دولي

ذكرى استشهاد الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس

10 سنوات على اغتيال "شيخ فلسطين"

 

في صباح يوم الاثنين الموافق الثاني والعشرين من شهر مارس عام 2004م، ومع نسمات الفجر الهادئة التي تداعب وجنات المؤمنين الذين يغادرون بيوت الله بعد أداء صلاة الفجر، خرج شيخ مقعد جاوز السادسة والستين من عمره، يدفعه مرافقه على كرسي متحرك بعد أن أديا صلاة الفجر وتليا وردهما من القرآن الكريم في مسجد المجمّع الإسلامي وسط مدينة غزة.

الجو هادئ معبّق بنسائم الربيع الهادئة، والنفس مرتاحة مطمئنة بعد أداء صلاة الفجر وتلاوة القرآن، لا ضجيج في الشوارع، وفجأة؛ اخترق صاروخ من طائرة أباتشي إسرائيلية جدار الصمت وأصاب "هدفه الثمين" بكل دقة، في جريمة جديدة تضاف إلى لائحة جرائم الاحتلال الطويلة بحق الشعب الفلسطيني، أصاب الشيخ القعيد على كرسيه المتحرك. خرج الناس فزعى من بيوتهم مسرعين علّهم ينقذوا أرواح المستهدفين، إلا أن قدر الله كان غالبا، فالأشلاء تناثرت في المكان، وبقايا كرسي متحرك متناثرة في المكان، ثم علا صراخ أحدهم من وسط فيض الدموع التي تسيل مهذاراً من عينيه "استشهد الشيخ أحمد ياسين.. استشهد الشيخ أحمد ياسين". وما أن انتشر الخبر حتى اكتست فلسطين ثوب الحداد الأسود لتودّع شيخ المجاهدين والأب الروحي للمقاومين الفلسطينيين، وخرج سكان قطاع غزة من كافة المحافظات، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، يقصدون منزل الشيخ الشهيد من كل حدب وصوب، والدماء في عروقهم تغلي غضباً على المحتل وعملائه، وعيونهم تذرف الدموع حزناً على فراق الشيخ أحمد ياسين.

ولد الشيخ أحمد إسماعيل ياسين عام 1938 في قرية الجورة، قضاء المجدل جنوبي قطاع غزة، ولجأ مع أسرته إلى قطاع غزة بعد حرب العام 1948، وتعرض لحادث في شبابه أثناء ممارسته للرياضة، نتج عنه شل جميع أطرافه شللاً تاماً. عمل الشيخ مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية، ثم عمل خطيباً ومدرساً في مساجد غزة، أصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وجسارته في الحق، وعمل رئيساً للمجمع الإسلامي في غزة. شارك الشهيد الشيخ الرمز وهو في العشرين من العمر في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956م، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة، حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة مؤكدا ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم. كانت مواهب الشيخ الشهيد الرمز أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965 اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية التي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954 وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان. وقد تركت فترة الاعتقال في نفسه آثارا مهمة لخصها بقوله 'إنها عمقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت (فترة الاعتقال) أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية'. بعد هزيمة 1967 التي احتلت فيها القوات الإسرائيلية كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباس بحي الرمال بمدينة غزة الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل، وفي الوقت نفسه نشط في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل بعد ذلك رئيسا للمجمع الإسلامي في غزة. اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشيخ أحمد ياسين عام 1983 بتهمة حيازة أسلحة، وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وقد حوكم الشيخ أمام محكمة عسكرية إسرائيلية أصدرت عليه حكماً بالسجن لمدة 13 عاماً، إلا أنه قضى أقل من عامين في الأسر، حيث أفرج عنه عام 1985 في إطار عملية تبادل للأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين– القيادة العامة. وأسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين تنظيماً لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة في العام 1987، وداهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزله أواخر شهر أوت 1988، وقامت بتفتيشه وهددته بدفعه في مقعده المتحرك عبر الحدود ونفيه إلى لبنان. وفي ليلة 18/5/1989 قامت سلطات الاحتلال باعتقال الشيخ أحمد ياسين مع المئات من أبناء حركة "حماس" في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على جنود الاحتلال ومستوطنيه، واغتيال العملاء، وفي 16/01/1991 أصدرت محكمة عسكرية إسرائيلية حكماً بالسجن مدى الحياة مضافا إليه خمسة عشر عاماً، بعد أن وجهت للشيخ لائحة اتهام تتضمن 9 بنود منها التحريض على اختطاف وقتل جنود صهاينة وتأسيس حركة "حماس" وجهازيها العسكري والأمني، وقد أفرج عنه بموجب صفقة بين الأردن والاحتلال تقضي بالإفراج عن عميلين من جهاز الموساد حاولا اغتيال القائد خالد مشعل في العاصمة عمّان. وخلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت يوم الجمعة 28/09/2000، شاركت حركة "حماس" بزعامة أميرها الشيخ أحمد ياسين في مسيرة المقاومة الفلسطينية بفاعلية بعد أن أعادت تنظيم صفوفها، وبناء جهازها العسكري، واتهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي "حماس" تحت زعامة الشيخ ياسين بقيادة المقاومة الفلسطينية، وظلت قوات الاحتلال تحرض دول العالم على اعتبار "حماس" حركة إرهابية وتجميد أموالها وهو ما استجابت له أوروبا وأمريكا وقامتا بإضافة "حماس" إلى قائمة المنظمات الإرهابية.

محمد- د

 

من نفس القسم دولي