الوطن

لجنة المالية بالغرفة السفلى للبرلمان تدعو للالتزام بتوصيات مجلس المحاسبة

نواب الغرفة طالبوا بتقييم تنفيذ آلية التمويل غير التقليدي

أكدت لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، على ضرورة أن تلتزم الحكومة بتوصيات مجلس المحاسبة التي يقدمها سنويا في إطار دوره في الرقابة البعدية على تنفيذ الميزانية السنوية للدولة.

 

أوصت اللجنة في تقريرها حول مشروع القانون المتضمن تسوية الميزانية لسنة 2017، أمس والذي عرض أمام نواب المجلس خلال جلسة علنية ترأسها سليمان شنين، رئيس المجلس، بـ "العمل وبصرامة على معالجة النقائص التي لاحظها مجلس المحاسبة في مجال تسيير ميزانية الدولة والحرص على الاستجابة لتوصياته وكذا توصيات اللجنة بالنسبة للسنوات السابقة لاسيما فيما يخص استعمال موارد الميزانية وتقييم البرامج ومتابعة تنفيذها".

وأضافت أنه، نظرا لـ "تكرار نفس الملاحظات" الواردة في التقارير السابقة لمجلس المحاسبة، فإنها "تجدد الدعوة للجهات المعنية وتلح على ذلك، من أجل العمل على تنفيذ توصيات مجلس المحاسبة التي هي محل تثمين من قبل اللجنة بما يكفل معالجة كل النقائص المرتبطة بتسيير وتنفيذ ميزانية الدولة"، كما دعت اللجنة إلى ضرورة التقيد بمبدأ سنوية الميزانية الذي يراد به اعتماد الميزانية العامة لمدة سنة مما يحد من عملية التكفل بالديون السابقة عن طريق صفقات التسوية بمبرر عدم كفاية الاعتمادات للسنة المالية المعنية.

ويتوجب أيضا الالتزام بمبدأ عدم التخصيص الميزانياتي والحدّ من اللجوء المتكرر إلى التعديلات في الاعتمادات والاقتطاعات المتكررة لتفادي النقائص الملاحظة في تقديرات الميزانية فضلا عن ضرورة الاستناد عند تحضير الميزانية وتوزيع الاعتمادات على الاحتياجات الحقيقية للقطاعات مع الاخذ بعين الاعتبار مؤشر استهلاكات السنة المالية (ن-1)، وفي نفس السياق، تدعو اللجنة المديرية العامة للتقدير والسياسات بوزارة المالية إلى إعداد نموذج خاص للتنبؤ وتوقع ايرادات الميزانية يسمح بإجراء سياسة فعالة للتقدير عن طريق وضع نظرة استشرافية من اجل تحديد تقديرات الميزانية وفق الاحتياجات الفعلية مما يسمح بجعل عملية التنبؤ بعائدات السنة المالية اكثر دقة.

وفيما يتعلق بالتجهيز، أكدت اللجنة على ضرورة احترام مبادئ الميزانية عن طريق التخصيص السليم للموارد على المدى القصير والمتوسط لبرامج وعمليات الاستثمار وتنظيم تقديرات نفقات التجهيز وفق رؤية موثوقة وتجنب النقص في تقييم العمليات عن طريق تسقيف النفقات ومواصلة تطهير برامج الاستثمار العمومي.

ويتعين أيضا الحدّ من اللجوء إلى إعادة تقييم برامج الاستثمار للحد من النفقات الاضافية على عاتق خزينة الدولة وكذا التقيد بشروط نضج مشاريع التجهيز قبل الشروع في عملية الانجاز خاصة ما يتعلق بالتحديد والجدوى والاستغلال والاثار الاقتصادية والاجتماعية مع الحد من تجاوز أجال الانجاز وتفعيل التطهير المستمر والمراجعة السنوية لمدونة المشاريع وتقييم آثارها، كما تم التشديد على الحرص على فعالية مخططات التنمية البلدية  بهدف تحقيق تنمية مستدامة على المستوى المحلي وكذا وضع نظام يسمح بتوزيع الاعتمادات والاعانات بين البلديات مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصية كل بلدية ووضعيتها المالية.

وفي الشق الجبائي، لفتت اللجنة إلى اهمية احصاء المكلفين بالضرائب ونشاطاتهم وتفعيل اليات الرقابة على مستوى الادارتين الجبائية والجمركية عن طريق خريطة لتسيير المخاطر المرتبطة بالتهرب الضريبي والنشاط الموازي، وتحث اللجنة أيضا الادارتين الجبائية والجمركية على اتخاذ اجراءات صارمة لتقييم الامتيازات الجبائية ووضع آليات لتقديرها وقياس اثارها والمخاطر التي يمكن ان تترتب عليها وذلك على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

من جهة اخرى، توصي اللجنة باعتماد التسيير القائم على نجاعة الاداء حسب القطاع عن طريق ارساء نظام معلومات أكثر مصداقية على مستوى المصالح العمومية قصد تدارك النقائص في تسيير المالية العمومية وكذا تعزيز نظام الرقابة الداخلية على مستوى كل المصالح والادارات العمومية بما يسمح بمتابعة تسيير وتنفيذ النفقات العمومية، ويدعو التقرير أيضا إلى تفادي تمويل ميزانيات المؤسسات العمومية من ميزانية الدولة لاسيما في ظل الازمة المالية التي تمر بها الدولة، ويعد مشروع قانون تسوية الميزانية أحد أدوات الرقابة البرلمانية المكرسة دستوريا بما يسمح بالاطلاع على ظروف تنفيذ ميزانية الدولة للسنة المعنية (س-3).

 

النواب يطالبون بتقييم تنفيذ آلية التمويل غير التقليدي

على صعيد آخر أكد نواب المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشتهم لمشروع قانون تسوية الميزانية لـ 2017 على ضرورة تقييم تنفيذ آلية التمويل التقليدي التي تم إقرارها خلال ذات السنة، وفي هذا الإطار، اعتبرت النائب سعاد طاهر جبار (حزب جبهة التحرير الوطني) أن اللجوء إلى التمويل التقليدي كان بمثابة "النقطة السوداء" التي ميزت السنة المالية لـ 2017 معتبرة ان هذه الآلية التي جاءت في سياق انخفاض الموارد المالية للبلاد، أدت إلى رفع الدين الداخلي بشكل معتبر.

وذكر النائب لخضر بن خلاف (الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء) بأن عام 2017 عرف تعاقب ثلاثة حكومات، آخرها جاءت "لفرض التمويل غير التقليدي بحجة ان السكين بلغ العظم، ثم ذهبت دون أن نعرف كيف صرفت هذه الاموال التي طبعتها".

وبالموازاة مع إقرار هذه الآلية، قامت هذه الحكومة "باستبدال الاستثمار العمومي بالاستثمار التجاري الريعي بدون مقاربة اقتصادية تنموية كما قامت بزيادة في السلع وتوسيع الوعاء الضريبي لتعويض الهدايا الجبائية المشبوهة وهو ما فاقم من مستويات التضخم والبطالة ووسع من الفوارق وساهم في تفقير شريحة واسعة من المواطنين".

من جهته، أكد النائب زواوي بن زينة (تحالف حركة مجتمع السلم) انه من الواجب القيام بتقييم شامل لسياسة "طبع النقود" وتحديد وجهة هذه التمويلات متسائلا عن مصير لجنة المتابعة التي كلفت قانونيا بالإشراف على تطبيقها، وأضاف بأن الحجم "الرهيب" للأموال المطبوعة، لم يجد له المواطنون أثرا في الميدان على التشغيل والقدرة الشرائية وتحسن الخدمة العمومية لاسيما في قطاع الصحة وانجاز المنشآت الضرورية.

وبهذا الخصوص، تساءلت النائب فاطمة سعيدي من نفس الانتماء السياسي عن فعالية نشاط الكثير من الهيئات والادارات بالرغم من وجود مخصصات مالية كبيرة موجهة لها، كما تساءلت من جانب آخر حول الفوارق الكبيرة بين التقديرات الاولية في قانون المالية لنفس العام (2017) ونتائج تنفيذ الميزانية داعية إلى استخدام وسائل علمية مضبوطة لتجنب سوء التقدير.

أما النائب حسينة زدام (كتلة الاحرار) فقد لفتت إلى ان توصيات مجلس المحاسبة التي تؤكد على معالجة نفس الاختلالات الموجودة في التقارير السنوية السابقة تؤكد بأن مستوى الالتزام لا يرقى إلى المستوى المطلوب، ودعت في هذا الصدد إلى توسيع صلاحيات مجلس المحاسبة وتعزيز سلطته ودعمه بالإمكانيات المادية اللازمة.

من جانبه، تساءل النائب بلقاسم زروقي (تحالف حركة مجتمع السلم) عن جدوى مناقشة قانون يتعلق بسنة مالية مر عليها ثلاثة اعوام معتبرا ان مبادئ الشفافية والحوكمة الراشدة تستدعي خفضها من س-3 إلى س-2 ثم س-1، وأشار إلى ان مشروع القانون تضمن مبلغا هائلا مسجلا بعنوان الاعباء المشتركة حيث يمثل 10 بالمائة من ميزانية التسيير مؤكدا أن عدم تخصيص وجهة هذه المبالغ بشكل مسبق يمس بمبدأ الشفافية في التسيير.

من نفس القسم الوطن