اقتصاد

هذه هي الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار في الجزائر

منها قلةالمنافسةوالأسعارالاحتكارية

تعتبر السوق الجزائرية سوقا غير منظمة من حيث معايير المنافسة، فحوالي 60 بالمائة من المعاملات لا تتحكم فيها الدولة حسب الخبراء، في حين تهيمن المعاملات الموازية على 40 بالمائة المتبقية، وهو ما يجعل فوضى الأسعار هي القاسم المشترك بين الأسواق، سواء تعلق الأمر بأسواق المواد الغذائية أو الخضر والفواكه أو حتى أسواق السيارات وأسواق قطع غيار وحتى أسواق الذهب.

يجمع الخبراء على أن السداسي الأول من سنة 2021 سجل رقما قياسيا في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، في مقدمتها الخضر التي شهدت أسعارها لهيبا غير مسبوق، حيث تصدر ارتفاع أسعار البطاطا عناوين الصحف ونشرات الأخبار، في حين بلغت أسعار اللحوم البيضاء أعلى مستوى لها منذ الاستقلال.

وأمام استفحال فوضى الأسعار لم تجد الحكومة حلولا ميدانية لحماية المواطنين من بارونات المضاربة، بينما المبرر الوحيد الذي وجدته هو كثرة المضاربين. وبالرغم من المشاريع والخطط والإجراءات التي أقرتها وزارة التجارة للقضاء على المضاربة في الأسعار، غير أنها لم تفلح في ذلك، ما يجعل الأسعار في الجزائر حاليا غير قابلة للرقابة ولا حتى التسقيف، حسب المختصين، بسبب تزايد نشاط بارونات المضاربة. وتبرر الحكومة عدم قدرتها على مواجهة المضاربين أيضا بحجة أنهم ينشطون في السوق السوداء غير المراقبة والتي تشغل أزيد من مليون ونصف مليون تاجر فوضوي. غير أن نشاط المضاربين امتد إلى الأسواق الجوارية المنظمة والمراقبة والتي ترتفع فيها الأسعار بشكل غير منطقي، ما جعلها محرمة على البسطاء ومحدودي الدخل.

ومن المعروف أن الأسعار الحرة تتشكل في السوق "السوداء"، بينما تتشكل الأسعار المسقفة في السوق الرسمية، في حين يعتبر هامش المنتجات التي تخضع للأسعار المسقفة ضيقا أمام المنتجات التي تخضع للأسعار الحرة، لأنها تعني فقط السلع الضرورية واسعة الاستهلاك، أما باقي السلع فتخضع للمضاربة ولخاصية قلة عدد المتدخلين وهناك يتشكل التضخم.

وبحسب الخبراء، فإن الأمر لا يتعلق بالخضر والفواكه والمواد الغذائية فحسب، وإنما حتى باللحوم والأسماك والمشروبات وقطع الغيار والسيارات المستعملة لأنها تتصف بالطلب العالي عليها، خاصة خلال الفترة الأخيرة حيث ازداد الطلب العالمي على هذه المنتجات خلال الجائحة بشكل كبير. وفي الجزائر فقد ارتفع المستوى الاستهلاكي خلال أزمة كورونا، حيث لجأ أغلب الجزائريين للشراء غير العقلاني خوفا من الندرة خلال هذه الأزمة.

وفي ظل ما تعرفه هذه الأسواق من ارتفاع تاريخي في الأسعار، تطرح العديد من التساؤلات حول دور أجهزة الرقابة في كبح الغلاء. وهنا يعتبر الخبراء أن قطاع التجارة في الجزائر يتميز بنقص العصرنة فيما يخص وسائل الرقابة، والأمر يخص أعوان وأنظمة الرقابة، وكذلك مخابر النوعية، الشيء الذي فتح الباب، يضيف، أمام المضاربة، الاحتكار، تقليد السلع والتهريب.

ومن بين أسباب تذبذب الأسعار في السوق الجزائرية أيضا، قلة المتدخلين في السوق بسبب البيروقراطية الاقتصادية عند إطلاق المؤسسات وخاصة في حيز المنتجات ذات الأسعار الحرة وواسعة الاستهلاك، ما يؤدي إلى قلة المنافسة وبالتالي إلى الأسعار الاحتكارية بدل الأسعار التنافسية، حيث يتشكل السعر الاحتكاري نتيجة التحالف بين المتدخلين في الأسواق، بينما يتشكل السعر التنافسي نتيجة قانون العرض والطلب، وهو ما يحدث حاليا في أسعار عدد من المنتجات التي تعتبر منتجات محتكرة من طرف قلة من المنتجين على غرار الزيت والسكر. فرغم أن هذين المنتجين هما مدعمان من الدولة إلا أن أسعارهما ارتفعت بشكل كبير عند الإنتاج وعند التوزيع.

بالمقابل، يرى الخبراء أن تراجع الإنتاج الوطني مقارنة بالطلب الكلي الداخلي فتح الباب أمام الواردات، وأسعار هذه الأخيرة تتشكل عن طريق تحالف المستوردين على قلتهم، ولهذا لا تنخفض الأسعار في السوق الداخلية حتى لو انخفضت في الأسواق الخارجية.

من نفس القسم اقتصاد