الوطن

العنف ضد المرأة... عنف ضد الأسرة والمجتمع

آليات عديدة وضعتها الدولة لحمايتها وتعزيز مكانتها

اتخذت الجزائر على مدار السنوات الماضية إجراءات عديدة لمحاربة ظاهرة العنف ضد المرأة حيث اعتمدت استراتيجيات شاملة لتعزيز الحماية القانونية والاجتماعية لها، كما استحدث منظومة تشريعية أكثر إنصافا للمرأة، بينما تولي السلطات العليا في البلاد أهمية بالغة للملف حيث شدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في أكثر من مناسبة، على حماية المرأة أيا كان موقعها ودورها في المجتمع، وهو ما يعكس الإرادة القوية والالتزام الجاد بتطهير المجتمع من كافة أشكال العنف وتعزيز حقوق المرأة كركيزة من ركائزه.

وتحمل ظاهرة العنف ضد المرأة أبعادا عديدة منها الصحية، الاجتماعية، والنفسية فالعنف ضد المرأة يعد عنفا ضد الأسرة والمجتمع وهو ما دفع بالسلطات العليا في البلاد لجعل الملف أولوية حيث وضعت أليات عديدة لانصاف المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في المحيط المجتمعي والمهني.

منظومة تشريعية أكثر انصافا

 ولعل أبرز هذه الأليات ما جاء به الدستور الجزائري الذي شدد على حماية المرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظرف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص وهي خطوة نوعية تعززت بها مكتسبات المرأة الجزائرية التي سجلت حضورها وأثبتت جدارتها، القانون رقم 15-19 هو الاخير يعتبر مكسب يحمي المرأة، و يجرّم كافة أشكال العنف ضدها ويشدد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي، بالمقابل فان التعديلات الأخيرة في قانون العقوبات أيضا جاءت لحماية المرأة وردع كل أشكال العنف.

تكفل نفسي وبرامج للتمكين المجتمعي

مساعي كبح ظاهرة العنف ضد المرأة التي تعد ظاهرة عالمية لم تتوقف في الجزائر على جعل المنظومة التشريعية أكثر انصافا للمرأة فحسب بل إمتدت على أكثر من مستوي  فعلى المستوى المؤسسي فقد أنشأت الوزارات الوصية على الملف مراكز استماع ودعم نفسي للنساء ضحايا العنف، حيث تقدّم هذه المراكز الإرشاد النفسي والمساعدة القانونية لتمكين النساء من استعادة حقوقهن،  بالإضافة إلى ذلك، طورت الحكومة برامج لدعم التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال توفير فرص تدريبية وتشغيلية، باعتبار الاستقلال الاقتصادي يعتبر جزءاً أساسياً في مواجهة العنف والحدّ من تبعيّة المرأة. كما تمّ تعزيز التدابير الوقائية من خلال حملات توعوية وطنية بالتعاون مع وسائل الإعلام والجمعيات النسوية، وذلك بهدف تغيير الثقافة المجتمعية السلبية نحو المرأة وتوعية الأفراد بحقوقها وواجباتها.

رأس مال بشري يعول عليه

كل هذه الاليات حققت نتائج إيجابية ملموسة وساهمت في تعزيز الحقوق القانونية والاجتماعية، للمرأة على أرض الواقع، من خلال تعزيز تواجدها في صلب مختلف الاستراتيجيات والبرامج, الى جانب  الرجل, كونها خزانا رئيسيا للعامل البشري المعول عليه في بلادنا فعلى سبيل المثال تشير الأرقام الرسمية ببلادنا أن ما نسبته 62 بالمائة من الطلبة الجامعيين هم نساء, كما أن للمرأة حضورا قويا في الإدارة العمومية بواقع 900 ألف موظفة أي 41 بالمائة من اجمالي الموظفين. وفضلا عن ذلك, فإن 21 الف و500 من الموظفات في الإدارة العمومية يشغلن مناصب عليا, فيما يشغل 1209 منهن وظائف سامية في الدولة,  كما تسجل المرأة مساهمة "فعالة" في المجال الاقتصادي من خلال عدد معتبر من المؤسسات المصغرة بأكثر من 41 الف و500 مؤسسة في إطار الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية "أناد" والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر "أنجام" وهيئات أخرى. كما تم تسجيل انخراط اكثر من 175 ألف امرأة في السجل التجاري، كل هذا ما كان ليتحقق لولا جهود بلادنا لترقية مكانة المرأة إجتماعيا واقتصاديا والذي لا يمكن تحقيقه قبل حمايتها من كل أشكال العنف.

دعوة لبذل مزيد من الجهود

 ورغم الانجازات المحققة والنتائج الايجابية المسجلة في هذا الصدد إلا أن بذل مزيد من الجهود يبقي مطلوب حسب الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني الذين يطالبون برفع مستوى التحسيس للوقاية من حالات العنف ضد المرأة، ملحين على ضرورة تعزيز التنسيق في عمليات المرافقة والتكفل بالحالات المسجلة وكذا مواصلة تفعيل محاور الاستراتيجية الوطنية حول مكافحة العنف ضد المرأة، توفير بنك معطيات حول الحالات المسجلة على المستوى الوطني. وايضا تنسيق الجهود في عمليات التكفل والمرافقة لفائدة النساء ضحايا العنف وتعزيز تدابير خلايا الإصغاء وتدعيمها بالوسائل الضرورية لإنجاح مهامها.

ملف يحظى بالأولوية

هذه الدعوات والمطالب استجاب لها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي شدد خلال مجلس الوزاراء بتاريخ 9 فيفري الجاري، على حماية المرأة أيا كان موقعها ودورها في المجتمع، خاصة وأنها اليوم تتبوأ مكانة هامة في مختلف المجالات". وفي ذات الإطار "كلف رئيس الجمهورية وزير العدل حافظ الأختام ووزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة بالتنسيق مع الوزير الأول لإيجاد آليات قانونية إضافية لحماية المرأة إلى أقصى حد". وتطبيقا لهذه التعليمات ترأست وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة, صورية مولوجي,  اجتماعا تنسيقيا لمباشرة وضع الخطوط الأساسية لإطلاق إستراتيجية وطنية في مجال تعزيز حماية المرأة وترقية حقوقها,".

وأسدت الوزيرة توجيهات هامة حول ''إعداد الإستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد المرأة'', مؤكدة على ضرورة "تطوير وترقية آليات حمايتها وإدراجها ضمن المحاور الكبرى للإستراتيجية, وصولا إلى أعلى مستوى ممكن من الحماية الاجتماعية والقانونية", من خلال "إدراج محاور ذات أولوية تشمل مختلف جوانب الحماية الممكنة وكيفيات تطبيق إجراءاتها". وضمن التوجيهات أيضا التي قدمتها الوزيرة, تكليف المديرية العامة للأسرة وقضايا المرأة والتلاحم الاجتماعي بالتنسيق مع المجلس الوطني للأسرة والمرأة بإنجاز الإستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد المرأة, تنظيم دورات تكوينية في التأهيل قبل الزواج, تنظيم أيام دراسية حول آليات التلاحم الأسري, و تقييم آليات التمكين السياسي للمرأة في المجالس المنتخبة. ولنفس الغرض, قدمت الوزيرة تعليمات لإنشاء وإطلاق "الرقم الأخضر" للتبليغ عن العنف ضد المرأة, انجاز منصة تشاركية للتكفل الشامل بالمرأة المعنفة, انجاز الدليل القانوني لحماية المرأة وترقيتها و تعزيز تكوين خلايا الإصغاء والدعم النفسي والتوجيه والمرافقة.

من نفس القسم الوطن