الوطن

قطر تتوقع "فوضى خلاقة" في الجزائر

حسب مركز دراسات في الدوحة:

 

صدرت أخيرا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالعاصمة القطرية الدوحة، والذي يشرف عليه المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، دراسة تحت عنوان " الجزائر: ترقب حذر".

 

 وتطرق "تقدير موقف" الذي سجله المركز القطري إلى التداعيات السياسية لمرض الرئيس بوتفليقة، بحكم أنّ "اشتداد مرض الرئيس فتح النقاش سياسيًا واجتماعيًا وعجلّه حول مرحلة ما بعد بوتفليقة، ومن ثمّ اعتبار ترشحه لعهدة رابعة مسألة تجاوزها الزمن".

وأوضح الدراسة بأن "التساؤلات عن المستقبل السياسي للجزائر ازدادت في ظل غياب معلومات دقيقة حول الوضع الصحي الحقيقي للرئيس، نظراً للإخفاق الإعلامي الواضح لمؤسسة الرئاسة، حيث إنه في هذا الجو الذي يتسم باللا يقين وعدم وضوح الرؤية على جميع المستويات يتساءل الجميع، ما بين مواطنين عاديين ومتخصصين، أين تتجه الجزائر؟".

ووفق ذات الدراسة فإنه إلى وقت قريب جدًا كانت مراكز القوة المرتبطة بالرئيس،  تروّج لترشّحه لعهدة رابعة قبل نهاية عهدته الثالثة، وخاصة أنّه لا توجد أي عقبة دستورية هذه المرة، على عكس العهدة الثالثة التي تطلبت تعديل الدستور.لكن وبحسب الدراسة دائما فإن " تدهور الحالة الصحية للرئيس – منذ مرضه في عام 2005 – لم يجهض مشروع انتخابه مجددًا فحسب، بل نقل النقاش إلى مدى أهليته الدستورية لإنهاء الفترة الرئاسية الحالية التي تنتهي في أبريل 2014".

وبالنسبة لما سجلته وحدة تحليل السياسات بالمركز القطري، فإن الجيش الجزائري يقف أمام معضلة لا يحسد عليها؛ فهو يسعى لمواصلة عملية التحول التي يعرفها منذ سنوات على أنّها: أولاً، الابتعاد عن السياسة أو على الأقل عن الحكم المباشر، وثانياً، عملية بناء جيش محترف.

وبهذا، تقول الدراسة،توجد المؤسسة العسكرية بالجزائر أمام معضلة سياسية، فلا هي تستطيع التدخل المباشر في الحياة السياسية للبلاد، خاصة بعد مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نظرا للسياق الدولي والإقليمي الذي لا يسمح بعودة قوية وعلنية للجيش، ولا هي بمنأى عن التحولات الطارئة التي تشهدها البلاد، وبالتالي فالجيش الجزائري يراهن على "الفوضى الخلاقة" في تسييره المرحلة الراهنة.

وتشرح الدراسة ما تقول أنه معضلة الجيش الجزائري بالقول بأنه: "لإنجاح هذه العملية المزدوجة فالجيش بحاجة إلى عنصرين أساسيين: المصادر المالية، والاستقرار الإقليمي والمحلي؛ فالعنصر الأول متوافر، بينما الثاني غير متوافر بشكل كامل" بحسب ما جاء في الدراسة السياسية للمركز البحثي بقطر.

فأمنيًا، يضيف البحث ذاته، أصبحت الجزائر محاطة ببؤر توتر على حدودها كلها، وتتميز جميع تلك البؤر بأنّها تهديدات غير دولتية (وبخاصة الحدود مع مالي وليبيا، وإلى حد ما مع تونس)، أما الحدود مع المغرب فهي محل إشكال منذ عقود بسبب نزاع الصحراء الغربية، وتبقى الحدود مع موريتانيا مستقرة في بُعدها الدولتي لكنّها مخترقة من طرف الفواعل غير الدولتية العابرة للحدود".

أما سياسيًا، يُكمل البحث السياسي، وبخاصة على الصعيد المحلي، فإنّ الوضع غير مستقر لأنّ النظام بل والدولة برمتها معلَّقة على ما يقرره أو لا يقرره الرئيس بوتفليقة الذي أصبح حضوره على الساحة السياسية محدودًا منذ مرضه في عام 2005.

وسجلت الدراسة التحليلية بأنه "على الرغم من تراجع أداء مؤسسات الدولة التي أصبح بعضها في حالة شلل، ومع شيوع انطباعات حول انتشار الفساد، فإنّ الجيش لم يحرّك ساكنًا. وهذا طبيعي، يضيف المصدر، فهو إن تدخل سيُتهم بالانقلاب على السلطة المدنية، بل إنّ الجيش آثر أن يبقى صامتًا حتى إزاء موقف بعض الأحزاب التي طلبت تدخله لوضع حد لانحراف الدولة وبعض المؤسسات عن دورها".

وتابع أصحاب الدراسة بأنه "من الواضح أنّ الربيع العربي لا يسمح بعودة قوية وعلنية ومباشرة للجيش إلى واجهة الأحداث السياسية. ومن ثمّ، يمكن أن نفترض مراهنة الجيش على نوع من "الفوضى الخلاقة" التي يحدثها النقاش والجدل حول مرض بوتفليقة وربما عزله، بشكل يسمح للنخبة السياسية المدنية بالخروج من مأزق "الرئاسة مدى الحياة" بقرارات مستندة إلى شرعية دستورية من دون أن يتدخل الجيش (بشكل مباشر أو غير مباشر).

محمد أمير

من نفس القسم الوطن