دولي

غزة ومآلات اتفاق التهدئة ودعوات للحذر

مراقبون وخبراء:

 

شكل اتفاق التهدئة المبرم عقب العدوان الاسرائيلي بين المقاومة الفلسطينية والجانب الاسرائيلي برعاية مصرية في نوفمبر 2012 في عهد الرئيس محمد مرسي انتصاراً للمقاومة الفلسطينية.  وتتجه أنظار الجميع إلى تصاعد الأوضاع الميدانية على الحدود الجنوبية لدولة الاحتلال الإسرائيلي مع قطاع غزة في وتيرة متسارعة نتيجة غارات الاحتلال على القطاع، واستمرار سقوط الصواريخ على البلدات المحاذية لغزة. لم يقف الحال عند تصاعد الأوضاع الميدانية بل شهدت التصريحات المتعاقبة لمسؤولين في دولة الاحتلال وحركة حماس تصعيداً إعلامياً واضحاً بالتزامن مع سخونة الأوضاع الميدانية.  وكانت حركة حماس ردت على تصعيد الاحتلال الأخير محذرة الاحتلال الإسرائيلي من مغبة مواصلة استمرار عدوانه على قطاع غزة وقال الدكتور صلاح البردويل القيادي بحماس رداً على غارات الاحتلال: "المقاومة لن تصمت إزاء هذه الجرائم، والدم لن يولد إلا الدم". واعتبر البردويل أن العدوان الإسرائيلي محاولة لفرض معادلة ردع من طرف الاحتلال، والتشويش على وضع التهدئة القائم، إضافة إلى لفت الأنظار عن التعاطف الدولي مع الفلسطينيين. من جانبه حذر طاهر النونو مستشار رئيس الحكومة في غزة في تصريحات له عقب استهداف أحد عناصر سرايا القدس الأحد الماضي من استمرار الاحتلال في غاراته، وقال :"إنها مغامرة عليه أن يتحمل تبعاتها". 

من جهة أخرى رد الاحتلال الاسرائيلي على هذه التصريحات على لسان الناطق باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفخاي أدرعي أن إطلاق الصواريخ على كيانه من قطاع ‏غزة يُعد اعتداءً خطيراً، مؤكداً عدم سماح إسرائيل لتهديد أمن مواطنيها يومياً". وهدد أدرعي عبر حسابه على موقع "تويتر" بتصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة رداً على صواريخ المقاومة الفلسطينية، موضحاً أن وتيرة الاعتداءات الصاروخية التي تستهدف (إسرائيل) قد ارتفعت في الأسابيع الأخيرة، محملاً المقاومة الفلسطينية مسئولية تعريض سكان (إسرائيل) للخطر، كما قال.

ونهاية الأسبوع الماضي حذر مسؤول عسكري إسرائيلي حركة حماس من أن عدم التدخل لوقف الهجمات الصاروخية سيكلفها الكثير. ويعتقد مسؤولون إسرائيليون أن قدرة التأثير المصري على حماس بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي محدودة جدا مقارنة بقدرة الرئيس محمد مرسي، ويقولون: "إنه رغم أن حماس ليست معنية بالتصعيد الأمني ضد إسرائيل، فإن اتفاق التهدئة يتفكك شيئاً فشيئاً". وفي ذات السياق نقلت القناة العاشرة العبرية يوم الأثنين عن قائد المنطقة الجنوبية في الجيش سامي ترجمان مخاطباً رؤساء السلطات المحلية في المنطقة قوله :"من المتوقع تصعيد كبير خلال فترة زمنية قصيرة". ويرى مراقبون للوضع الميداني في قطاع غزة، أن الاحتلال الإسرائيلي وحماس في غزة غير معنيان في الوقت الحالي بالتصعيد والمواجهة القريبة، غير أن التخوفات قائمة لنشوب أي مواجهة قصيرة الأمد بين الاحتلال والمقاومة. 

من جهته ذهب مأمون أبو عـامر المختص في الشئـون الاسرائيـليـة إلى أن احتمالات مواجهة قريبة بين إسرائيل وحماس والمقاومة في غزة قليلة ولن تذهب إسرائيل في اتجاه عملية موسعة على القطاع.  وأوضح أبو عامر أن الاحتلال سيعمل على ترميم قوة الردع المتآكلة يوماً بعد يوم على حدوده الجنوبية، مؤكداً أن كل المؤشرات تدل على أن الاحتلال سيقتصر في أي جولة قادمة على القصف الجوي لمواقع وأهداف المواقع لردع قوة الصواريخ.  وحول سؤال إلى أين ستصل الأوضاع في قطاع غزة توقع أبو عامر أن تقويض سلطة حماس عن طريق الحصار وإنهاكها أو إشغالها بالشأن الداخلي أو التصادم مع الخارج أو جميع الخيارات السابقة إن أمكن هو أفضل الخيارات الإسرائيلية في المرحلة الحالية، وهذا ما أثبتته النتائج المتواضعة لعدواني 2008،2012" . لافتا النظر إلى أن أي عملية عسكرية موسعة ضد غزة يسعى الاحتلال عند اتجاهه إليها إلى تشكيل غطاء كبير لها من خلال اصابة المقاومة لهدف استراتيجي كبير، أو حتى سقوط عدد كبير من الضحايا الإسرائيليين، وهذا ما لم يحدث حتى الآن.  واستبعد أبو عامر أن ينجر أي من الأطراف العربية وخاصة مصر إلى دعم أي عدوان على قطاع غزة، مشدداً على أن النظام القائم في مصر لا يبحث عن إحراج نفسه أمام الرأي العام العربي والمصري وهو يعاني من مأزق داخلي كبير.  مبينا أن الاتصالات السياسية بين الحكومة في غزة والنظام الحالي مصر شبه مجمدة، لكن حقيقة الأمر أن الاتصالات بين الأجهزة الأمنية لم تقف ولا زالت مستمرة وهذا ليس سراً، خاصة أن المخابرات المصرية هي من تحمل الملف الفلسطيني منذ سنوات.  وشدد أبو عامر على أن عدم تعجل الاحتلال بالهجوم على غزة لا يعني أن نركن إلى عقلانية عدونا، مادامت الأمور متصاعدة كما هو الوضع الآن، فهذا يستدعي الحذر. وتبقى الأوضاع الميدانية هي الحَكَم والفصل في توقعات أي عملية عسكرية اتجاه غزة من شأنها أن تلغي اتفاق التهدئة المبرم بين الاحتلال والمقاومة، مما يُلزم الحكومة في غزة والمقاومة بالحذر والعمل على أسوأ التوقعات المرتقبة نتيجة التصاعد الميداني بين الاحتلال والمقاومة.

محمد- د

من نفس القسم دولي