محلي

شعبة البطاطا.. اختلالات في الإنتاج والتسويق يدفع ثمنه المستهلك؟!

أسعارها وصلت لمستويات قياسية مع اقتراب شهر رمضان

تعاني شعبة البطاطا منذ سنوات اختلالات عديدة واضطرابات في الإنتاج بين الوفرة والندرة بينما تعتبر المضاربة والمشاكل التي يتخبط فيها المنتجون عوامل اخري تتسبب في عدم استقرار هذه الشعبة  وهو ما أثر على الأسعار التي تعرف تقلبات عديدة ومستوي مرتفع منذ أشهر ما استنفر الحكومة من اجل إعادة ضبط  هذه الأسعار مع اقتراب رمضان خاصة وأن هذه المادة تعتبر من اكثر المواد استهلاكا لدى الجزائريين.

مخاوف من استمرار أزمة الأسعار لغاية شهر رمضان

ويتخوف ان تصل  أسعار البطاطا مع اقتراب شهر رمضان إلى مستويات "جنونية" حيث يخشى المواطنون تكرار سيناريو شهر أكتوبر الماضي اين وصلت أسعار هذه المادة حدود الـ160 دج بسبب المضارب، في حين يؤكد مراقبون للأسواق ان هذا السيناريو مرشح ان يتكرر فعليا مع اقتراب رمضان بسبب عدة عوامل من بينها هو تزامن الشهر الكريم مع فترة فراغ تعتبر من الفترات التي يقل فيها عرض عدد واسع من الخضر والفواكه،  من جانب اخ فأن استمرار الجفاف قد يؤخر جني محاصيل البطاطا في الولايات الشمالية لما بعد رمضان،  وهو ما قد يتسبب في ارتفاع كبير في الأسعار خلال الشهر الكريم، هذا وحسب عدد من تجار الجملة الذين تحدثنا معهم في سوق الكاليتوس للخضر والفواكه بالعاصمة فإن نقص متكرر  في العرض بات يسجل في مادة البطاطا الأشهر الأخيرة بسبب أن العديد من الفلاحيين تراجعوا عن غرس هذه المادة منذ مدة نظرا لارتفاع تكاليفها المتعلقة بالبذور والأدوية والتسميد زيادة على الحرث واليد العاملة، حيث تكبدوا خسائر فادحة  السنوات الماضية الأمر الذي جعلهم يتراجعون عن الاستثمار في هذه الشعبة الفلاحية مخافة تسجيل خسائر أخرى وهو ما ادى إلى تقلص المساحات المزروعة ويؤكد التجار أنه رغم محاولات الوزارة الوصية ضبط الأسعار من خلال الكميات المخزنة التي يقوم الديوان الوطني المهني للخضر بضخها ألا ان هذه الكميات لم تعد كافية لضبط الأسعار مما يؤكد بأن المستهلك سيتحمل اعباء إضافية مع توقع وصول أسعارها إلى حدود 140 دينار جزائري الأسابيع المقبلة استنادا إلى أسعارها على مستوى أسواق الجملة.

وزارة الفلاحة تتخذ إجراءات استعجالية لوقف لهيب الأسعار

هذا ويمثل حاليا ملف "ارتفاع أسعار البطاطا" أولوية لدى وزارة الفلاحة التي استنفرت مديرياتها من اجل العمل على ضبط الأسعار قبيل رمضان حيث أعلنت الوزارة  عن تجهيز أزيد من 14 ألف هكتار من محصول البطاطا للجني بولاية واد سوف، بغرض تموين السوق. وطمأنت الوزارة في بيان لها أن هذه الكمية ستكفي لتلبية حاجيات السوق، منوهة بجهود السلطات في مكافحة كل أشكال المضاربة، وسارعت مديرية المصالح الفلاحية بولاية الوادي إلى توجيه نداء للفلاحين برفع سعر شراء البطاطا من عند المنتجين بـ60ج بعد ما كانت تتراوح العام الماضي ما بين 30 و40 دج، بالإضافة إلى توفير العديد من الامتيازات على غرار سرعة تسديد مستحقات المنتج عن طريق صح بنكي أو تحويل لحساب جار وتوفير شركات التبريد العمومية لصناديق شحن المنتج ووسائل النقل، ومساعدة الفلاحين في جني المحاصيل وهذا بهدف توفير اكبر كميات من الإنتاج حاليا لضخها في الأسواق وتخزين كميات أخرى من أجل إخراجها خلال شهر رمضان وضمان تميون الأسواق حتى لا تطرح أي ازمة بشأن هذه المادة.

استراتيجية تمتد لغاية 2024 لتطوير الشعبة

بالمقابل تعد شعبة البطاطا من الشعب التي تعاني السنوات الأخيرة من اضطرابات عديدة وهو ما اثر على الإنتاج والتسويق، وهو ما جعل وزارة الفلاحة تضع خطة واستراتيجية لتطوير هذه الشعبة  لاسيما ضبط ما تعلق بضبط السوق وحسب الخطة التي سبقت وأعلنت عنها الوصاية والتي تمتد لغاية 2024 فإن فرع البطاطا، على اساس انتاج سنوي يقدر ب 5ر4 مليون طن منها أكثر من 350000 طن من البذور، يمنح معامل استهلاك يقدر ب 100 الى 110 كلغ للفرد سنويا فضلا عن استحداثه لأزيد من 60.000 منصب عمل مباشر. و بهدف ترشيد النفقات العمومية و تقليص الواردات، حددت خارطة الطريقة كهدف لها تجزئة الانتاج بشكل يضمن ضبط السوق وتموين وحدات التحويل والتصدير. كما يتعلق الأمر أيضا ب "تحديد وارادات البذور فقط لحاجيات برنامج التكثيف للأنواع المحمية"،  من جهة أخرى، فأن البذور المنتجة محليا تغطي ما معدله 80 بالمئة من حاجيات مختلف برامج الغرس فيما تتم تكملة الباقي بالاستيراد . و تأخذ هذه الأهداف في الحسبان "الامكانيات الواسعة" لتطوير هذه الزراعة الاستراتيجية التي تقدر مساحتها 150000 هكتار على غرار تنوع المناخ الذي يسمح بتحقيق انتاج على مدار السنة، والتنوع والتنظيم المهني الموجود، فضلا عن تعبئة وسائل تمويل.

هذه المشاكل والعراقيل يعاني منها المنتجون

هذا ويطرح المنتجون في شعبة البطاطا من جهتهم  عبر العديد من الولايات مشاكل بالجملة باتت تعرقل نشاطهم كطبيعة بعض المناطق والتي باتت الأراضي الزراعية بها غير مناسبة لزراعة هذا المنتوج بالإضافة إلى نقص كميات الأمطار المتساقطة، كون زراعة البطاطا تحتاج لكميات كبيرة من المياه أثناء نموّها لإعطاء منتوج وفير وجيد. وساهمت أيضا عوامل بشرية أخرى، في قلة إقبال الفلاحين، على زراعة هذا النوع من الخضر الواسع الاستهلاك، منها تذبذب في التسويق فأحيانا يتم تسجيل وفرة في الإنتاج وهو ما يهوي بالأسعار لمستويات دنيا تتسبب في خسائر كارثية لدى الفلاحين.

ويشير فلاحون إلى تراجع  المساحات المزروعة إلى أكثر من 50 بالمائة، بسبب عدم وجود أماكن التخزين معتبرين أن جذور الازمة الحالية تعود لثلات سنوات قبلا عندما  وصل سعر البطاطا  إلى حدود 7 و10 دنانير بسوق الجملة، وهو ما أرغم الفلاحين على الانسحاب من هذه الشعبة بسبب الخسائر التي تكبدها الفلاحون آنذاك، أين خسروا أموالهم وتوجهوا إلى أعمال أخرى خارج مجال الفلاحة، وهو ما خفض من المساحة المزروعة عبر العديد من الولايات.

  • دعوة لخلق سوق محلية للبذور

وعن المشاكل التي تعاني منها شعبة البطاطا أيضا يؤكد الخبراء في القطاع الفلاحي  أن الحلقة الأضعف في الشعبة هو أنتاج البذور مؤكدين على الأهمية التي تكتسيها حلقة إنتاج البذور في سلسلة شعبة البطاطا وآثار ذلك على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني ككل، ويشير الخبراء أن إنتاج البذور القاعدية أمر لا بد من التوجه اليه في الجزائر  باعتبار أن هذه العملية ستوفر من 70 إلى 100 مليون أورو من العملة الصعبة، داعيين إلى حتمية خلق سوق محلية للبذور، بالذهاب إلى إنشاء المخابر المحلية والوطنية للتحكم في البذور، مع ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي،  والتركيز إنتاج البذور القاعدية التي تعتبر الأصل، في تطوير شعبة البطاطا، لتفادي عمليات استيراد بذور البطاطا الأولية بصنفيها، كما يدعو الخبراء الزراعيون إلى ضرورة تحسيس الفلاحين في هذا الفرع بأهمية تطوير الزراعة المكثفة لتحسين المردود بتكلفة أقل باستخدام تقنيات الري بالتنقيط والأسمدة فتقنيات الإنتاج هذه هي الأنسب لمناخنا على عكس التوسع الزراعي الذي يتطلب تعبئة مساحات زراعية كبيرة ومدخلات وموارد مائية أكبر ومن أجل تحسين المردود يدعو الخبراء أيضا  إلى ضرورة متابعة مسار الإنتاج التقني من اختيار الأصناف إلى الحصاد مرورا باختيار الأسمدة وإعداد التربة وتقنيات الري .

من نفس القسم محلي