دولي

إسرائيل تستجدي كيري لإيجاد مخرج عبر قرار أممي يحقق لها مكاسب سياسيّة

بعد فشلها في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض

جنرال إسرائيلي: أحترم مقاتلي حماس فقد أعدّوا أنفسهم جيدا للمواجهة

مقتل وجرح 31 جنديا إسرائيليا في معارك أمس 

 

بعد مرور أكثر من أسبوعين على بدء العدوان الهمجي ضد قطاع غزة والصمود الأسطوري لفصائل المقاومة الفلسطينية بدأت تتعالى في إسرائيل أصوات تتحدث عن ضرورة وقف الحرب بعد أن بالأمس القريب تقول بصوت عال إنها تريد القضاء على حماس نهائيا.

محمد- د

إنها المرّة الأولى في تاريخ الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، التي تقبل فيها إسرائيل مبادرة وقف إطلاق النار مرتين، في حين ترفضها المقاومة الفلسطينيّة، وتصر على تحقيق كل شروطها ومطالبها. 

يذهب العديد من المُحللين في الصحافة العبريّة على أن هذه الحرب ستُقرر مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي لم يتمكن جيشه حتى اللحظة من تحقيق أي إنجاز يُذكر، سوى قتل وقتل الفلسطينيين العزل في قطاع غزّة.

وفي هذا السياق، نقل مراسل الشؤون السياسيّة في صحيفة هآرتس العبريّة باراك رافيد، عن مصادر وصفها بأنّها عليمة جدًا في تل أبيب قولها إنّه بعد مرور أكثر من أسبوعين من العدوان على قطاع غزة، وبعد أنْ بات أكيدًا أنّ إسرائيل أخفقت في حسم المعركة أوْ حتى ترجيح الكفة لصالحها، بدأ المستوى السياسيّ بقيادة نتنياهو يبحث عن مخرج من المأزق، وشدّدّت المصادر عينها، على أنّ أحد السيناريوهات المطروحة على الطاولة هو انتزاع قرار من مجلس الأمن الدوليّ، على شاكلة القرار 1701 التي اتخذّه المجلس عينه، والذي أدّى إلى وضع حرب لبنان الثانية في العام 2006 أوزارها. بكلمات أخرى، فإنّ تل أبيب، بمساعدة حلفائها من الغرب والعرب، تسعى إلى تحويل التوازن القائم في ميدان المعركة إلى انتصار سياسيّ. ولفت المراسل إلى أنّ حكومة نتنياهو تدرس نسخ سيناريو وقف عدوان عام 2006 بصيغة فلسطينيّة حيث يتّم استصدار قرار من مجلس الأمن يضمن تحقيق الأهداف التي عجزت إسرائيل عن تحقيقها بالقوّة العسكريّة المُفرطة التي استخدمتها في الحرب، فقد بات واضحا أن سلاح الجو لم يتمكّن من حسم المعركة، في حين أنّ العملية البريّة أدخلت جيش الاحتلال إلى المصيدة التي أعدّتها المقاومة الفلسطينيّة باعتراف من قادة تل أبيب. وفجأة، وصل أمس جون كيري، وزير الخارجيّة الأمريكيّ إلى الدولة العبريّة على أمل في دفع الحلفاء للموافقة على الاقتراح الإسرائيليّ، ولفتت الصحيفة العبريّة إلى أنّ الدول التي تُشارك في المساعي الدبلوماسيّة هي: الولايات المتحدة، مصر، قطر، تركيا،النرويج، الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من الدول الأوربية، وأنّ هذه المساعي لم تُفضِ لبلورة صيغة لإنهاء الحرب، بل العكس هو الصحيح، فكثرة الطباخين أفسدت الطبخة، كما يقول المثل. ونقلت الصحيفة أيضًا عن مصادر مطلعّة قولها إنّ اللقاء الذي عُقد بين رئيس السلطة، محمود عبّاس، وبين رئيس الدائرة السياسيّة في حماس، خالد مشعل، انتهى بالفشل، ذلك أنّ الأخير رفض جميع المقترحات التي قدّمها عبّاس. علاوة على ذلك، أقرّت المصادر ذاتها، بحسب الصحيفة، أنّ الحكومة الإسرائيليّة أصبحت على دراية وعلى علمٍ بأنّ ما كان في الماضي لم يعد ممكنًا في هذه الأيّام، مضيفةً أنّ العديد من الوزراء في المجلس الوزاري المُصغّر للشؤون الأمنيّة والسياسيّة باتوا مقتنعين في الأيام الأخيرة بأنّ السيناريو الذي اعتادوا عليه، وهو إجراء مفاوضات غير مباشرة مع حماس بوساطة مصريّة والتوصل في نهاية المطاف إلى صفقة لوقف إطلاق النار، لم يعد فعالاً، وأنّه يتحتّم البحث عن خطة بديلة للخروج من الحرب، خطة من النوع الذي تجد حماس صعوبة في رفضها، على حدّ قول المصادر. من جهته قال كبير المحللين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم بارنيع، أنه لن تفضي أيّة عملية عسكريّة جويّة أوْ بحريّة أوْ بريةّ إلى حلٍّ، ويُمكن أنْ يضمن تغيير توجه أساسيّ فقط نحو غزة ما يريده الجميع وهو الهدوء، على حدّ تعبيره.

في سياق ذي صلة قال الجنرال في الاحتياط، افيغدور كهلاني، الذي يُعتبر في الدولة العبريّة من أبرز الخبراء العسكريين لخدمته الطويلة في جيش الاحتلال، قال في حديث خصّ به إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس إنّ المعارك الشرسة التي يخوضها الجيش الإسرائيليّ شرق قطاع غزة لم يعرف لها الجيش مثيل على مر التاريخ، مشدّدًا على أنّها الأكثر تعقيدًا، على حدّ تعبيره. وتابع قائلاً إنّ المقاومة الفلسطينيّة، التي نعتها بالعدو، في الشجاعية وشرق غزة فاجأتني. وزاد قائلاً في معرض ردّه على سؤال: أنا أعرف كيف احترم عدوي، أنا لا احترمه لأنّه يريد قتلي ولكن احترم العقيدة القتالية لمقاتلي حماس الذين خاضوا تدريبات طوال الفترة الماضية واعدّوا أنفسهم جيدًا لهذه المواجهة وهم يطبقون الشعار الذي ترفعه الحركة وهو الاستعداد للتضحية والفداء من أجل تحقيق الغاية.

في سياق متصل أفادت مصادر مطلعة بمقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة 12 آخرين في معارك الساعات الأخيرة في غزة، فيما أعلنت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس عن إصابتها طائرة إسرائيلية وإطلاقها 96 صاروخا وصل بعضها إلى تل أبيب، في حين ذكر الجيش الإسرائيلي أمس الثلاثاء أنه حدد هوية جثث ستة من جنوده، لكنه لم يتأكد بعد من فقدان الجندي شاؤول آرون الذي أعلنت المقاومة أنها أسرته.

وتأتي الخسائر الإسرائيلية الجديدة بعد يوم من اعتراف الجيش الإسرائيلي بمقتل الرقيب أول في سلاح المظليين أفيتار ترجمان، ليرتفع عدد قتلاه إلى 31 منذ بدء معركته البرية ضد قطاع غزة قبل خمسة أيام، وذكرت لجان المقاومة أن عدد الإصابات في صفوف القوات الإسرائيلية تجاوز مائتي جندي، وأن أكثر من مائة منهم لا يزالون يتلقون العلاج. وفي ساعة مبكرة من صباح أمس أعلنت كتائب القسام أن وحدة 

الدفاع الجوي التابعة لها استهدفت طائرة حربية إسرائيلية من طراز إف16 بصاروخ أرض جو في سماء منطقة دير البلح، وأكدت أنها تمكنت من إصابتها. كما أعلنت كتائب القسام على موقعها الإلكتروني أنها دمرت دبابة ميركافا4 أثناء توغلها شرق حي التفاح، مما أسفر عن مقتل وإصابة طاقمها. وأكدت أنها أطلقت 96 قذيفة صاروخية على إسرائيل طوال يوم الثلاثاء، وأن من بين أهدافها مدينة تل أبيب وقاعدة سيديتمان اللوجستية وموقع زيكيم العسكري. كما ذكرت أنها نسفت آلية عسكرية شرق حي التفاح، مما أدى إلى تدميرها بالكامل، واستهدفت قوة راجلة شرق جحر الديك، وقنصت جنديا شمال بيت حانون، مؤكدة "إصابته إصابة قاتلة".

من نفس القسم دولي