الوطن

"القمح".. رهان الإكتفاء الذاتي لضمان الأمن الغذائي

ضعف الإنتاج يترك الباب مفتوحا أمام التبعية للاستيراد

تتحدث العديد من التقارير في الفترة الأخيرة عن  فقدان فرنسا لمكانتها التفضيلية في سوق القمح الجزائري، لصالح دول أخرى بينما يعتبر الخبراء في الجزائر،أن انتقال الهيمنة في هذا السّوق من دولة لأخرى يُبقي التبعية للاستيراد قائمة، ويهدد الأمن الغذائي بغض النظر عن الدولة المهيمنة، ليبقي الرهان الحقيقي حاليا هو التخلص من التبعية للاستيراد كليا وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وتراهن الحكومات المتعاقبة منذ سنوات على التخلي عن استيراد مادة القمح بنوعيه غير أن ذلك لم يتحقق لغاية الان، بينما يجري التركيز حاليا على كيفية تقليص الهيمنة الفرنسية على سوق القمح في الجزائر، وبالنسبة للخبراء فإن التركيز على إنهاء هيمنة القمح الفرنسي على السوق الجزائرية، بقدر ما تحمل دلالات ورسائل سياسية إلا انها خطوة غير مجدية تماما، فانتقال الهيمنة في هذا السوق من دولة لأخرى يبقي التبعية للاستيراد قائمة ويهدد الامن الغذائي بغض النظر عن الدولة المهيمنة، ويعتبر الخبراء في الزراعة أن التحدي والرهان الحالي يكمن في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح أو على الأقل تقليل مستويات الاستيراد بشكل كبير، مؤكدين أن الأمن الغذائي في الجزائر مرتبط ارتباطا مباشرا بشعبة الحبوب.

  • تقرير يضع الجزائر في مقدمة الدول المستوردة للقمح

  وذكر منذ أيام تقرير لقسم الزراعة الخارجية في كتابة الدولة الأمريكية للزراعة ، أن فرنسا فقدت مكانتها التفصيلية في سوق القمح الجزائري لصالح ألمانيا خلال موسم 2021-2022، مؤكدا أن التوقعات تفيد بأن مستوى واردات الجزائر من الحبوب برسم الموسم الجديد يقدر بنحو 13 مليون طن، منها 7.5 مليون طن من القمح،  لافتا لدعم المانيا لموقعها في حصة السوق الجزائري بصورة أكبر في موسم 2021-2022.

وتوقع ذات التقرير بلوغ مستوى واردات الجزائر من القمح 7.5 مليون طن، و4.800 مليون طن من الذرة، و700 ألف طن من الشعير، و10 آلاف طن من الشوفان أما بالنسبة للإنتاج الجزائري، فإن التقديرات تفيد بمتوسط 3.60 مليون طن بالنسبة للقمح لموسم 2021-2022، مقابل 3.90 مليون طن في موسم 2020-2021 بتراجع بنحو 30 ألف طن، ونسبة 7.69 بالمائة، مع تقدير متوسط مردود في الهكتار يبلغ 1.73 طن، ومساحة مزروعة تبلغ نحو 2.08 مليون هكتار.

  • عيسى منصور:  "الأحرى أن نتخلص من الهيمنة الفرنسية لصالح الاكتفاء الذاتي"

 وفي هذا الصدد قال الخبير والمستشار الزراعي عيسى منصور، أن الإشكال القائم بشأن استمرار التبعية للاستيراد في سوق القمح الجزائري لا يتعلق بتفضيل القمح الألماني أو الروسي على القمح الفرنسي وإنما الأمر يرتبط بضرورة أن نتخلص من الهيمنة الفرنسية لصالح الاكتفاء الذاتي، وليس لصالح هيمنة دول أخرى.

 ويري منصور في تصريح لـ"الرائد" أن "محاولات انهاء الهيمنة الفرنسية على سوق القمح في الجزائر لها رسائل واعتبارات سياسية محضة، لذا من الضروري أن نركز نحن كخبراء يضيف ذات المتحدث، على ضرورة رفع رهان الاكتفاء الذاتي من هذه المادة التي تعتبر صمام امان الأمن الغذائي في الجزائر".

 وقال منصور في السياق ذاته أنه للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في مادة الحبوب، وخصوصا القمح اللّين الذي يستورد بكميات كبيرة، فإن قطاع الفلاحة يحتاج لوضع خطة على المدى القريب، المتوسط والبعيد، والوصول إلى 2.5 مليون هكتار مساحة مزروعة مسقية من الحبوب، مشيرا أيضا إلى أهمية تعزيز قدرات التخزين حيث أشار ذات الخبير أن قدرات التخزين في بلادنا لا تفوق 31 مليون قنطار وهو ما يجعل المنتجين يخسرون سنويا جزء مهم من انتاجهم لهذا السبب.

  • منيب أوبيري: الدعم الحقيقي للفلاح مفتاح تحقيق الاكتفاء في شعبة الحبوب

 من جهته قال رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الفلاحيين، منيب أوبيري، في تصريح لـ"الرائد"  انه لا يمكن الحديث حاليا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة القمح بنوعية، في ظل الظروف التي يعيشها القطاع الفلاحي السنوات الأخيرة بسبب ضعف في الإنتاج نظير استمرار اعتماد الزراعة في الجزائر على التغيرات المناخية وما تجود به السماء من امطار على حد تعبير أوبيري  الذي اعتبر أن حالة الجفاف التي شهدتها العديد من ولايات الوطن  على فترات خلال الموسم الماضي قد اضرت كثيرا بزراعة الحبوب منها القمح والشعير وهو ما قد ينعكس على الإنتاج المواسم المقبلة وأكد ذات الخبير أنه ورغم هذه الظروف غير المساعدة فإن الجزائر بإمكانها  تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وغيرها من المنتجات الفلاحية والزراعية، إذا ما أعطي الدعم اللازم للفلاح.

من نفس القسم الوطن