دولي

الضفة الغربية.. صراع ونهب ثروات وضم واستيطان

يوجد 155 تجمعاً فلسطينياً في المنطقة "ج" التي تخضع لسيطرة جيش الاحتلال مهددة بالهدم

تعد الضفة الغربية المحتلة ساحة الصراع الحقيقي على الأرض؛ فقد تحوّل كل متر فيها منذ احتلالها عام 1967 إلى عنوان لشكل من أشكال المواجهة مع جيش الاحتلال ومستوطنيه وعملائه.

 

تشكل الضفة الغربية (21%) من أرض فلسطين التاريخية بمساحة (5860) كلم مربع، وترتبط بحدود خارجية مع الأردن التي تعد شريانها الوحيد عبر معبر الكرامة، وكانت تتبع الأردن قبل عام 1967، وظل سكانها يحملون الجنسية الأردنية حتى "فك الارتباط" عام 1988 بناءً على طلب منظمة التحرير الفلسطينية.

وقد فرض واقع الاحتلال في فلسطين تسمية الضفة الغربية بهذا الاسم؛ فقبل عام 1948 لم يكن من مبرر لهذه المسميات، لكن احتلال غالبية أراضي فلسطين عام 1948، جعل تسمية الضفة الغربية لنهر الأردن والضفة الشرقية له وهي المملكة الأردنية الهاشمية، وقطاع غزة أمرًا واقعًا.

لكنّ منعطفين آخرين أعادا ترسيم شكل مختلف عن الحدود السابقة، وهو اتفاق أوسلو والذي حوَّل الضفة الغربية إلى ما بات يطلق عليه "الجبنة السويسرية"، وهو شكل جديد من تداخل الجيوب بين تقسيمات إدارية (أو ب وج)؛ حيث تشكل مناطق ج ذات السيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية الكاملة ثلثي مساحة الضفة، إضافة لجيوب استيطانية قطعت أوصالها وبناء جدار الفصل العنصري عام 2003.

وأظهرت دراسة لمؤسسة "بتسيلم" الإسرائيلية أن المستوطنات تشغل ما نسبته 11% من أراضي الضفة الغربية، في حين تصنف 18.5% من أراضي الضفة الغربية مناطق عسكرية، ويعزل جدار الفصل العنصري 12٪ من أراضيها.

كما أن (48) موقعاً في الضفة يصنفها الاحتلال محميات طبيعية وحدائق وطنية وأراضي دولة، وتشكل ما نسبته 12.4% من مجموع مساحة الضفة، وأن 88% من مجموع مساحات هذه المحميات يقع في المنطقة التي تم تصنيفها "ج"، ولا يبقى وفق ذلك سوى 42% من مساحة الضفة للفلسطينيين.

ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وبيانات "بيتسيلم"؛ فإن الاحتلال بنى طرقا التفافية للمستوطنين في الضفة بمساحة 2.3% من مساحتها وهي طرق تحت سيطرته، ويوجد بالضفة 150 مستوطنة و128 بؤرة استيطانية بالإضافة إلى 15 مستوطنة في مدينة القدس المحتلة، و94 قاعدة عسكرية، و25 منطقة صناعية.

وفي الوقت الذي يبلغ فيه عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية ثلاثة ملايين نسمة، فإن عدد المستوطنين الكلي بالضفة بات يزيد على 670.000، إضافة لما يزيد على 228 ألفا في القدس.

ويشير الخبير في الاستيطان خليل التفكجي أن مخطط الاستيطان في الضفة بدأ عام 1979 وهدف لتوطين مليون مستوطن، وتم تهيئة البنية التحتية لذلك وفق خطة مدروسة وصلت لما وصلت إليه اليوم.

وأضاف: في العام 1993 عندما تم توقيع اتفاقية أوسلو كان عدد المستوطنين بشرقي القدس 153 مستوطنا، و105 آلاف مستوطن بالضفة الغربية، ولكن اليوم وصلنا إلى تلك الأرقام المرعبة، منبّها إلى أنه يجب التمييز بين مساحة البناء في المستوطنات والذي يشكل (1.5%)، وبين فضاء المستوطنات والذي يشكل 60% من مساحة الضفة.

 

ويرى القيادي في حركة حماس وصفي قبها أن ما يجرى حاليا في الضفة هو من ثمار اتفاق أوسلو الذي تسبب بأن يمرر المشروع الاستيطاني بهدوء، مشيرا إلى أن الضفة في فترات مقاومتها وعنفوانها أوقفت المشروع الاستيطاني، بل تسببت عمليات المقاومة في إيجاد هجرة معاكسة للمستوطنين، لكن إنهاك المقاومة وقمعها والتنسيق الأمني أدى لتوفير فترة ذهبية للاحتلال.

وأكد أنه ومع مخططات الضم لا مناص من إعادة الاعتبار للمقاومة، والتعالي على الجراح وإنهاء الانقسام من خلال بناء إستراتيجية فلسطينية موحدة، ومتوافق عليها من كل مكونات الشعب الفلسطيني الفصائلية والتنظيمية والبرلمانية يتبناها الإطار القيادي الموحد ضمن جبهة وطنية شاملة وجامعة موحدة، تضم كل مكونات الشعب الفلسطيني.

ووفق بيانات البنك الدولي؛ فإن إجراءات سلطات الاحتلال في الضفة الغربية تتسبب بخسائر سنوية تقدر بسبعة مليارات دولار، وهي كفيلة بإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الفلسطيني، حيث يقدر البنك الدولي أن القيود المفروضة على الفلسطينيين في مناطق (ج) تتسبب بخسائر سنوية 3.4 مليار دولار.

وفي إحدى دراسات البنك الدولي عن المياه أشارت إلى أن ما يدفعه الفلسطينيون للإسرائيليين في الضفة من أثمان مياه لشركة "مكروت" من مياههم الجوفية المحرومين منها في الضفة أكبر من مجمل المساعدات الدولية التي قدمت للفلسطينيين.

ويشير رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف إلى أن الصراع مع الاحتلال يتم في كل شبر في مناطق (ج)، ورغم كل شيء يمكن أن يقال هناك شعب يقاوم على الأرض في تلك الأماكن.

وأضاف: في الرأس الأحمر في سهل عاطوف نشطاء يردمون خنادق حفرها جيش الاحتلال من أجل أن يوجدوا واقعا يمكن المزارعين من استثمار أراضيهم وينجحون، وفي الخان الأحمر أفشل الفلسطينيون على الأرض مخطط التهجير في تلك المنطقة الحساسة وبقي أهل الخان الأحمر، وفي الأغوار يحفر الفلسطيني الآبار دون إذن من الاحتلال، ولو ردم البئر يحفر غيره ويستمر الصمود على الأرض.

وشدد على أنه وبعيدا عن السياسة وتناقضاتها فإن تلك الفوارق تذوب عند العمل في الميدان وعلى الأرض وفي تلك المناطق المهددة، وهذا ما يجرى وما يجب أن يكون ويعزَّز.

ونبّه إلى وجود 155 تجمعاً فلسطينياً في المنطقة "ج" التي تخضع لسيطرة جيش الاحتلال مهددة بالهدم، بذريعة أنه غير معترف بها، لكن أهلها باقون ولن يرحلوا.

من نفس القسم دولي