دولي

"النكبة".. حديث الذكريات وإصرار على العودة

بعد مرور 65 عاماً عليها

 

 

كان شعور يملؤه الحزن والألم فهو شعور إنسان سلبت أرضه قصراً، ولكن بعون الله "سنعود لأرضنا رغم أنف الاحتلال مهما كلفنا الثمن ولن نتنازل عن حبة تراب من أرض فلسطين" بهذه الكلمات عبر الحاج السبعيني جبر القريناوي من مدينة بئر السبع المحتلة والذي يقطن الآن بمخيم البريج في المحافظة الوسطى من قطاع غزة عن شعوره بعد مرور 65 عاماً على ذكرى النكبة.

خمسة وستون عاماً لم ينسَ الحاج القريناوي أرضه فذاكرته مازال محفور فيها جيداً مشاهد الحياة في تلك الفترة، فيبرر سبب لجوئهم إلى غزة كونها أقرب الأماكن لقريته التي هجر منها وهي بئر السبع -التي ما يزال فيها بعض أقاربه، فيما رحل البعض الآخر للضفة المحتلة والأردن-.

وحول المقاومة التي جابه بها الفلسطينيون العصابات الإسرائيلية في البلدات التي هجروا منها قال الحاج القريناوي: "لقد كان المقاومون يتصدون للعصابات الإسرائيلية ويوقعون بهم الخسائر، وأبرز العمليات التي كانت تشتهر بها المقاومة آنذاك "الكمائن"، مستدركاً: "إلا أن سلاحنا يبقى ضعيفا للغاية مقابل ما كان في يد العصابات التي أمدتها القوات البريطانية بالأسلحة".

يحملون هموم بعضهم

ويستذكر الحاج القريناوي طبيعة الحياة الاجتماعية فيؤكد أن الناس كانت تشارك بعضها البعض في الأفراح والأتراح، حيث "كانوا في الأتراح يقدمون الطعام لأهل الميت على مدار ثلاثة أيام كل حسب قدرته".

وعن أفراحهم في تلك الفترة وعاداتهم في الزاوج فيقول: "كان الشاب يرسل أمه وأخواته لأهل العروس للتأكد من مناسبتها له دون أن يراها، وإذا أعجبتهم يوعزون له بالقبول منها وكان يتم كتابة عقد الزواج في محكمة خانيونس".

ويضيف كان المهر بسيطا جداً حيث لا يتجاوز 40-50 جنيهاً فلسطينياً أي ما يعادل 100 دينار أردني فقط في عصرنا الحالي.

وكانت النساء يلبسن الثياب السوداء المطرزة الغالية الثمن وتحيى الأعراس على ما يعرف بـ"الدحية البدوية" التي كان تستمر في بعض الأحيان لثلاثة أسابيع.

نظام المقايضة

ويستمر الحاج القريناوي في سرد ذكريات الماضي، وقال: "كنا نخرج لغزة يوم الجمعة وكان لدينا نظام يعرف بـ"المقايضة" حيث كنا نبدل 3 كيلو سمن بـ2 كيلو زيتون".

ويتابع وتنهيدة عالية تخرج من فمه: "كانت الحياة صعبة جداً لأن السبع تفتقر إلى الماء وبالتالي كانت المزروعات قليلة نظراً لاعتمادها على ماء المطر".

أما ماء الشرب "فكنا نحصل عليه من صاحب "بير" للماء مقابل قسط من القمح أو الشعير، وكل عائلة تقدم قسطاً حسب حجم العائلة واستهلاكها للماء".

وعن الأعمال التي كانوا يعملون بها فيقول: "كانت هناك مهنة الرعي مقابل أجر سنوي، والحراثة والفلاحة، ودراسة الحب".

رمضان فرصة للتجمع

طقوس شهر رمضان كان لها طعم خاص عند أهل السبع حيث يعتبر شهر رمضان من أفضل الأوقات لتجمع الرجال، فكانوا يجتمعون في "الشق" ويأكلون من طعام بعضهم البعض كسباً للأجر والثواب ويصفون الذي يأكل في بيته بـ"النذالة".

فيما كانت أشهر المأوكلات عندهم هي "الجريشة" و"المفتول" و"فتة اللبن" والسمن البلدي، أما الخضروات فكانوا يأتون بها من غزة ولكنها قليلة نظراً لعدم توفر النقود لشرائها.

أما في الأعياد فيخرج الرجال لمصافحة بعضهم البعض واحتساء القهوة، وفي عيد الأضحى يقومون بذبح الأضاحي من أغنامهم الخاصة وهذا كان شيئا سهلا للغاية نظراً لتوفرها في كل بيت.

ويختم الحاج القريناوي حديثه بالقول: "هم هجرونا بأجسادنا ولكن عزيمتنا وإصرارنا مازال يراودنا في كل لحظة للعودة لديارنا أن لم نكن نحن فأحفادنا وأحفاد أحفادنا".

هذا ولا يزال أكثر من 5,200,000 لاجئ فلسطيني مسجل، وفق سجلات الأونروا، مهجرين بين الأقطار العربية والداخل الفلسطيني يعانون من فصول مأساة الهجرة.

إ: ع. د

 

من نفس القسم دولي