محلي

تذبذب الإنتاج "معضلة" قطاع الفلاحة في الجزائر

رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الفلاح وكذا مرافقة الدولة

يعرف القطاع الفلاحي بالجزائر انتعاشا كبيرا مقارنة بالعقود الماضية، نتيجة للجهود الكبيرة التي يبذلها الفلاح، وكذلك مرافقة الدولة لبعض الشعب الفلاحية، إلا أن ذلك لم يعد كافيا في ظل التذبذب الكبير في الإنتاج، وانتقال نمط الزراعة السنوية إلى الموسمية في بعض الخضروات والتي باتت تشهد في الفترة الأخيرة ارتفاعا كبيرا في أسعارها ما يتسبب في موجات غلاء مستمرة في الأسواق "تحرق" جيوب المستهلكين.

ويقر المسؤولين في قطاع الفلاحة وأيضا الفلاحيين وحتى الخبراء أن وضعية قطاع الفلاحة شابه العديد من الاختلال السنوات الأخيرة بسبب الاضطراب بين العرض والطلب والكساد الملازم للمنتجين، ما خلف احتجاجات متكررة للفلاحين عبر ولايات الوطن، ودفع بفعاليات مدنية وفلاحية إلى توجيه نداءات متكررة للسلطات العليا في البلاد وعلى رأسها وزارة الفلاحة لإعادة النظر في الوضعية الحالية للإنتاج الفلاحي وضبطه وحمايته بالتزامن مع حماية المستهلك، من خلال التوجه بتصنيف بعد المحاصيل واسعة الاستهلاك كمحاصيل استراتيجية على غرار محصولي القمح والشعير. وفي نفس السياق، يتوقع خبراء في مجال الزراعة تقلص حجم الفلاحين ومساحاتهم في بعض الزراعات التي شهدت كسادا، ما ينذر بأزمة فعلية قد تعرفها بلادنا وتؤثر سلبا على الإقتصاد الوطني من جانب اخر يطرح كل موسم انتقال ما بين الفصول ازمة أسعار للمنتجات الفلاحية بسبب انخفاض العرض كما  هو متوقع الفترة المقبلة وهو ما يرفع أسعار النهائية لمختلف المواد الفلاحية متسببا في موجات غلاء غير معقولة بينما يؤكد الفلاحون بدورهم تكبدهم لخسائر معتبرة كل موسم بسبب تقلبات الأسعار.

 ضبط الأسعار ممكن من خلال شراء الدولة للمحاصيل النهائية

 وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الزراعي أكلي موسوني في ظل الارتفاع الكبير الذي تعرفه المحاصيل الزراعية  أن مسؤولية ضبط الأسعار في السوق ترجع إلى الدولة بالأساس، مشيرا أنه من غير المعقول أن يبيع الفلاح منتوجه بسعر التكلفة، بل وبأقل من ذلك في بعض الأحيان، كما حدث  المواسم الماضية لمنتجين  في ولايات الجنوب منها ولاية الوادي والتي تعتبر رائدة في المجال الفلاحي، وهنا لا يمكن أن يوجه اللّوم للفلاح على كثرة الإنتاج، لأنه في الحقيقة يقوم بدوره كمنتج أوّل وعلى الدولة أن تتدخل في ضبط عملية العرض والطلب بالآليات المناسبة التي تضمن حق الفلاح والمستهلك في نفس الوقت كي لا نري بعد ذلك أسعار كالتي نراها في الأسواق هذه الفترة حيث بلغت أسعار البطاطا الـ80 والـ90 دينار في وقت باعها فلاحون سابقا بـ20 وحتي 10 دينار  واعتبر موسوني ان ضمان استقرار الأسعار عبر كافة المواسم وتجنيب الفلاحيين الخسارة بسبب تقلبات الأسعار والإنتاج لا يتأتى ذلك إلا بشراء المنتوج من طرف الدولة بسعر مناسب لتبيعه أيضا في الوقت المناسب وبسعره المناسب، ويكون في هذه الحالة الكل رابح، ومن جانب آخر يجب على الفلاح أن ينظم نفسه في تعاونيات تعمل على ضبط عملية الإنتاج كما ونوعا حتى تتم السيطرة على أي خلل يمكن أن يؤثر عليهم.

هكذا يمكن معرفة ما ننتج ونستهلك وما يمكن تصديره

 ومن جانب آخر، أضاف الخبير الزراعي أن عملية الضبط التي تقوم بها الدولة تمكن من معرفة الطلب الكلي الذي يخلق التوازن في السوق المحلي، وبالتالي تمكننا هذه العملية من معرفة قدراتنا التصديرية في هذا المجال، وهو المبتغى المأمول من خلال تنويع سلة الصادرات وعدم الاعتماد فقط على قطاع المحروقات، بل يمكن أن نضيف الذهب الأخضر لقائمة المنتجات المصدرة إلى جانب الذهب الأسود. إضافة إلى ذلك، بحسب موسوني فإنه وجب على الدولة عن طريق لجان الاستثمار المحلية وآليات الدعم مساعدة الشباب في إنشاء المؤسسات الناشئة التحويلية، فوجود مصنع لرقائق البطاطس مثلا أو لمصبرات الطماطم بولاية الوادي استثمار ناجح بكل المقاييس، فمن جهة نقلل التكاليف على المؤسسات لقرب المادة الأولية من ورشات التصنيع، ومن جهة أخرى تحريك عجلة التنمية في الولاية بزيادة تشغيلية للشباب وخلق القيمة المضافة، وهذه العملية تساعد أيضا في تشجيع عملية التصدير خارج قطاع المحروقات، ولا يحتاج الأمر إلا إلى إرادة حقيقية بالإضافة إلى توفير البنى التحتية المرافقة لاسيما عمليات النقل بالسكك الحديدية وتحرير عمليات الشحن الجوي.

تصدير المنتجات الفلاحية لا يزال مرهون بإزاحة هذه العراقيل

 من جانب أخر قال موسوني ان مصدرون للمنتجات الفلاحية،  لا زالوا يشتكون من وجود تعقيدات في عملية التصدير ما جعلها تظل محتشمة ودون المأمول، داعيا السلطات العليا في البلاد لسن قوانين خاصة تشجع على ولوج الأسواق الخارجية ، وكذلك إدراج مشاريع موانئ جافة قرب مناطق الانتاج الزراعي في الهضاب والجنوب، وانجاز مدارج للشحن بالمطارات الداخلية عبر الولايات. مع العمل على تذليل وتسهيل كل الخطوات التي تسبق التصدير كالتنضيب والمراقبة وتسليم شهادات الجودة المخبرية والدولية لمختلف المنتجات في المطارات في ظرف قصير، بغية تشجيع وتحفيز المصدّرين والفلاحين على الانخراط في هذه العملية الهامة والاستراتيجية.

من نفس القسم محلي