الوطن

مناسباتية، فوضى وعشوائية في عمل الجمعيات الخيرية في الجزائر؟!

مع اقتراب رمضان، "الرائد" تفتح ملف العمل الخيري

يعود مع اقتراب شهر رمضان -الذي يعد ذروة النشاط الخيري والجمعوي - الحديث عن مناسبتية العمل الخيري بالجزائر وغياب منهج للعمل الخيري المؤسساتي عند الجمعيات وحتي رجال الأعمال وأصحاب الأموال حيث يلاحظ السنوات الأخيرة تنامي نشاط الجمعيات الخيرية وحتى الشباب المتطوع الذي اختار العمل دون أي انتماء غير ان هذا النشاط لم يتمكن في الوصول إلى ما يعرف بالعمل الخيري التنموي لعدة أسباب وعراقيل ليبقي عمل الجمعيات في الجزائر مرتبط فقط بالمناسبات الدينية.

  • فوضى وعشوائية يتخبط فيها العمل الخيري في الجزائر

وتكثر العمليات التضامنية هذه الفترة مع اقتراب شهر رمضان ضمن نشاط خيري يعرف حركية كبيرة خلال المناسبات الدينية والاجتماعية وهو ما يعد معط إيجابي وصورة من صور التكافل الاجتماعي بين الجزائريين غير انه يعاب على العمل الخيري بالجزائر أنه يبقي في اطار مناسباتي بعيدا عن العمل الخيري المؤسساتي الذي بدا يطبق كنموذج في العديد من البلدان المتقدمة وحتي بلدان عربية استطاعت من خلال تأسيس قاعدة متينة للعمل الخيري ان تبني كبري المستشفيات المتخصصة فقط من تبرعات المحسنين على غرار التجربة المصرية في بناء مستشفى سرطان الأطفال 57357 التي تعد تجربة ناجحة وجب الاقتداء بها، و في هذا الصدد يري ناشطون جمعويون ان عراقيل عديدة عطلت من بناء قاعدة عمل خيري مؤسساتي بالجزائر معتبرين ان العمل الخيري يعرف السنوات الأخيرة حركية ملحوظة خاصة خلال ازمة كوفيد 19 اين استطاعت الجمعيات الخيرية والمتطوعون عبر الوطن من المساهمة في مد يد المساعدة للعديد من العائلات والتخفيف من حدة الازمة الصحية على فئة الفقراء والمعوزين غير ان ذلك يبقي بعيدا عن التصور الحقيقي للعمل الخيري المؤسساتي فما تقوم به جمعيات خيرية بالجزائر لا يعدو أن يكون عمل خيري على طريقة "الأجداد" فحتي ارقام مضبوطة و صحيحة عن عدد المحتاجين في الجزائر غير موجودة.

  • النشاط الخيري المؤسساتي... الثقافة الغائبة عند أثرياء الجزائر

بالمقابل فان مموني العمل الخيري في الجزائر عكس دول رائدة في العمل الخيري المؤسساتي غير موجودين فأثرياء الجزائر لا يستهويهم النشاط الخيري المؤسساتي المنظم، لافتقادهم ثقافة خلق مؤسسات خاصة بهم تعنى بالغرض، شأن ما تنتهجه أكبر الشخصيات الثرية عبر العالم  و يعاب على رجال الأعمال الجزائريين و أثرياءها تغييب روح المبادرة في الأعمال الخيرية التي لا يظهر لها أثر لا في المناسبات و لا خارجها، لتبقى محصورة في بعض التحركات المحتشمة التي تعد على الأصابع، قد يكون محورها قفة رمضان أو التكفل بختان الأطفال المعوزين بينما  المتتبع لخرجات هؤلاء لا يلمس أي نشاط منظم و مهيكل يخدم الطبقة الهشة من المجتمع ضمن برنامج سنوي مرشح للتطور بمرور السنين، كما أن التفكير مُغيب في إنشاء مؤسسات خيرية تحمل أسماءهم و تُنيب عنهم في كل الظروف، مناسبات كانت أو في حالات الكوارث و مختلف الإعانات الموجهة للطبقة المحرومة في سياق منظم، شأن ما يقوم به أكبر رجالات المال والأعمال العرب.

  • "أزمة ثقة" تشجّع على العمل الخيري الحرّ!

من جهتهم يحرص الشباب المتطوعين في مجال العمل الخيري كل مرة على إبراز هويتهم كفريق متطوع حر ولا ينتمي إلى أي جمعية من أجل الحفاظ على مصداقيتهم. وتجنّب الوقوع في الخلط بينهم وبين الأعضاء المنخرطين في الجمعيات والذين يواجهون في حالات كثيرة تهمًا بالسرقة والاحتيال وعدم إيصال التبرّعات لأصحابها ومستحقيها والتلاعب بالميزانية التي يحصلون عليها من الدولة. وتُتّهم العديد من الجمعيات في الجزائر بالتلاعب كذلك في توزيع التبرّعات المالية و المساعدات على الأقارب والمعارف من غير مستحقيها الحقيقيين ممثلين في العائلات الفقيرة. وتعتبر أزمة الثقة هذه في الجمعيات الخيرية المؤسّسة و المعتمدة قانونيًا من قبل الدولة، امتدادًا لأزمة الثقة في السلطات العمومية. و هي الأزمة التي خلقتها الفضائح المتكرّرة المتعلقة بالتلاعب في توزيع بـ"قفة رمضان"، بالإضافة إلى حوادث السرقة و النهب في صندوق الزكاة والتي تسجّل سنويًا في مناطق متفرقة من الوطن. كل هذا، جعل كثيرًا من الشباب لا يغامرون بالانخراط في الجمعيات ويفضّلون التوجّه للعمل الخيري الحرّ بعدما وجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي فضاءً للتواصل بشكل فعّال و تنظيم أنشطتهم المناسباتية و الدورية وهو ما عطل إقامة قاعدة للعمل الخيري المؤسساتي الذي يسير في الجزائر بطريقة عشوائية و غير منظمة.

من نفس القسم الوطن