محلي

تدهور شبكة الطرقات زاد من عزلة عين نحالة

تلمسان

 

لم يشفع لعين نحالة موقعها على الحدود الإدارية بين ولايتي سيدي بلعباس وتلمسان أن تحظى ببرنامج تنموي يليق بمكانتها وكرامة أهلها، والأكثر من ذلك أن البلدية هذه التي توجد في أقصى شرق عاصمة الولاية تلمسان وعلى بعد ما يقارب نحو 50 كيلومترا من هذه الأخيرة أن تحظى ببرنامج خاصة لتهيئة الطرقات، وساهم ذلك أكثر في عزلتها، ورغم توفرها على شبكة طرقات تربطها بأقرب التجمعات السكانية المجاورة إلا أنها مهترئة خاصة الطريق الولائي رقم 6 والذي يربطها بعاصمة الدائرة عين تالوت على مسافة نحو 18 كيلومترا وهو الشريان الوحيد الذي يمكن لسكانها التنقل إلى باقي جهات الولاية لا سيما مدينة تلمسان، خاصة أن هذا المحور مرتبط بالطريق الوطني رقم 7 الذي يعتبر أهم طريق وطني بغرب البلاد والذي يربط عدة ولايات، وتزداد صعوبة الشبكات الأخرى وبشكل أكبر الطريق الذي يربط عين نحالة ببلدية حاسي زهانة ومنها إلى سيدي بلعباس. ورغم أن طوله لا يتجاوز 4 كيلومترات إلا أن المرور عبره يكاد يكون بمثابة المغامرة على الأشخاص والمركبات على حد السواء لا سيما أن هذا الطريق الذي يعود انجازه إلى الفترة الاستعمارية يعاني تواجد حفر بعمق عدة سنتيمترات تكاد تجاور الحفرة الأخرى ما يتسبب في وقوع حوادث مميتة لا سيما في فصل الشتاء وما الحادثة الأليمة التي وقعت منذ سنتين فقط اثر انقلاب سيارة نفعية وأدت إلى هلاك ستة أشخاص من عائلة واحدة بما في ذلك الوالدين وأبناءهما الأربعة إلا تأكيدا لذلك، وهي الحادثة التي كانت وراء تعجيل السلطات المحلية بالولاية إلى تأهيل مختلف شبكات طرقات البلدية والأكثر من ذلك إعادة تصنيفها وجعلها تتماشى مع المقاييس وتم الموافقة على ذلك من خلال ترسيم أهم طريق بالبلدية ليكون طريقا وطنيا بامتياز يتوفر على كافة القوانين لا سيما إشارات المرور وغيرها، ومن شأن هذه التوجيهات والقرارات الرسمية التي جاءت من أعلى المستويات والتي تم تأكيدها خلال آخر دورة للمجلس الشعبي الولائي السنة المنصرمة أن تخفف الضغط على السكان ويقربهم أكثر إلى ما يسمى بالتنمية أو على الأقل بجزء يسير منها خاصة أن الأمر أصبح ضروريا بالنظر إلى مشاكل أخرى نتجت عن تدهور هذه الشبكات من الطرقات وفي مقدمتها أزمة النقل التي تعرفها المنطقة حيث تعتبر عين نحالة البلدية الوحيدة بالولاية من أصل 53 بلدية التي لا ترتبط بخط لنقل المسافرين بعاصمة الولاية تلمسان، ما يجعل السكان ملزمون على التنقل إلى عين تالوت كمرحلة أولى وباستعمال سيارات الكلونديستان ومن ثمّ التنقل إلى تلمسان أو الدخول إلى إقليم ولاية سيدي بلعباس للظفر بمقعد في حافلات النقل ما بين الولايات التي تربط الولايتين معا والمهمة في كل الأحوال ليست سهلة خاصة لأولئك الملزمين بتطبيق مواعيد هامة ومصيرية كفحوصات طبية أو إيداع ملفات إدارية لا تتم إلا في عاصمة الولاية ومشكلة النقل إحدى أهم المشاكل المستعصية ليس على السكان فحسب بل وعلى مستوى مديرية النقل أيضا حيث أكدت هذه الأخيرة أنها تفتح سنويا مجالا للناقلين الخواص من أجل الاستفادة من خطوط ورخص العمل على الخط الرابط بين عين نحالة وتلمسان إلا أن المستثمرين الخواص يعزفون عن ذلك لذات الأسباب المذكورة بل وأنهم يرفضون المجازفة بحياتهم وحياة الآخرين وأيضا تخوفا من اهتراء أو أعطاب تصيب حافلاتهم نتيجة اهتراء شبكة الطرقات بالجهة.                     

 

التمدرس... مظاهر بدائية

 

عند زيارة مختلف المدارس التربوية في الطور الابتدائي المتواجدة عبر تراب البلدية أول ما يتم ملاحظته ذلك الاهتراء الكبير في هياكلها فبعض الأقسام لا تتوفر على أجهزة تدفئة رغم إصرار الوزارة الوصية على توفرها بكل المدارس حفاظا على حياة التلاميذ ومن أجل فسح المجال لهم من أجل الدراسة في ظروف جيدة ومدارس أخرى لا تتوفر على طقم تعليمي يتكفل بالتدريس، حيث يضطر عدد من المعلمين المنصبين إلى الاستقالة بمجرد مرور أيام قليلة وعلى أقصى تقدير بضعة أسابيع من تنصيبهم بداعي بُعد المسافة وأيضا صعوبة العمل في هذه الظروف القاسية خاصة في فصل الشتاء الذي تعاني فيه المنطقة من عزلة كبيرة نتيجة الأمطار الغزيرة والثلوج التي تتهاطل عليها بشكل شبه سنوي ما يزيد من تدهور الوضع ويعترف التلاميذ أيضا أن بعض الأقسام تضم تلاميذ من عدة مستويات فقد يكون تلاميذ الصف الرابع والخامس يدرسون في نفس القسم لذات الأسباب وأحيانا لأسباب تتعلق بغياب الحجرات ومقاعد الدراسة ومحدودية عدد المؤطرين ويضاف إلى كل هذا عوامل تاريخية ساهمت في تدهور التمدرس بالجهة ومنها الانتشار العشوائي للسكنات في عدة نقاط وتكاد تكون عين نحالة أهم بلدية بالولاية التي تضم سكنات موزعة هنا وهناك بشكل غير منتظم حينها يضطر أبناء هذه العائلات إلى التنقل على مسافة كيلومترات عديدة للوصول إلى المدرسة في ظروف جد قاسية شتاء وصيفا. ورغم الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات العمومية على أكثر من مستوى من خلال استفادة البلدية من حافلتين للتضامن لنقل التلاميذ، إلا أن ذلك لم يعد كافيا خاصة أن هاتين الحافلتين يتم تخصيصهما يوميا لنقل تلاميذ المنطقة لمزاولة الدراسة في متوسطة عين تالوت، ما يجعل تلاميذ الطور الابتدائي مضطرين للتنقل مشيا إلى مقاعد الدراسة، وتتباين المشاكل والمعاناة من جهة إلى أخرى كما هو الحال بالنسبة لقرية أولاد صالح التي تبعد عن عاصمة البلدية بنحو7 كيلومترات وتحاذي الطريق السيار شرق غرب، شأنها في ذلك شأن قرية الرميلة التي تبعد عنها بنحو 5 كيلومترات واللتان تتوفران على ملحقتين للدراسة إلا أن عدد الحجرات بهما قليلة ولا تكفي لكافة المستويات ويقتصر الأمر فقط على حجرتين أو ثلاثة وغالبا ما يتم التداول على استغلالها على مدار ساعات اليوم وساهمت هذه المشاكل ومشاكل أخرى تتعلق بالمجال في تسجيل عشرات حالات التسرب المدرسي سنويا بالمنطقة، لا سيما من الفتيات وحتى الأولاد وتشكل عين نحالة ومناطقها المجاورة واحدة من أبرز جهات الولاية التي بها ارتفاع كبير في الأمية وأيضا التسرب المدرسي وعلى عكس ما يحدث بالجهات الأخرى من الوطن أو حتى تلمسان فإن المتسربين من الدراسة يجدون أنفسهم أمام عالم آخر للحياة الاجتماعية من خلال ممارسة أنشطة الرعي والفلاحة ولا يعاني أبناءها من انحرافات اجتماعية خطيرة، بل إنهم يدخلون عالم الشغل في سن مبكرة يكون أطفال باقي الجهات ينعمون باكتساب العلم والترفيه والاستمتاع بطفولتهم، في وقت يضطر أبناء عين نحالة وهم الذين لا يتجاوز عمرهم 13 أو 14 عاما إلى رعي الأغنام والتوجه بها إلى مسافات بعيدة في وقت مبكر من صبيحة كل يوم ولا يعودون إلى بيوتهم إلا في وقت متأخر من المساء وآخرون يستطيعون قيادة آلات الفلاحة كالجرار والحاصدة وحتى مركبات فلاحية للقيام باعمال لمساعدة اولياءهم بشكل يومي.

مرافق اجتماعية وثقافية منعدمة

في وقت تدعمت فيه مختلف بلديات الولاية من مرافق ذات طابع اجتماعي وأخرى ثقافية ورياضية موجهة لكافة شرائح المجتمع، كان الأمر مخالفا ومغايرا ببلدية عين نحالة التي لم تر النور بعد في هذا المجال رغم أنها إحدى أقدم القرى الاشتراكية ببلادنا وأول قرية أنشئت في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين بغرب البلاد وحظيت بزيارته التاريخية، وما زال أهلها يفتخر بذلك إلا أنهم مستاءون من غياب برامج التنمية بها فالقرية التي تحولت إلى بلدية بموجب التقسيم الإداري لسنة 1984 لم تستفد من مشاريع هامة لا سيما الضرورية منها وفي مقدمتها قاعة العلاج التي أنجزت بمواصفات وكأنها موجهة إلى حي أو بضعة أشخاص على مساحة لا تتجاوز بضعة الأمتار المربعة ولا تضمن سوى خدمات بسيطة، الأمر الذي يضطر السكان إلى التنقل إلى أقرب المستشفيات للعلاج أثناء الظروف الصعبة كالولادة أو الإصابة بالتسممات الغذائية أو الحوادث المفاجئة كالحروق وغالبا ما يكون ذلك بمستشفى بن باديس الواقعة بإقليم ولاية سيدي بلعباس، ما يجعلهم مرضى غير مرغوب فيهم من طرف هذه المؤسسة الاستشفائية التي تضمن خدمات عالية الجودة، بما في ذلك السكانير والجراحة على اعتبار أنهم ينتمون إلى ولاية أخرى يجب على القطاع الصحي التكفل بمواطنيها، ولا يقتصر الأمر على ذلك فالقلة القليلة من شباب المنطقة التي تمكنت من تحصيل علمي لا بأس به يصل إلى مستوى البكالوريا، وحتى الجامعة وشهادات في التكوين المهني أخذت على عاتقها مهمة الاهتمام بانشغالات شباب المنطقة وأبناء جيلهم من خلال تأسيس جمعيات ثقافية وأخرى اجتماعية وأيضا رياضية وتصارع هذه الجمعيات على أكثر من جبهة، فغياب الدعم المالي والتشجيع المعنوي لها عطل من حيويتها وأيضا التراكمات القديمة لم تسهل لها أدائها في الميدان وفي كل الأحوال فقد نجحت في لفت انتباه عدة أطراف لا سيما مسؤولي البلدية والدائرة ونجحت في جلب مشروع ملعب جواري لفائدة شباب المنطقة أين تقام به مباريات ودية أثناء العطل وخلال المناسبات مثلما هو الحال في شهر رمضان من كل عام، كما تمكنت أيضا من تأسيس فريق لكرة القدم يمثل البلدية في مختلف المحافل والمناسبات وينشط في إحدى الأقسام الدنيا الولائية، إلى جانب ذلك استفادت البلدية أيضا من مشروع دار للشباب يوفر لشبابها فرصة الكشف عن مواهبهم وإبداعاتهم في مختلف المجالات.

نقائص هامة في انتظار التسوية

تعاني البلدية من نقائص بالجملة بات واجبا على السلطات المعنية تداركها وإيجاد حل لها، وفي مقدمتها مشكلة التهيئة العمرانية للشوارع حيث توجد في وضعية كارثية وعند الدخول إلى عين نحالة لا يكاد يصدق المرء أنه في بلدية جزائرية ويكاد الأمر يتعلق بتجمع سكاني من العصور البائدة، كما أنها تعاني أيضا من تدهور في شبكة الإنارة العمومية بما في ذلك الشوارع الرئيسية وحتى الجانبية وبات إصلاحها وتأهيلها أمرا ملزما وإلى جانب ذلك فإن السكان يطالبون باستمرار برفع حصة البلدية من السكنات الريفية والتي لم توف الغرض المطلوب منها رغم اعترافهم أيضا بما قدمه هذا القطاع من خدمات وتحسن في وضعيتهم الاجتماعية ويعترفون أيضا بمجموعة من المشاريع تم انجازها خلال السنوات الأخيرة والتي اعتبرت بالأولويات أكثر من غيرها، لا سيما مشروع تزويد البلدية بغاز المدينة والذي استفاد منه السكان ووصلت التغطية إلى أزيد من 90 من المائة وبذلك طلق السكان رسميا قارورة غاز البوتان التي كانت تثقل كاهلهم لا سيما فصل الشتاء أين كانت وإلى وقت قريب تصل إلى 700 دينار للقارورة وكان مستحيل لهم أن يقتنوها بهذه الأثمان ما يجعلهم يعودون للطرق البدائية، كما تحسنت شبكة توصيل كهرباء المنازل بشكل كبير وأيضا شبكات مياه الشرب التي تعتبر عين نحالة منطقة غنية بالمياه الجوفية ويستفيد منه السكان على مدار 24 ساعة كاملة، إلا أنه وفي كل الأحوال لا تبدو هذه المنطقة التاريخية مكتملة التنمية إلا من خلال تدارك النقائص.

من نفس القسم محلي