دولي
الأردن يمتنع عن منح الفلسطينيين من أبناء الأردنيات حقوقاً
خشية من قضية التوطين
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 فيفري 2014
تمكنت قوى أردنية محسوبة على التيار الرسمي المحافظ، خلال اليومين الماضيين، من تحجيم توجه حكومي يمنح أبناء الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين حقوقاً مدنية، بعد مخاوف هذه القوى من أن يؤدي القرار إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين على الأرض الأردنية، وبعد ربط التوجه بما أشيع عن محاولات يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لـ «تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن» الذي يحتضن أكبر عدد من الفلسطينيين.
وجاء تحجيم هذا التوجه بعد يومين فقط على تراجع الحكومة الأردنية عن إرسال مشروع قانون معدل لقانون الانتخاب إلى مجلس النواب بسبب مخاوف القوى ذاتها من أن يؤدي القانون إلى منح الأردنيين من أصل فلسطيني حصة أكبر تحت تحت قبة البرلمان.
وكانت الحكومة أكدت قبل أيام على لسان وزير التنمية السياسية خالد كلالدة أنها ستطرح قريباً مسوّدة قانون معدل لقانون الانتخاب يمنح المواطن الأردني أكثر من صوت، لكن رئيس الوزراء عبد الله النسور عاد ليعلن تراجعه عن القرار.
ويفتح الحديث عن تعديل قانون الانتخاب في كل مرة جدلاً في شأن حصة الأردنيين من أصول فلسطينية، وما يتبعه من اتهامات بالتوطين السياسي لهم، وهم يشكلون نحو نصف المجتمع.
وبدأ التراجع الحكومي عن منح أبناء الأردنيات حقوقاً مدنية في شكل تدريجي، اذ أكد النسور خلال لقاء ضيق جمعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي كان يلتقي عضوات البرلمان، بأن ابن الأردنية المتزوجة من فلسطيني أو أجنبي سيحصل على بعض الحقوق، من دون الحصول على جواز سفر أردني موقت.
هذا التراجع، وفق عدد من النواب الذين توافقوا والحكومة أخيراً على إنهاء معاناة عشرات آلاف الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين، دفع النائب وفاء بني مصطفى إلى مخاطبة النسور أمام الملك بالقول: «أنت تتراجع عن وعودك لنا، وتخالف ما اتفقنا عليه’’. لكن الأخير اعتذر عن إكمال حضور اللقاء بحجة انشغالات العمل، من دون أن يرد على حديث النائب.
ولم ترشح تفاصيل كثيرة عن اللقاء الذي جمع العاهل الأردني بعضوات البرلمان، غير أن مسؤوليْن حكومييْن أكدا قراراً جديداً يتمثل بحصر الحقوق التي ستمنح إلى أبناء الأردنيات بالصحة والتعليم فقط، من دون الحصول على حق العمل أو جواز السفر الموقت.
وفي خصوص جوازات السفر، أشار المسؤولان إلى توجه آخر يضمن تقييد حق وزير الداخلية في إصدار جوازات سفر موقتة بلا أرقام وطنية، مع إمكان خفض مدة صلاحية الجواز إلى عامين. ولفتا إلى وجود قرار اتخذ على أعلى المستويات السياسية يقضي بتبريد الرؤوس الحامية داخل الدولة وخارجها من المحسوبين على التيار المحافظ، وهو تيار قوي تمثله شخصيات عشائرية وقبلية طالما اعتبرت الحاضنة الرئيسة لنظام الحكم، والسعي إلى التخفيف من حدة الربط بين تعديل قانون الانتخاب ومنح الحقوق المدنية لأبناء الأردنيات، وبين إطار كيري الذي أجج مخاوف التوطين. وكان رئيس الوزراء السابق، نائب رئيس مجلس الملك (الأعيان) معروف البخيت قال أمس خلال لقاء عام احتضنته مدينة السلط ذات الغالبية العشائرية، إن «الحديث عن حقوق أبناء الأردنيات قصة قديمة، والسؤال لماذا تقر الحكومة هذه الحقوق في هذا الوقت تحديداً». وأضاف: «هناك من يربط بين قصة توزيع الأراضي على المواطنين في مدينة معان الجنوبية وبين ما يتم تسريبه عن خطط لتوطين اللاجئين الفلسطينيين».
وأوعز النسور إلى الحكومة أمس بتوزيع أرض مساحتها دونم لكل مواطن في معان تنفيذاً لتوجيهات العاهل الأردني، حسب بيان أصدرته الحكومة أفاد أنه تم اختيار موقع وادي العقيق من أراضي معان (المهمشة) وبمساحة 70 ألف دونم، ليتم توزيعها على كل حامل رقم وطني من أهل المدينة. وأثار هذا القرار أيضاً قلق المتشككين من أن يكون مرتبطاً بأفكار توطين الفلسطينيين، أو أن يكون رشوة مبطنة واستيعاب لغضب أبناء القبائل الكبيرة في مناطق الأطراف. كما ربط المتشككون بين مخاوف التوطين وبين قرار رسمي يقضي برفع رواتب العاملين في الجيش والمؤسسات الأمنية، وهم الأقل دخلاً في المملكة التي تعاني عجزاً مالياً كبيراً يصل إلى نحو 21 بليون دولار. وقال البخيت خلال اللقاء: «يجب أن يتحضر الأردنيون لما هو أسوأ خلال الفترة المقبلة»، مضيفاً: «استأذنت جلالة الملك خلال لقاء جمعه والرئيس محمود عباس (ابو مازن)، وقلت للأخير كيف لنا يا أبو مازن أن نطمئن إلى كلامك وتعهداتك بعدم حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وأنت صاحب اتفاق أوسلو 1».وكان رئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي، وهو أحد أبرز أركان النظام خلال العقدين الماضيين، قال أول من أمس أمام النواب إن «الأردن وفلسطين باتا تحت تهديد وجودي حقيقي»، داعياً إلى رحيل الحكومة والإعلان عن حكومة إنقاذ وطني.
أنور- س