الوطن

"الخواص" لتحقيق الانفتاح "المصرفي" ودعم "الانعاش الاقتصادي"

دعوة لاعتماد مزيد من البنوك الأجنبية في الجزائر وفتح بأخرى خاصة

تسعى الحكومة في إطار مساعي الإنعاش الاقتصادي منذ فترة لإيجاد حلول لمعضلة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الوطني من خلال إصلاح  عدد من القطاعات منها قطاع الاستثمار غير أن هذه المحاولات والمساعي يجب ان ترافقها إجراءات مكمّلة حيث يري الخبراء أن انعاش الاستثمار سواء المحلي او الأجنبي يحتاج إلى انفتاح النشاط البنكي، من خلال منح مزيد من الاعتمادات للبنوك الأجنبية من اجل النشاط في الجزائر والسماح بفتح بنوك خاصة يمكنها استقطاب رؤوس أموال إضافية والحصول على الخبرة لتطوير النظام المصرفي في مجال التمويل الدولي وطرق الدفع الإلكتروني.

  • أسباب غير مبررّة تمنع البنوك الأجنبية من الاستثمار في الجزائر

ولا يزال منح اعتماد البنوك الأجنبية الجديدة في الجزائر سواء أكانت عربية أو أوروبية معلق لأسباب غير واضحة للخبراء وحتى المستثمرين في حين لم يفرج لغاية الأن عن فتر الشروط المتعلق بفتح بنوك خاصة في الجزائر كل هذا يأتي  في ظل تأخر المنظومة البنكية وضعف التغطية التي تبقى الأضعف في منطقة المتوسط، بمعدل شباك لكل 25 ألف نسمة، إذ تبقى الجزائر أقل البلدان المغاربية من حيث نسبة التغطية البنكية، مع وجود 29 بنكا ومؤسسة مالية ومصرفية نشطة، وغياب أي بنك جزائري خاص، ونسبة تغطية تقدر بشباك لكل 25 ألفا، بينما تسجل تونس على سبيل المثال شباك لكل 9000 نسمة، وهو ما يكشف عن ابتعاد الجزائر كثيرا عن المقاييس الدولية في مجال التغطية والتي تتراوح ما بين شباك لكل 1500 و5000 نسمة كمعدلات، وتعكس المؤشرات الدولية التخلف الكبير للمنظومة البنكية الجزائرية مقارنة بنظيرتها في الحوض المتوسط وحتى معظم البلدان العربية، حيث تسجل الجزائر مثلا إحدى أضعف نسب التغطية بالشبابيك الآلية، بنسبة 6.5 شباك لكل 100 ألف نسمة مقابل 23.59 شباكا في تونس مثلا.

  • "قصور" في التغطية البنكية يفاقم الكتلة النقدية في السوق السوداء

ويتشكل النظام البنكي الجزائري من 27 بنكا ومؤسسة مالية وشركتين ماليتين للقرض الإيجاري، وتتضمن قرابة 1400 وكالة أغلبها تابعة للبنوك العمومية وهو ما مثل بمثابة احتكار او انغلاق للنظام المصرفي في الجزائر في وقت لا تزال المنظومة المصرفية تعاني من اختلالات هيكلية ونقص في نظام المعلومات ومحدودية التوزيع، يضاف إليها غياب الثقة الذي يدفع جزءا كبيرا من المواطنين إلى تفضيل الاكتناز السلبي والتعامل خارج نطاق البنوك لتفادي تعقيداتها، رغم الجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية لتطوير وعصرنة أنظمة الدفع الشامل وأنظمة المعلومات والتوجه نحو رقمة المعاملات  لاستقطاب رؤوس الأموال إلا أن البنوك لاتزال تواجه الجمود، في غياب البدائل التي كانت ممكنة لو تم تطوير السوق المالي وفتح المجال واسعا امام المستثمرين في هذا القطاع.

  • فتح بنوك خاصة يتعطّل

وكان وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن قد أعلن سابقا أن فتح بنوك خاصة بالجزائر يندرج ضمن حزمة الإصلاحات البنكية و المصرفية المبرمجة و التي سيعلن عنها قريبا و صرح الوزير بأن دفتر الشروط الخاص بهذه العملية "قد تم اعدادها  و طمأن في هذا الصدد أن "الشخص  او مجموعة الأشخاص الراغبين في فتح بنك خاص سيتسنى لهم التعرف على الآليات و الشروط الواجب توفرها من أجل الحصول على ترخيص لفتح بنك خاص" و أنه "لن تكون هناك اية عراقيل من اجل منحهم  الاعتماد شريطة ان تستوفى  ملفاتهم كل الشروط" غير ان دفتر الشروط هذا تعطل دون أسباب واضحة وهو ما أجّل انفتاح القطاع المصرفي في الجزائر.

  • أهداف مشجّعة لإصلاح النظام المصرفي ضمن مخطط عمل الحكومة

ورغم التأخر في معالجة اختلالات النظام المصرفي على أرض الواقع إلا أن أهداف مشجعة وضعتها الحكومة ضمن خطة عملها فيما يتعلق بالنظام المصرفي  ككل قد يتم من خلالها تحسيت أداء هذا القطاع حيث  تسعى الحكومة إلى تكثيف الشبكة المصرفية والتأمين من أجل الاستفادة من نفس الخدمات عبر كامل التراب الوطني و انتشار البنوك الجزائرية في الخارج وكذا رقمنة وتدويل النظام البنكي الجزائري بما يسمح بتقليص آجال الدفع وضمان حلقة الوصل بالخارج من أجل ترقية صورة الجزائر بالخارج. كما تسعى الحكومة، حسب مخطط عملها، الى تحسين الإدماج المالي الشامل من خلال إشراك أوسع لشبكة البريد في تقديم الخدمات المالية واستحداث بنك بريدي والتعجيل بمسار عصرنة أنظمة الدفع التي تعتبر الإطار التنظيمي وهياكل أنظمة الدفع، لاسيما الدفع الإلكتروني. كما تسعى الحكومة الى مواصلة عملية مراجعة سياسة الصرف للاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات المصدرين و مواكبة مسار الانفتاح الحتمي للاقتصاد الوطني والتي يجب أن تكون حافزا لمرافقة أفضل للمستثمرين في بحثهم عن حصص للتصدير في السوق الدولية. ومن بين الإجراءات المرتقبة كذلك، إعادة هيكلة حصائل البنوك واستعادة يسرها المالي وإعادة تفعيل دور نسب الفائدة كأداة غير مباشرة للسياسة النقدية واستقطاب الكتلة النقدية المتداولة في القطاع الموازي عن طريق استعادة ثقة المواطن في مؤسساته المالية والمصرفية وتطوير الإطار التنظيمي والمؤسساتي من أجل تنفيذ الصيرفة الإسلامية، على غرار الصكوك والتكافل، التي يمكن أن تشكل "بديلا جذابا للغاية" لاستقطاب جزء معتبر من الادخار خارج القطاعات البنكية والمالية التقليدية.

  • نبيل جمعة: الإنعاش الاقتصادي يحتاج تحسين للخدمات البنكية

وفي الموضوع أكد الخبير المصرفي نبيل جمعة أن وضع الاقتصاد الوطني ومحاولات  الإنعاش الاقتصادي من خلال تطوير الاستثمار المحلي والاجنبي كمنقذ للاقتصاد الوطني وتطوير النسيج المؤسساتي يحتاج إلى ضرورة فتح مجال الاستثمار في الخدمات البنكية على مستوى السوق الوطنية، مشيرا في تصريحات لـ"الرائد" أنه يمكن لمزيد من الانفتاح في السوق البنكية  تحسين نوعية الخدمات المقدمة من قبل البنوك والمؤسسات المالية، عبر التنافسية التي يفرضها تحرير القطاع أمام المستثمرين الخواص  وأضاف ذات الخبير أنه من الضروري على البنوك الأجنبية الموجودة في الجزائر أن تحسن مستوى تواجدها في السوق الوطنية وعبر القطر الوطني  وتوسع نشاطها على صعيد تغطية طلبات الزبائن والتواجد في مختلف ولايات الوطن، أو تنويع المنتجات البنكية بطرح عروض جديدة لزبائن مضيفا أن  قرار تعليق الاعتمادات التي تمنح للبنوك الأجنبية وأيضا تأخر دفتر شروط استحداث بنوك خاصة في الجزائر لا تزال  أحد عوامل تأخر النظام المصرفي والبنكي في الجزائر في وقت تواجه البنوك الجزائرية ضيقا في هوامش حركتها، فهي غائبة بصورة شبه كاملة في الخارج، لاسيما بالنسبة للبنوك العمومية الستة التي تمثل 85 في المائة من حصص السوق مقابل 15 في المائة للبنوك الأجنبية، يضاف إليها 14 بنكا أجنبيا منها بنك برأسمال مختلط، وألح جمعة على ضرورة السماح للقطاع الخاص الوطني والأجنبي بفتح بنوك جديدة، دون  الذهاب لخوصصة بنوك القطاع العام مع التركيز على إصلاحها بشكل جاد، حتى تكون هناك منافسة بين القطاعين العام والخاص لصالح المواطن والاقتصاد الجزائري.

من نفس القسم الوطن