الوطن
الرئيس بوتفليقة بين الحفاظ على استقرار الجبهة الاجتماعية أو الانفجار
بعد انتهاء هدنة النقابات مع الحكومة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 20 أفريل 2014
بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية وفوز الاستمرارية على التغيير، خرجت العديد من النقابات المستقلة لتهنئ الشعب الجزائري والرئيس عبد العزيز بوتفلقية بفوزه مذكرة أنها تقف مع الرئيس، فهل سيكون الرئيس واقفا مع هذه النقابات، ويحقق ما وعد به من خلال خطابات المكلفين بحملته الانتخابية، خاصة فيما تعلق بقطاع السكن وكذا قطاع الشغل وتطوير قطاع الصحة والتربية والتعليم العالي؟؟ وهو السؤال الذي يطرح في المرحلة المقبلة.
عرفت الجبهة الاجتماعية خلال الفترة الأخيرة هدوءا نسبيا مكن من السير الحسن للانتخابات الرئاسية كما كانت تتمناه السلطة تماما، وأفرزت هذه الرئاسيات فوز الرئيس بوتفليقة ليخرج مدير حملة الرئيس عبد المالك سلال ويطل على الجزائريين وكل من صوت لصالح بوتفلقية وكذا النقابات التي دعمته خلال حملته الانتخابية بالتأكيد أن الرئيس سيحقق كل ما وعد به خلال الحملة الانتخابية. ومن أهم هذه الوعود هو ملف السكن وبالتحديد سكنات عدل الذي كان وزير القطاع عبد المجيد تبون قد سبق، وأكد أن المكتتبين الجدد سيتم استدعائهم خلال شهر ماي المقبل من أجل تسديد الشطر الأول من تكلفة المسكن، كما اكد سلال في تطمين صريح للجبهة الاجتماعية وتمديدا للهدنة الضمنية التي عقدت مع السلطة أن الرئيس بوتفلقية سيبدأ برنامجه الخماسي الجديد، بتسريع وتيرة الانجازات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز الصرح المؤسساتي للبلد من خلال قوانين مطابقة للتحولات المستقبلية، مضيفا أن "الحكومة المقبلة تحت رئاسة بوتفليقة ستواصل العمل أكثر في جميع الميادين"، مشيرا على سبيل المثال إلى تدعيم البنى التحتية وحل مشكل السكن والبطالة علاوة على برامج جديدة تخص الشباب سيما في مجال المقاولات العامة والخاصة، ولعل هذه الوعود هي نفسها التي سبق للسلطة تقديمها خلال اجتماعات الثلاثية التي لم ترى نتائجها النور إلى غاية الآن، وهو التحدي الذي تواجهه السلطة خاصة وأن بعض النقابات بدأت ومن الآن بالتهديد للعودة للإضرابات منها نقابات التربية والصحة، وكذا عقود ما قبل التشغيل وأصحاب الشهادات الجامعية التطبيقية كل هؤلاء يمثلون عقبة في طريق شراء السلم الاجتماعي في الفترة المقبلة.
الحرس البلدي.. ملف ثقيل
استطاعت السلطة في الجزائر من احتواء الحركة الاحتجاجية والمسيرات التي كان ينظمها أفراد الحرس البلدي منذ انطلاقتها قبل حوالي سنتين من الآن، وهذا من خلال اطلاق العديد من الوعود فيما يخص تسوية وضعيتهم من كافة النواحي، ولكن هذه الفئة لم تر لحد الساعة غير الكلام والوعود التي تقدمها وزارة الداخلية من يوم لآخر فيما يخص تحقيق مطالبهم، المتمثلة اساسا في الاعتراف بالمجهودات والتضحيات التي قدمها هؤلاء في العشرية السوداء التي كادت تعصف بالجزائر، اين وقفوا في وجه الارهاب وسقط الكثير من الضحايا في ميدان الشرف، ليبقى هؤلاء بدون وضعية واضحة وحقوق مهضومة حسبهم. ومع تصعيد موقفهم في الاونة الاخيرة وتزامنها مع الحلمة الانتخابية اين ارتأت السلطة عقد صفقة معهم من خلال مطالبتهم بالعدول عن مسيراتهم واحتجاجاتهم مقابل تلبية مطالبهم بعد الانتخابات الرئاسية، التي جدد فيها الحرس البلدي موقفه بعدم دعم أي مرشح معين رغم ما قيل بأن تنسيقية الحرس البلدي تدعم المرشح بوتفليقة الذي اظهرته النتائج أول أمس رئيسا للجزائر.
أفراد التعبئة... أين الحل؟؟
ملف آخر ارهق كاهل السلطة كثيرا وهو افراد التعبئة والذين بين الفينة والأخرى يظهرون من جديد، رافعين جملة من المطالب لوزارة الدفاع تتمثل اساسا في المطالبة بحقوقهم نظير ما عانوه فترة التسعينات وهم اللذين تم استدعاؤهم من اجل التصدي ومحاربة الإرهاب ما جعلهم يلبون نداء الوطن في المقام الأول غير أن هذه الفئة بقيت متجاهلة من طرف السلطة، لتقوم بتأسيس تنظيم وتعيين ممثلين عنهم من أجل المشاورات مع السلطات المعنية بشان حقوقهم، ما جعلهم في الكثير من المرات يعتصمون وينظمون مسيرات قادمين من شتى ولايات الوطن من اجل الضغط والحصول على مطالبهم والمتمثلة في المقام الاول بكشف وضعيتهم وحققوهم لمالية نظير مساهمتهم في التصدي للإرهاب في العشرية السوداء خاصة مع ذهاب العديد منهم كضحايا هذه الفترة. هذه الفئة هي الاخرى قامت بتنظيم اعتصام امام البريد المركزي أسبوعا قبل الانتخابات، وحتى البعض منهم دخلوا في اضراب عن الطعام من اجل الضغط اكثر على المسؤولين، غير أن السلطة عرفت كي تفض هذا الاعتصام مقدمة وعودا اخرى ستحلها بعد انقضاء الرئاسيات، ليبقى الملف هو الآخر مفتوحا إلى اشعار آخر.
التربية... متاهة أخرى
يبقى قطاع التربية في الجزائر شوكة في حلق السلطة والذي يشكل أكبر تنظيم احتجاجي في الجزائر، فبمجرد اعلان نقابة معينة من هذا القطاع عن إضراب حتى تشل جل المؤسسات التربوية عبر ربوع الوطن وهذا راجع إلى قوة التنظيم النقابي في قطاع التربية. ملف المستخدمين العموميين الزيادة في الأجور الخدمات الاجتماعية كلها مواضيع ستعود لتطفو إلى السطح مجددا بعد انتهاء الرئاسيات، لتشكل من جديد وجع رأس وهذا بسبب ضعف التسيير من طرف الوزارة الوصية مع نقابات التربية، التي تترك دائما باب الحوار مفتوحا من اجل حل المشاكل المتعلقة بهذا القطاع، والذي دائما ما عانى من الاحتجاجات منذ عهد الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد ليعيش نفس الوضعية مع الوزير الحالي عبد اللطيف بابا أحمد أن لم نقل زاد الوضع تأزما ليدفع في الاخير التلميذ الفاتورة غالية وما الاضراب الأخير للأساتذة والذي دام شهرا كاملا إلا دليل على حالة التسيب في هذا القطاع.
ملفات أخرى...
وبين هذا وذاك تنتظر الفائز بالرئاسيات عبد العزيز بوتفليقة والغير جديد على قصر المرادية وهو الذي لبث فيه 15 سنة، يدرك ما ينتظره من ملفات ثقيلة لم يوجد لها حل منذ سنوات، خاصة على الصعيد الاجتماعي هذه الجبهة التي تبقى دائما ملتهبة من إضرابات إلى اعتصامات إلى مسيرات وكل امور يمكن أن تعصف بالبرنامج الذي نادى به وكلاؤه، والثقة التي وضعها فيه الشعب من جديد والذي منحه 81% من الأصوات. كل هذا يجعل الحكومة الجديد تعمل على ايجاد العديد من الحلول للمشاكل التي يواجهها المجتمع الجزائري وفي مقدمتها السكن وملفات "عدل 1" العالقة من 2012، اضافة "عدل 2" والتي وعد بها الوزير عبد المجيد تبون، كما أن القطاعات الاخرى لا تخلو من العديد من النقائص التي وجب تداركها قبل فوات الاوان، لان الشارع اصبح يشكل من الخطورة بمكان، وصداعا حقيقا للسلطة التي تسعى دائما لشراء السلم الاجتماعي عبر حلول ترقيعية وليس إيجاد حل جذري للمشاكل الاجتماعية العالقة.
س. زموش