محلي

توقف تجسيد دراسة انجاز السقي لحوض مغنية الفلاحي يرهن مستقبل القطاع

تلمسان

 

شهدت ناحية مغنية أقصى غرب ولاية تلمسان خلال السنوات الأخيرة طفرة معتبرة في المجال الفلاحي، لا سيما من خلال ما يسمى بالحوض الفلاحي المسقي والذي أضحى بمثابة مشروع اقتصادي وذو أبعاد اجتماعية هامة بالمنطقة، لا سيما أنه يساهم في إنتاج معتبر لمختلف المحاصيل الفلاحية والتي يتم تسويق كميات معتبرة منها إلى أسواق تلمسان وباقي جهات غرب البلاد ويمتد ذلك إلى غاية وسط وشرق وحتى جنوب الجزائر وأصبحت بذلك منتوجات مغنية مطلوبة لدى المستهلك الجزائري.

 ويمتد الحوض والذي يطلق عليه اسم حوض تافنة أيضا، على مساحة اجمالية تتجاوز أربعة آلاف و250 هكتار وكلها أراضي خصبة في منطقة سهلية تتميز بغنى تربتها بالمواد العضوية وكذا مناخها المتميز، إلا أن ذلك لم ينتشله من مشاكل عدة أصبح الحوض يتخبط فيها لا سيما في جانبها التقني والفني، ومن جملة هذه المشاكل توجد قضية تقدم وتيرة الدراسات العلمية التي تم الشروع فيها في فترة سابقة، لهذه المساحة الخصبة والمجمدة منذ أكثر من عشر سنوات لأسباب لم يكشف عنها رغم ان بوادر هذه الدراسات القاضية برسم استراتيجية بعيدة المدى ومتوسطة المدى تتعلق بالسقي كمحور استراتيجي والعنوان الأبرز لها وذلك لضمان بقاء الانتاج الوفير لهذا الحوض الحساس وكذا جعل ذلك نقطة تحول المنطقة وتوسيع مساحتها الزراعية والقابلة لذلك لتصل إلى عدة أضعاف مما هو الحال عليه الان، خاصة أن فلاحي الجهة كانوا يعولون كثيرا على المشروع الذي تبنته عدة مصالح بالولاية وفي مقدمتها مديرية الري وكذا مصالح الموارد المائية وبدرجة أكبر مديرية الفلاحة بتلمسان والذي من أبرز أهدافه غيجاد السبل الكفيلة لمواجهة شح المياه الخاصة بالسقي أثناء فترات الجفاف، وعلى الرغم من أن ملف الدراسة كلف الخزينة العمومية مبالغ ضخمة واستغرق الإعداد له عدة أشهر، إلا أنه يعرف شللا كبيرا في الوقت الحالي بسبب تأخر تقدمه، يحدث ذلك على الرغم من أن الدولة رسمت خططا لإنعاش القطاع الفلاحي خلال الخماسيات الأخيرة لا سيما الحالي منها والممتد من 2010 إلى 2014 والذي تعتبر ناحية مغنية إحدى أبرز المناطق التي استهلكت وما زالت تستهلك مبالغ ضخمة وتمثل هذه المساحة شريان فلاحي بولاية تلمسان لما له من أهمية استراتيجية في إنتاج مختلف الخضروات بمختلف أنواعها وتأتي البطاطا المغناوية في مقدمتها والتي تبوأت مكانة عالية لدى المستهلك الجزائري خلال السنوات الأخيرة، وكذا أصناف عدة من الفواكه ومنها التفاح والخوخ والعنب والتي أصبحت تضاهي نوعيتها تلك التي تستورد من إسبانيا والمغرب وشمل الأمر باقي المنتوجات ومنها البطيخ والمعروفة المنطقة بإنتاجها لأصناف يصعب إنتاجها في جهات أخرى، كما أن هذا النوع من الفواكه ينضج مبكرا مقارنة بباقي جهات الجزائر وأنواع أخرى بما في ذلك الحوامض لا سيما البرتقال بأنواعه، وكل هذه المؤشرات ومعطيات أخرى ضاعفت من اهميته خلال السنوات الاخيرة بفضل سلسلة الاصلاحات المعتمدة في القطاع وحظي بمتابعة وعناية أكثر من مسؤول وأكثر من إطار منه.

  فلاحو الجهة يأملون في بعث مشروع آليات السقي

على الرغم من بقاء الوضعية على حالها منذ سنوات، إلا أن إمكانية اعادة إحياء المشروع اصبحت واردة، وما زاد ضرورة إتمام المشروع أن عددا من الفلاحين استثمروا مبالغا ضخما ومعتبرة وآخرون كلفهم ذلك عشرات السنين من حياتهم وآخرون ارتبطت حياتهم ومستقبلهم بالجهة من أجل مضاعفة الأراضي المسقية، كما استفادوا أيضا من برامج الدعم التي سنتها الدولة لصالحهم من خلال الوزارة الوصية والتي جندت إمكانات معتبرة لذلك وأمام هذه الوضعية يرى عشرات فلاحي الجهة أن اعادة إحياء المشروع أو على الأقل إتمامه بات أمرا ضروريا وهاما، خاصة أن المنطقة وعلى شساعتها وأهميتها الاقتصادية تعاني حاليا من قلة في ما يسمى أو يعرف بآليات السقي الزراعي والتي لا تزال بعيدة عن الأهداف المرجوة، وغير كافية لري الآلاف من الهكتارات الزراعية لا سيما المحاصيل الهامة التي تحتاج إلى وفرة المياه وفي مقدمتها مواد استهلاكية أساسية لدى الجزائريين من بينها البطاطا التي أصبحت مغنية إحدى اكبر مناطق الإنتاج بالجزائر وما زاد ضرورة إتمام المشروع أن عددا من الفلاحين استثمروا مبالغا ضخما بالجهة من اجل مضاعفة الاراضي المسقية واستفادوا من برامج الدعم التي سنتها الدولة لصالحهم، في منطقة تعتبر مع ذلك بمثابة الشريان الحقيقي والهام للإنتاج الفلاحي بولاية تلمسان والذي يضمن نشاط يد عاملة معتبرة، إضافة إلى استقرار سكان الأرياف بالجهة وهو ما يتطابق مع سياسة الدولة الرامية أيضا إلى الحد من النزيف الريفي نحو المدن ولن يكون ذلك غلا من خلال اتخاذ خطوات وإجراءات لصالحهم، مطالبين في ذات السياق بإنعاش ما يعرف بمشروع حوض تافنة للجهة العليا وكذا المشروع المكمل له لتافنة السفلى لمنطقة يسر والذي يتوزع عبر عدة بلديات من محيط مغنية ومنها بدرجة أولى بني بوسعيد الحدودية وهي المنطقة المعنية بنحو220 هكتار إضافة حمام بوغرارة وصبرة وسيدي مجاهد.

 وكان من المنتظر أن يتوسع أيضا إلى مشارف عاصمة الولاية وتحديدا إلى منطقة الحناية والتي بموجبه يضمن سقي نحو 192 هكتار من أراضيها الفلاحية وقد يمتد ذلك إلى غاية مشارف شرق تلمسان.

توقف البرنامج التكميلي للسقي 2716 هكتار ضاعف حجم المشكلة

  تكرست أهمية الحوض المسقي والذي لا يبعد عن عاصمة الولاية سوى بمسافة قليلة ويحتل موقعا استراتيجيا على مشارف الحدود البرية الدولية مع المملكة المغربية أيضا أنه كان من المنتظر منه أن يوسع دائرة المناطق المعنية بعمليات السقي بالمياه به إلى نحو إحدى عشرة بلدية من بلديات ولاية تلمسان البالغ عددها ثلاثة وخمسون بلدية وهي بلديات تعتبر من أكبر تجمعات تلمسان كثافة سكانية على غرار مغنية والرمشي، على أنه تنوع بين الفلاحة الجبلية والسهبية وحتى تلك المحاذية والموازية للوديان لا سيما واد التافنة، وهو ما جعل السلطات المحلية وعلى كافة المستويات أيضا، تسطر برنامجا هاما في هذا الغطار وذلك في شق موازي ومدعم للمشروع الأول المتعلق بالدراسات والذي سمي بالمشروع التكميلي والخاص لإرواء ما لا يقل عن 2716 هكتار من هذه الأراضي الفلاحية وضمان سقيها في كل فصول السنة حسب الظروف واخذ الاحتياط خلال مواسم الجفاف، لا سيما وان البرنامج يعني الإنتاج الفلاحي التابع للقطاع العام وأيضا القطاع الخاص المستفيدين منه والتي تشمل أيضا مساحة معتبرة من الحبوب بأنواعها لا سيما القمح اللين والصلب والشعير والتي سجلت هذا الزراعة تقدما كبيرا بها وتدعمت بزراعات أخرى منها

 الذرى التي حققت تقدما معتبرا بالجهة، إلا أن المشروع الذي وصف هوالاخر بالضخم والمستقبلي والمعول عليه والذي رصد له هو الآخر مبلغ معتبر توقف بصورة مفاجئة على الرغم من أنه كان يسير بشكل عادي إلى حد ما، وجاء التوقف دون أي أسباب واضحة ومع ذلك يطمح الفلاحون إلى إعادة الاعتبار لهذا المشروع والذي تحركه بشكل أساسي مديرية الموارد المائية وهي نفس الرؤية التي تراها مديرية الفلاحة بتلمسان، في حق هذه السياسة المتعلقة بالسقي الزراعي والتي لا بد من تطوير جوانبها التقنية لتنمية خدمة الأرض باعتبارها ثروة مستقبل البلاد.

  تخصيص 2091 مصدر للسقي بين آبار ومنابع

   في الوقت الذي لم تتضح فيه بعد الرؤية حول مستقبل المشروعين، إلا أنه وفي الوقت الراهن أصبح الاعتماد في تنمية الإنتاج والسقي على مصادر أخرى وفق مختلف الصيغ مرخصة من طرف الجهات العمومية ومن بينها تخصيص أكثر 2091 نقطة كمصدر للسقي موزعة على ثلاثة أنماط استراتيجية منها ما لا يقل عن 1481 بئر عميقة أنجزت وفق تراخيص من مسؤولي الولاية والتي يتدفق منها الماء إلى الأعلى بقوة تصل إلى خمسة لترات في الثانية ويضاف إليها نحو1403 بئر قصيرة هي الأخرى تم تخصيصها للفلاحين الصغار، ناهيك عن عدد معتبر من المنابع الماشية والتي وصل عددها إلى 207 منبع 

وكلها مصادر حيوية هامة لسقي حوض مغنية الفلاحي، وعلى الرغم من أن عددها يعتبر بالهام جدا إلا أنها غير كافية على المدى المستقبلي وقد تعيق برنامج تطور القطاع وتوسيعه، خاصة أن الجهة تتوفر على ثروة مائية ضخمة موزعة بشكل متباين من جهة أخرى إلا أنها بكميات معتبرة، لا سيما المناطق الغربية منها والوسطى القريبة والمجاورة للحوض، وتلك التي تشكل امتدادا لسهول وجبال ترارة الفلاحية إلى غاية مشارف ناحية الرمشي وبني ورسوس وغيرها والتي تضم كثافة سكانية معتبرة لا سيما من القرويين وسكان المداشر من جهة ونشاط فلاحي متنوع ومكثف هام من جهة أخرى. وأمام ذلك فقد تسبب الوضع أيضا في جعل السلطات المحلية تركز على هذين المشروعين الهامين المتعلقين بالدراسة والبرنامج التكميلي، والمعول عليهما لأن يكونان مصدرين هامين وحيويين لتفادي إفشال سياسة السقي الزراعي بالولاية والمعتمدة فقط ومن ثم مساهمتهما بالإضافة إلى المصادر الحالية لدفع عجلة التنمية الفلاحية.

  أكثر من 11 ألف هكتار من المحاصيل تسقى بطرق تقليدية

 لم تقف كل هذه الظروف سدا منيعا أمام الطرق التقليدية في السقي والتي ما زالت تفرض منطقها بهذه الجهة بتواجد آلاف سواقي البساتين والحقول بمختلف أحجامها ومساحتها ونوعية الزراعة بها، وعلى الرغم من أن المساحات المعنية ببرنامج الدراسات هذه لا تتعدى 4250 هكتار التي بمقتضاه تستفيد من عصرنة وآليات السقي الحديث وفق برنامج متابعة، إلا أن هذا النوع من السقي ساهم في الحد من الآثار المنجرة عن تأخر المشروع خاصة أن الفلاحين المعتمدين على هذا النوع من الري لا يكلفون أنفسهم عناء الانتظار لتحقيق المشروع حينها تكون أراضيهم قد تعرضت للجفاف ومحاصيلهم للتلف وقد يطول الانتظار لعدة مواسم أو حتى أجيال.

من نفس القسم محلي