دولي

وطأة الحصار تشتد

2013 عام الانتظار الفلسطيني

2013  الأسوأ على الاقتصاد الفلسطيني

يعتبر عام 2013 الأخطر والأسوأ على الأوضاع الفلسطينية بشكل عام سواء في الجانب السياسي والاقتصادي والإنساني إلى جانب التهديد الخطير الذي يلف حياة الأسرى، وما تتعرض له مدينة القدس من خطر محدق واستمرار عمليات الاستيطان والتهويد، في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من اضطرابات ناجمة من عدم استقرار الأوضاع والتحولات التي تمر بها المنطقة، كاشتداد الحصار المفروض على قطاع غزة وإغلاق المعابر وهدم الأنفاق والعجز المالي الذي تعاني منه كلا الحكومتين في غزة والضفة، وتجزر وتعمق الانقسام.

عادت مفاوضات عملية السلام المباشرة لتسيطر على المشهد الفلسطيني الإسرائيلي خلال عام 2013، بعد انقطاع وجمود في العلاقات بينهما استمر لسنوات سابقة. عام شابه الكثير من الانتظار لنتائج عملية المفاوضات التي تخللت الكثير من العقبات ولا تزال. وتوقع الفلسطينيون أن يتوصلوا خلال هذا العام إلى الحقيقة الكاملة التي تقف خلف رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد انتظار دام لتسع سنوات. ورغم طول الانتظار يبدو أن غالبية الملفات الفلسطينية ستبقى تبحث عن حلول لها خلال العام المقبل.

المشهد الإسرائيلي الفلسطيني

شكل استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في شهر جويلية الماضي برعاية أمريكية مفاجئة لكثيرين في الشارع الفلسطيني. فقد توقفت المفاوضات خلال السنوات الثلاثة الماضية احتجاجا من الفلسطينيين على استمرار النشاطات الاستيطانية.

وقد استؤنفت المفاوضات بالرغم من مناهضة غالبية فصائل منظمة التحرير، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي لها، اعتراضا على عدم وجود ما وصفوه بالمرجعيات الواضحة للمفاوضات، وفي ظل انعدام ضمانات أمريكية مكتوبة.

سياسة، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحددت مدة تسعة أشهر للمفاوضات الدائرة التي شابها الكثير من المصاعب، وتخللها تقديم الوفد الفلسطيني المفاوض استقالته بعد إقرار الحكومة الإسرائيلية بناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية، ثم عدول إسرائيل عن هذا القرار، وعدول رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض عن استقالته بضغط أمريكي ودولي. وستستمر المحادثات، بحسب التأكيد الفلسطيني الرسمي، رغم تلك العقبات حتى نهاية أفريل من العام المقبل، التزاما بالاتفاق المبرم مع الإدارة الأمريكية، ومع الشعور الفلسطيني بتبني الوسيط الأمريكي لوجهة النظر الإسرائيلية.

في هدا الصدد قالت حنان عشراوي، عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لبي بي سي: "عندما يتكلم الوزير الأمريكي كيري عن اتفاقية إطار، فهذا يعني التكلم عن عموميات، وموقفنا واضح، أننا لسنا بحاجة إلى مرجعيات جديدة، هناك مرجعيات واضحة، هي القانون الدولي، وحل الدولتين، وحدود عام 67، وهناك قضايا جوهرية اتفق عليها، وعلى رأسها القدس الشرقية واللاجئين والحدود". وأضافت عشراوي: "طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى الرؤية والمفاهيم ووجهة النظر الإسرائيلية، فإن ذلك يعني نقصا أساسيا في دور الوسيط الأمريكي النزيه، والمفاوضات هي أداة وليست القضية، فالقضية هي تغيير جذري في الواقع على الأرض، بحيث ينتهي الاحتلال ونبدأ بممارسة سيادتنا على الأرض". ويخشى الجانب الفلسطيني مع حلول شهر أفريل المقبل، أن تعتبر الإدارة الأمريكية أن المفاوضات التي دارت خلال الأشهر التسعة الماضية هي بمثابة المرحلة الأولى من مفاوضات تفضي إلى اتفاق مبادئ انتقالي للإيحاء بوجود إنجاز أو نجاح تحقق، ويجب تطبيقه على مراحل لاحقة، الأمر الذي يعتبر مرفوضا – حتى اللحظة – بالنسبة للجانب الفلسطيني.

وطأة الحصار تشتد...

اعتبر المحلل الاقتصادي عمر شعبان أن عام 2013 الأسوأ على الأوضاع الفلسطينية من الناحية الاقتصادية، من خلال تواصل الحصار الإسرائيلي وتدمير الأنفاق وإغلاق المعابر، وكذلك تفاقم العجز المالي الذي تعاني منه الحكومتين في الضفة وغزة، الذي قلل من قدرتهم على دفع مرتبات موظفين القطاع الاقتصادي، منوهاً إلى أن قطاع الإنشاءات أصيب بشلل شبه كامل بسبب توقف دخول المواد اللازمة عبر الأنفاق ودولة الاحتلال. كما أشار شعبان إلى أن المنخفض الجوي الذي ضرب قطاع غزة والأراضي الفلسطينية مؤخراً، سبب في تشريد آلاف المواطنين من بيوتهم، وجعل الوضع مأساوي، موضحاً أن أزمة الكهرباء التي مر بها القطاع زادت من مأساوية الحياة فيه. وحذر من استمرار تلك الأزمات لفترة من الزمن والتي قد تأخذ أسابيع أو شهور، وبالتالي ستكون الأوضاع المعيشية والاقتصادية في غزة متأزمة بشكل كبير، في ظل عدم وجود مؤشرات جيدة يحملها المستقبل في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي، مشدداً على أنه لا بد من مصالحة وطنية التي تعد السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق.

الأسرى الفلسطينيون القدامى

وشهد منتصف اوت الماضي فرحة فلسطينية رسمية وشعبية عارمة بخروج أول دفعات المفرج عنهم من المعتقلين الفلسطينيين القدامى داخل السجون الإسرئيلية، والبالغ إجمالي عددهم 104 فلسطينيين اعتقلتهم إسرائيل منذ ما قبل اتفاقية أوسلو الموقعة عام 1993.

وقد أفرج عن الدفعة الثانية من المعتقلين الفلسطينيين في شهر أكتوبر، وقبل آخر زيارة لوزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، اقترح الراعي الأمريكي للمحادثات المباشرة على الجانب الفلسطيني تغيير موعد الإفراج عن الدفعتين المتبقيتين للمعتقلين الفلسطينيين القدامى، الأمر الذي قوبل بالرفض الفلسطيني لانعدام وجود ضمانات لتنفيذ عملية الإفراج في المواعيد الجديدة، ومع حلول مارس المقبل من المفترض أن يطوى هذا الملف بالإفراج عن باقي المعتقلين بموجب الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني برعاية أمريكية. وسيؤدي المساس بهذا الاتفاق، وبحسب التهديد الفلسطيني، إلى إلغاء الالتزام بعدم التوجه بطلب الانضمام لمنظمات الأمم المتحدة خلال مدة التسعة أشهر للمفاوضات المباشرة.

من ناحيته، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة المحتلة الشيخ خضر عدنان، أن العودة للمفاوضات يدفع ثمنها الفلسطينيون ورجال المقاومة، حيث اشتدت الحملات الأمنية خلال العام الماضي، وزادت الاعتقالات السياسية.

وأضاف، أن اعتقالات الأسرى المحررين من سجون الاحتلال تزايدت خلال العام المنصرم، وبات الأسير المحرر يحسب حساب للحظة تحرره من السجن، حيث سيتم استدعائه من قبل أجهزة أمن السلطة، فيما باتت لحظات الأفراح باستقبال المحررين لحظات ألم مع استدعاءات الأمن للمحررين وذويهم.

لغز اغتيال عرفات..يعود من جديد

وحمل شهر نوفمبر من هذا العام خيبة أمل لكثير من الفلسطينيين الذين ترقبوا بفارغ الصبر نتائج التحقيقات الطبية الدولية لكشف تفاصيل رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. فبينما لم يجد تقرير الفريق الطبي الروسي دلائل كافية تؤكد تسمم عرفات بمادة البولونيوم 2010 المشع، أكد تقرير الوفد الطبي السويسري عدم استبعاد احتمالية رحيل عرفات مسموما بالبولونيوم. وبقي تقرير الوفد الفرنسي معلقا دون الكشف عن نتائج ما توصلت إليه التحليلات الجنائية والطبية. وأكدت اللجنة الفلسطينية للتحقيق في أسباب وفاة عرفات، أن نتائج التقارير الدولية تبرهن على الرواية الفلسطينية، وهي أن عرفات قتل مسموما، ولم يمت بشكل طبيعي، أو بسبب المرض أو التقدم في السن. وتجبر مواقف التقارير الدولية، من وجهة نظر البعض، الجانب الفلسطيني على تحمل مسؤلياته في الكشف عن ملابسات رحيل عرفات بعيدا عن التحقيقات الدولية.

 كان استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل في 2013 برعاية أمريكا مفاجئا. وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي الفلسطيني حلمي الاعرج:" معرفة الحقيقة الكاملة في مقتل عرفات هي مهمة الشعب الفلسطيني، رأينا التفافا فرنسيا لإخفاء هذه الحقيقة، وهذا يخدم مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك على الشعب الفلسطيني وقيادته أن يحملا هذه القضية الحساسة دون تراجع حتى نصل إلى الحقيقة تماما، كما سنواصل مقاومتنا لإنهاء الاحتلال". وأشارت لجنة التحقيق الفلسطينية في ملابسات رحيل ياسر عرفات، وبعد تسع سنوات على وفاة عرفات، إلى أنها باتت أقرب للكشف عن التفاصيل الكاملة لما وصفته بجريمة قتل عرفات وتعهدت بالإعلان عنها في المستقبل القريب، محملة إسرائيل المسؤلية الكاملة عن عملية اغتيال عرفات السياسية، بحسب الوصف الفلسطيني.

وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قد توفي في 11 من شهر نوفمبر من عام 2004 في مستشفى بيرسي الفرنسي بعد تدهور حالته الصحية بشكل مأساوي وغامض. ومع نهاية عام 2013 من الانتهاء ولا يزال الانتظار لجملة من النتائج السياسية والاقتصادية يسود للشارع الفلسطيني، فغالبية الفلسطينيين تتطلع إلى تحقيق أمل الاستقلال وحصولهم على حقوقهم الشرعية على أرضهم، مع تأكيدهم على وجوب استرجاع الوحدة الفلسطينية للعمل الموحد على حل أزماتهم الداخلية والخارجية بدلا من إدارتها.

2013..اتفاق بين السلطة والاحتلال على تصفية المقاومة

تتابعت الحملات الأمنية التي شنتها السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية على المخيمات الفلسطينية ضمن ما عرف بحملات ضبط الفلتان الأمني وملاحقة المجرمين، هذه الحملات والتي كانت أهدافها الخفية ملاحقة المقاومين وضبط سلاحهم واضحة للعيان أكثر، كسرت حرمة المخيمات والتي كانت بؤرة النضال الوطني الفلسطيني دوماً. وبين مد وجزر فشلت هذه الحملات، وخاصة في مخيم جنين حتى الآن في تحقيق أهدافها، وبقيت المقاومة وسلاحها عالياً في المخيمات وضد الاحتلال الذي ما دخل إليها إلى وأنحصر منها بعد مقاومة عنيفة.

رئيس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين في الوطن والشتات القيادي حسام خضر قال: إن السلطة تسعى لكسر المقاومة في المخيمات من خلال هذه الحملات، وهو ما لم تستطعْ القيام به حتى الأن.

وتابع خضر مجملاً أهم أوضاع المخيمات في العام 2013:" المخيمات بؤر توتر دائمة بحكم ارتفاع نسبة البطالة والفقر وارتفاع الكثافة السكانية وهي بؤر تمرد، في فترة من الفترات كانت بؤر تمرد إيجابي في حاله الثورات وكانت الحاضنة للحركة الوطنية الفلسطينية". ولكن الآن، في حالة الانكسار والتراجع والارتداد وأمام تضاعف المشاكل الاجتماعية في المخيم من تفشي البطالة وارتفاع حالة الفقر والبطالة وارتفاع عددهم وفقدانهم أي أمل لحل سياسي مرضي لقضيتهم، أصبحت ردات الفعل سلبي بمعنى تمرد على السلطة والقانون.

وقال خضر: إن سلطات الاحتلال والسلطة بتركيبتها الفاسدة والتقليدية تستهدف المخيم وتخشاه لأنه الأقدر على حماية مشروع الوطني لأنه سكانها لاجئون أحتلت ودمرت وهجرت مدنهم وقراهم، وبالتالي السلطة صاحبة المشروع الاقتصادي الأمني ضد أي تحرك فلسطيني، والاحتلال صاحب المشروع إنهاء أي حركة وطنية. هذه العوامل جعلت المخيمات في هذا العام، كما يقول خضر، الهدف الذي أتفق عليه الطرفين واستهدفت المخيمات أكثر من غيرها في نشر الجريمة المنظم والسلاح والفلتان الأمني.

وتابع:" الطرفين تعاونوا على المخيم والهدف منه إجهاض الحركة الوطنية في المخيمات وهذا كلام ليس غريبا ولا مستهجنا، فالسلطة لا تريد أي حركة وطنية قد تشكل درع أمان للمشروع الفلسطيني فهي ماضية في مشروع تسوية سلمية إقتصادي سياسي، بمزايا اقتصادية للبعض من المتنفذين مقابل أمن جماعي لإسرائيل". وقال خضر: "أعتقد أن الحملة الأمنية في جنين أساءت للسلطة وبينت هشاشة هذه الأجهزة والقاعدة التي تعمل وفقها، وفي مخيم بلاطة تم استباق الأمر رفضنا استعراض الأمن وأتفاقنا على ترتيب أوضاع المخيم ومحاربة كل الخارجين عن القانون ووضع الفلتان الأمني فيه ولكن السلطة لم تقم بأي مستوى من مسؤولياتها وبالعكس هي تريد من السكان المخيمات أن يقتتلوا فيما بينهم". وأضاف:" أعتقد أن المخيم مستهدف كرمز نضالي وطني وب التالي الهدف منها تمرير الكثير من المؤامرات سواء مؤامرة إنهاء حق العودة ومؤامرة إنهاء خدمات وكالة الغوث ومشاريع توطين وتعويض، دمج سكان المخيمات في المحيط الاجتماعي، ووأد أي تحرك وطني نضالي في المخيم، وخاصة أن الطرفين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على يقين أن ثمة انتفاضة وراء الباب".

الأرض والمقدسات..

خلال عام 2013 فإن أبرز ما تعرضت لها مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى هو سعي الإحتلال "الإسرائيلي" إلى فرض قطيعة بين القدس والضفة الغربية من جهة، وبين القدس وقطاع غزة من جهة أخرى كي يستفرد بها ويسهل عليه تهويدها.

في هذا السياق يشير الشيخ صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، إلى إن الاحتلال يسير باتجاه مجنون نحو تحقيق أحلامه السوداء المتمثلة بتنفيذ المخططات للمسجد الأقصى وتحويله إلى مكان ديني خالص لليهود على أنقاض قبة الصخرة، مبيناً أن مشاهد الاعتداءات على المسجد الأقصى ومصاطب العلم تأتي في هذا السياق. موضحاً أن زيادة الاحتلال في اعتداءاته يسارع في زواله وعدم تحقيق أحلامه السوادء. كما أكد الشيخ صلاح أن القمم العربية العاجلة التي عقدت من أجل إنقاذ القدس بأنه لم ينتج عنها أي دور حقيقي فاعل وان بعض المساهمات الجانبية لا تتعدى المسكنات في لغة الاطباء لمريض يعاني من خطر الموت.

محمد- د

من نفس القسم دولي