الوطن
"الفاسيليتي" ملاذ الأسر الجزائرية لتأثيث منازلهم
الغلاء وارتفاع الأسعار رفع من الإقبال عليها
- بقلم حياة س
- نشر في 28 ديسمبر 2023
تحول اليوم الشراء بالتقسيط أو ما يعرف بـ"الفاسيليتي" إلى ملاذ الأسر الجزائرية الراغبة في تأثيث منازلها أو شراء مستلزمات جديدة، بعد أن دفع الغلاء وارتفاع الأسعار بهذه الأسر إلى التفكير ألف مرة أو الادخار لأشهر عديدة حتى تقوم بتغيير ثلاجة أو تجديد صالون المنزل أو حتى اقتناء هاتف نقال جديدة، وحفزتّ الإجراءات الجديدة المبسطة التي أضحت تعتمد عليها أغلب المحلات المتخصصة في هذا النوع من البيع إلى الاقبال عليها غير أن ما يعاب عليها أن هذه التسهيلات والتحفيزات مخصصة فقط للموظفين دون غيرهم من الأجراء.
لطالما ارتبط الشراء بنظام التقسيط في الجزائر على أصحاب الدخل المنخفض أو الراغبين في شراء سيارات أو منازل أين يفضل هؤلاء التوجه لهذا النوع من البيع لتقليل المصاريف وتقسيم أعباءها على أشهر عدّة بدل تحملها على شهر واحد، لكن اللافت هذه المرة هو أن التوجه نحو الشراء عبر التقسيط أو ما يعرف بـ"الفاسيليتي" هو خيار أصحاب الدخل المتوسط وفوق المتوسط وذلك لأسباب عدّة يرجعها البعض ممن سألناهم إلى الغلاء الذي تعرفه أسعار مختلف التجهيزات المنزلية والأجهزة الإلكترو منزلية وهذا ما دفعهم إلى الإقبال على عروض الدفع بنظام التقسيط بدل دفع الأسعار مرة واحدة.
محلات تعرض الخدمة وسط إقبال كبير
وفي السياق قالت السيدة نصيرة. ك وهي موظفة في سلك الإدارة والتي اقتنت حديثا تجهيزات جديدة لمنزلها الذي حصلت عليه مؤخرا في سياق برنامج البيع بالإيجار "عدل" أنها فضلت اقتناء عدّة تجهيزات إلكترو منزلية عبر الشراء بنظام "الفاسيليتي" وذلك لكي تتمكن من الانتقال إلى منزلها الجديد، وأوضحت بأن الغلاء الكبير لمختلف التجهيزات واللوازم التي يحتاجها منزل جديد دفعها إلى قبول هذا الخيار الذي عرضته عليها احدى صديقاتها، وأشارت إلى أن راتبها الشهري يقدر بـ 45000 دينار أخذت بموجبه حاجياتها الأساسية بما يقارب الـ 8000 دج وهو رقم مناسب تماما لميزانيتها، وأشارت في سياق حديثها معنا إلى أنها إذا لم تقبل على هذا الخيار فإنه من الصعب عليها تأثيث المنزل.
وعن الإجراءات التي قامت بها للحصول على هذه المستلزمات أكدت بأن الأمر كان جد بسيط بالنسبة لها حيث توجهت إلى أحد المحلات بإقليم البلدية التي تعمل بها والمتخصصة في مجال البيع بالتقسيط واختيار ما يلزمها من أغراض ثم بعد وضع الملف على مستوى المحل تم الاتصال بها بعد فترة قصيرة لأخذ ما تحتاجه، وأكدت في هذا الصدد أن العملية لم تأخذ منها أكثر من شهر واحد وهو ما استحسنته.
48 ساعة فقط لمعالجة ملفات الزبائن
وللاطلاع أكثر عن هذا الموضوع وقفنا على طريقة عمل هذه المحلات عن قرب، حيث أشار لنا السيد حسين. س المسير لمحل يقع في بلدية باب الزوار مختص في البيع عن طريق التقسيط أن الأمر بالنسبة إليهم لا يأخذ أكثر من يوم واحد لمعالجة الملف وأخذ الزبون للسلع التي يرغب في شراءها عن طريق نظام البيع بالتقسيط.
وأوضح محدثنا يقول أن الزبون بعد الاطلاع على المنتجات يقوم بتزويدنا برقم حسابه البريدي ثم نقوم نحن عن طريق نظام المعالجة بمعرفة دخل الزبون وكم مبلغ التقسيط الذي يمكننا منح سلع على أساسه والذي يجب أن لا يتعدى نسبة الـ 30 بالمائة من إجمالي الدخل الشهري له، وبعد ذلك يمكنه التوقع على وثائق الشراكة هذه لدى مصالح البلدية ثم جلبتها إلينا لنقوم بعد ذلك بتسليمه وبشكل فوري الأغراض التي يريدها.
ويعني هذا أن العملية لا تأخذ سوى 48 ساعة ويمكن للزبون أخذ السلع التي يريد الاستفادة منها، وعن عدد هذه السلع أكد المتحدث أنها تبقى مرهونة باعتبارات عديدة أهمها الراتب الشهري للزبون وسعر السلعة إضافة إلى عدد السلع فهناك من يريد الحصول على 4 أشياء وهناك من يكتفي بسلعة واحدة وآخر أكثر وهكذا.
وعن الأسس التي يعتمدها نظام البيع بالتقسيط الذي تروج له المحلات التجارية والتي أصبحت اليوم متواجدة في أغلب الأحياء بإقليم الجزائر العاصمة ومختلف الولايات أكد السيد حسين. س أن الأساس الأول هو أن يكون الزبون موظف وليس عامل أو أن يكون متقاعدا ويملك حسابا بريديا جاريا يستقبل فيه أمواله شهريا، وأن يدفع مبلغ دراسة الملف والمقدرة بـ 2000 دج والتوقيع على الوثائق الخاصة بالبيع بالتقسيط وهي الشروط المحددة في القانون وفقط.
وفي رده على سؤالنا حول السرّ وراء اقتصار البيع بالتقسيط على فئة الموظفين والمتقاعدين دون غيرهم من الأجراء كالعمال في القطاع الخاص أكد محدثنا إلى أن أغلب العاملين في القطاع الخاص يقومون بتضخيم الأجرة الشهرية الخاصة بهم وذلك رغبة منهم في الحصول على سلع أكثر وهو ما يجعلهم في وقت لاحق غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم الشهرية ولكي نتجنب هذا الأمر نعمل نحن في محلاتنا التي تتواجد في عدّة بلديات بالجزائر العاصمة على هذه السياسة.
المشرع لحماية التاجر والمشتري
وبالعودة إلى المشرع الجزائري الذي أقر هذا النوع من البيوع نجد أنه حدد ذلك القانون رقم 09/03 المؤرخ في 25 فيفري 2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش وإشارة ضمنية في إطار نص المادة 66 و 68 من القانون رقم 03/11 المؤرخ في 26 أوت 2003 المعدل والمتمم بالأمر 104/ 04 المتعلق بالنقد والقرض، ووفق نص المادة 03/20 تكشف المادة عن ازدواجية تكييف البيع بالتقسيط فهو عقد بيع مع ما له من الطابع الخاص المتعلق بتعليق نقل الملكية إلى البائع على الوفاء بكامل أقساط الثمن في إطار القانون المدني وهو عقد قرض في إطار النصوص الخاصة.
باعتبار البيع بالتقسيط أحد صور البيع الملزم لجانبين فإن أخل أحد الأطراف بالالتزامات الواقعة على عاتقه، طبقت القواعد العامة التي تكفل حقوق المتعاقدين في العقود الملزمة لجانبين، والقواعد الخاصة مراعاة لصفة أطراف العقد في إطار العلاقة الاستهلاكية، إضافة إلى تلك القواعد الخاصة مراعاة للأجل كأهم الخصائص التي تميز البيع بالتقسيط والمنصوص عليها في المادة 363 من قانون الحالة المدنية.
ويعتبر عقد البيع من العقود الناقلة للملكية، إذ ينقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري أو يرتب التزاما بنقلها، مقابل التزام الأخير بدفع الثمن المحدد في العقد نظير ذلك.
وعقد البيع كأصل عام من العقود الفورية التنفيذ إذ أن تنفيذ الالتزام بدفع الثمن، والالتزام بنقل الملكية يتم فور إبرام العقد، غير أن تنفيذ هدين الالتزامين قد لا يكون فوريا، إنما يتفق إرجاؤه لوقت لاحق عن إبرام العقد نظرا لما تقتضيه حاجة المعاملات، إذ اعتاد المتعاملون على الصعيدين الاقتصادي والتجاري الاتفاق على احتفاظ البائع بملكية المبيع إلى حين دفع كامل أقساط الثمن، وهذا ما نصت عليه المادة 363/1 من قانون الحالة المدنية ،إذ أن البائع غالبا ما يشترط تأجيل الملكية لحين الوفاء بأخر قسط من الثمن ضمانا منه الاستفاء حقه في الثمن المؤجل، أو ما تبقى من الأقساط، فصار بذلك شرط الاحتفاظ بالملكية من أهم الضمانات الاتفاقية التي تقف في صف البائع سعيا منه لاستيفاء ثمن المبيع، وارتبط الشرط ارتباطا وثيقا بتأجيل الوفاء بالثمن، وصار بذلك الشرط من أهم الضمانات غير المسماة في التشريع الجزائري إلى جانب الضمانات الاتفاقية والقانونية المعروفة التي عجزت عن تحقيق الضمان الكافي لتعقيد إجرائها وارتفاع تكلفتها وعدم مواكبتها للتطورات الاقتصادية.
وزارة الشؤون الدينية تفصل في الجدل
وبالعودة إلى فتاوى وزارة الشؤون الدينية حول هذا النوع من البيوع، يوضح بنك الفتاوى الجزائري الذي تشرف عليه الوزارة وفق ما بحثنا عنه في موقعها الإلكتروني الذي يعتبر مرجعا للباحثين عن فتاوى شرعية لشؤون حياتهم اليومية الدنيوية، نجد في خانة البيع بالتقسيط سؤال وجه في 2005 إلى لجنة الافتاء جاء فيه أن السائل يستفسر حول رغبته في شراء أدوات كهرو منزلية بالجملة ويرغب في بيعها للناس بالتقسيط لمدة سنة وذلك بعد إضافة مبلغ محدد فقال السائل في نص سؤاله: " أشتري جهاز تلفاز بـ 13000.00 دج وأبيعه بـ 20000.00دج على أن يدفع المبلغ على مراحل (كل شهر)"، مشيرا أيضا إلى أنه يقع الرضا التام من طرف الشاري بل ويبدي شكره وامتنانه بنوعية الخدمة المقدمة حيث يقوم أيضا بإيصال البضاعة إلى منزل المشتري مع تقديم كافة التسهيلات والخدمات الضرورية، لكن من يقدم المبلغ كليا في الحين يقوم بتقديم تخفيض له من ثمن بحيث في مثالي السابق يصبح 14000.00 دج مثلما هو سعر السوق، وعليه يستفسر حول رأي الشرع في هذه المعاملة ومدى سلامتها من الربا.وجاء الجواب بالقول أنه لا بأس بالبيع التقسيط في غير الأجناس الربوية مع زيادة، كالأدوات الكهرو منزلية بجميع أصنافها والسيارات والأدوات، مضيفا : "ليست من الأصناف الربوية".