الوطن

التدخل العسكري في منطقة شمال مالي لن يكون الأمثل والمناسب لحل الأزمة

محللون وخبراء في الشؤون الأمنية

 

اعتبر محللون وخبراء في الشؤون الأمنية الاستراتيجية العسكرية أن التدخل العسكري في منطقة شمال مالي لن يكون الحل الأمثل والمناسب لحل الأزمة المالية، معتبرين أن المفاوضات والحكم الذاتي هما الكفيلان بإرجاع الاستقرار لمنطقة المغرب والساحل، في وقت بدأت فيه طبول التدخل العسكري تجتاح على المنطقة.

وفي وقت تتباحث فيه أمريكا وفرنسا سبل التدخل العسكري بالمنطقة، إن الأزمة التي تعيشها شمال مالي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، وأن البحث عن حل سياسي هو الطريق الوحيد لإرجاع الاستقرار للمنطقة، وفي هذا الصدد يعتقد الباحث في العلاقات الدولية خالد شيات أن المشكل في شمال مالي أعمق من أن يكون مرتبطاً بمطالب انفصالية، فهو مشكل داخلي قديم، وهو يحتاج إلى معادلة سياسية باعتبار أن الأزمة تتضمن ثلاثة أبعاد أولها البعد الداخلي، بمعنى أن حل هذا المشكل الذي ينتمي إلى القرن العشرين يجب أن يكون داخليًا لتجاوز هذا الإرث التاريخي، حيث بعد مرور عام على استقلال دولة مالي سنة 1960 ظهر مشكل مطالبة سكان المنطقة بالاستقلال عن دولة مالي، واعتبر الباحث في العلاقات الدولية أن الحل الديمقراطي يبقى الخيار الأهم في تدبير هذه الأزمة والاعتراف بالتميز الثقافي لمنطقة الشمال المالي وخصوصياتها الدينية والإثنية والقبلية.

واعتبر الباحث أن للجزائر الآن دوراً هاما في المنطقة، وعلى الصعيد الدولي أصبح لديها دور آخر في حالة تدخل مباشر أو غير مباشر مع القوات الأميركية كشريك أساسي في محاربة ما يسمى بالإرهاب في شمال مالي، واعتبر أن الجزائر إذا انخرطت في هذه الحرب إما بشكل مباشر أو غير مباشر سيكون مكلفًا جداً بالنسبة إليها باعتبارها دولة حليفة للولايات المتحدة، وخلخلة العلاقات في شمال أفريقيا ما بين الولايات المتحدة والمغرب والاتحاد الأوروبي على حساب البناء الذي تطمح إليه الشعوب المغاربية في الاتحاد المغاربي، الذي ينأى عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وأشار الباحث أن تأثر الاتحاد المغاربي، الذي يشهد تعثرات، بهذه المستجدات الجيوستراتيجية فإنه سيكون مدخلاً للصراع الممتد من مالي إلى مناطق كثيرة جداً متوترة في المنطقة، وممكن أن ينتقل إلى الصحراء الغربية على اعتبار أن ثمة ترابطاً ما بين الحركات التي تسمى إرهابية والحركات الانفصالية كجبهة البوليساريو.

من جهة أخرى، يلاحظ الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية عبد الرحمان مكاوي أن الكثير من المتدخلين يتناسون تاريخ شمال مالي أو ما يسمى بإقليم الأزواد، المنطقة الصحراوية التي تساوي مساحتها مساحتي فرنسا وإسبانيا مجتمعتين، معتبرا أن المشكل تاريخي، يعود إلى حقبة الاستعمار عندما وعد الجنرال دوغول بإعطاء الاستقلال للطوارق وإنشاء دولة طارقستان في جنوب الجزائر ممتدة من غاو إلى ورقلة في جنوب الجزائر، لأنها تضم كتلة بشرية واحدة مكونة من قبائل أمازيغية وعربية لها امتداد بشري بين الجنوب الجزائري وشمال مالي، فالمشكل الطارقي مازال قائمًا منذ ذلك التاريخ، وجمهورية مالي لم تكن حاضرة إلا في المدن، أما المساحات الشاسعة فإنها ظلت تحت سيطرة قبائل الطوارق.

واعتبر الخبير أن مطالبة الجزائر بالتدخل العسكري يأتي لسببين، الأول لأجل دفع نسبة معينة من فاتورة هذا التدخل الذي يقيّم من قبل الاستخبارات العسكرية الأجنبية بأكثر من مليار دولار، وثانيا أن دعاة التدخل العسكري يتخوفون من الدخول في مستنقع في مالي وتحول المنطقة إلى أفغانستان أخرى قد تكون لها تداعيات على الجزائر.

ويرى الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية عبد الرحمان مكاوي أن أي تدخل في الوقت الراهن دون الجزائر ودون مساعدة الجيش الملكي المغربي، سوف يكون مصيره الفشل، لأن جيوش أفريقيا الغربية لا تستطيع محاربة القاعدة في مساحات كبيرة، ثم إنها ليست مدربة على حروب الرمال والصحراء من الناحية العسكرية، ويعتقد الخبير أن الأمر معقد جدًا وأن الغرب وفرنسا على الخصوص لا يرغبان في التدخل على الأرض بجنود، عدا إمكانية تكليف وحدة خاصة لتحرير الرهائن كلما أتيحت إمكانيات ذلك.

وأضاف الباحث أن الغرب يركز على عاملين أساسيين هما المقاربة الأمنية ومطالبة الجزائر بمدهم بكل ما لديها من مخزون استخباراتي حول الجماعات السلفية، ثم المقاربة العسكرية، وأوضح أن كل حرب قد تؤدي إلى تغيّر جيوستراتيجي كيفما الغرب والجزائر والمغرب، وأضاف الخبير أن الحرب على مالي إن وقعت ستكون طويلة المدى وسوف تكون تأثيراتها على جميع دول المنطقة وأولها موريتانيا والجزائر وبوركينا فاصو والنيجر، وقد تصل تداعياتها إلى المغرب نظرًا لاعتباره دولة ساحلية صحراوية، واعتبر أنه في هذه الحالة ينبغي مقاربة سياسية عن طريق منح حكم ذاتي لشمال مالي عن طريق المفاوضات، وإعادة بناء الجيش المالي بإعادة إدماج ثوار حركة تحرير الأزواد.

نسيمة. و


من نفس القسم الوطن