن تل أبيب تسعى إلى إعادة التمركز بما يسمح لجيشها بالانتقام ومحاولة إقامة شريط عازل على حدود القطاع.

و يتفق محللون فلسطينيون على أن هروب إسرائيل إلى خطوات أحادية الجانب في عدوانها على غزة يعكس فشلا عسكريا بالدرجة الأولى، مؤكدين أنه لا يمكن أن ينقذ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو نفسه من الاتفاق مع حركة حماس. وتزايد في الأيام الأخيرة الحديث الإسرائيلي عن إعادة الانتشار أو تمركز قوات الاحتلال على حدود غزة، مع الاستمرار العدوان وخاصة الغارات الجوية، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

ووفق المحلل السياسي لصحيفة هآرتس، فإن قرار مجلس الوزراء المصغر (كابينيت) بالسعي لوقف إطلاق نار من جانب واحد هو الجزء الأول والسهل نسبياً من قرار إنهاء الحرب، بينما الجزء الثاني والصعب هو العملية السياسية التي تلي وقف إطلاق النار. وأضاف راك رافيد أنه بدلا من مفاوضة حماس بوساطة مصرية من أجل وقف إطلاق النار وتسجيل إنجازات لحماس، تسعى إسرائيل إلى إيجاد حل آخر من خلال استغلال "شراكة المصالح" التي نتجت بينها وبين دول في المنطقة.

 

وبينما يجزم خبير فلسطيني بهزيمة إسرائيل، ويطالب الرئيس الفلسطيني بتوجيه رسالة مباشرة لمصر والسعودية بعدم خذلان الشعب الفلسطيني، قال محلل سياسي آخر إن النخبة في إٍسرائيل تؤمن أن تحقيق الهدوء لا يمكن أن يتحقق إلا باتفاق سياسي. في تفسيره للانسحاب من طرف واحد أو إعادة التمركز، يقول اللواء الفلسطيني المتقاعد يوسف الشرقاوي إنه في هذه الحالة يحمل معنى واحدا "الهروب من النار". وأوضح أن هذه الخطوة لا تعني عسكريا نهاية العدوان، ولا تسمح بوقف النار، بل الاستمرار في الانتقام ومواصلة الغارات الجوية، وربما محاولة إقامة شريط عازل على حدود قطاع غزة، وهو ما لا تسمح به المقاومة. وقال الشرقاوي إن اللجوء لهذا الخيار يعكس فشل الاحتلال في التصدي للمقاومين على الأرض، والفشل الذي وصلت إليه المؤسستان العسكرية والسياسية في إسرائيل، مضيفا أن الاحتلال اضطر للانسحاب من طرف واحد لعدم قدرته على تحمل مزيد من الخسائر من جهة، وللهروب من توقيع اتفاق مع فصائل المقاومة وحركة حماس من جهة ثانية. واعتبر الخطوة الإسرائيلية استجابة لنصيحة مصرية لتجنب توقيع اتفاق مع حركة حماس بهدف كسر شوكة الأخيرة، مضيفا أن "غطاء" من بعض الأنظمة العربية "منح إسرائيل حرية الإيغال في دماء الغزيين".

وشدد الشرقاوي على أن النصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية فرصة حقيقية لوحدة فلسطينية يخرج فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويتبنى شروط المقاومة، ويعلن صراحة من هو الطرف الذي يحاصر غزة، ويحمل مصر صراحة مسؤولية ما سماه "التواطؤ" مع الاحتلال. وفي المقابل، أوضح اللواء المتقاعد أن عمليات المقاومة ستستمر وستخرج لهم حماس من الأنفاق التي فشل في تحقيق هدف تدميرها.

 

وشدد الشرقاوي على أن الموقف العسكري حتى اللحظة يميل بشكل واضح لصالحة المقاومة، فأنفاقها وقيادتها وصواريخ وقوتها النارية وكل ما تحت الأرض بخير ولم يمس، معتبرا سقوط الآلاف بين شهيد وجريح بأنه "استحقاق طبيعي للنصر رغم قساوته".

لكن الخبير الفلسطيني لفت إلى محاذير سياسية تتعلق بلعبة المحاور بين داعم للمقاومة ومتواطئ عليها، وهي -برأيه- أكبر مهدد لإنجاز المقاومة.

من جهته، اعتبر المحاضر المختص بالشأن الإسرائيلي بجامعة القدس الدكتور محمود محارب أن الانسحاب الأحادي ينظر إليه في إسرائيل على أنه فشل واضح، وإخفاق في تحقيق الأهداف التي حددتها قيادة الحرب. وأضاف أنه رغم سلسلة المجازر المتراكمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال واستهداف المدنيين، فإن هدف إعادة الهدوء للمدن والبلدات الإسرائيلية لم يتحقق، والكلمة الفصل فيه لفصائل المقاومة التي تصر على تحقيق شروطها لوقف النار. وقال محارب إن النخبة في إسرائيل مقتنعة بأن الخسائر التي تكبدها الجيش وخشيته من دخول مراكز المدن والتجمعات السكانية في قطاع غزة، أربكت القيادة الإسرائيلية، ودفعتها إلى البحث عن حل أحادي واستمرار القصف من الجو. ومع ذلك، يشدد على أن الموقف العربي والدولي الرافض للعدوان ورفع الحصار، سيدفع حكومة الاحتلال إلى الذهاب للقاهرة. وخلص إلى أن نخبة المجتمع الإسرائيلي وسكان الجنوب بشكل خاص يدركون أن المقاومة لا يمكن أن تخضع للاحتلال، وأن على حكومتهم إذا أرادت وقف إطلاق النار، أن تتوصل لاتفاق سياسي مع حماس، وهو ما يتطلب رفع الحصار عن غزة.

أنور- س

من نفس القسم دولي