الوطن

الأساتذة ينتقدون ضعف الأجور والقدرة الشرائية

دعوات لاحتجاجات ومقاطعة التعليم وإنذار بموسم ساخن عشية الدخول الاجتماعي

    • نقابات تؤكد أن ملف الأجور لم ينس والأهم الآن الحراك الشعبي

    • أجور لا يجب أن تقل عن 5 ملايين سنتيم للتفرغ للتعليم 

    • لا جودة تعليم بأجور زهيدة لمهنيي القطاع

    • راتب الأستاذ يكفي فقط لشراء الخبز والحليب

 

تصاعدت أصوات الأساتذة عبر مختلف ولايات الوطن المنادية لأهمية مقاطعة الدخول المدرسي، عشية انطلاقه، وهذا على خلفية الظروف الاجتماعية التي باتوا يعيشونها بسبب ضعف القدرة الشرائية وعدم تحمل رواتبهم "الزهيدة" ما تم وصفه باستكمال مصاريف الشهر الواحد، مجندين أنفسهم للدخول في موجة إضرابات خلال الموسم الدراسي الجاري، في ظل اتهام النقابات بعدم الاكتراث بانشغالاتهم.

دعا أساتذة عبر مختلف ولايات الوطن إلى توحيد الصفوف ومقاطعة الدخول المدرسي إلى غاية رد الاعتبار لهم، إضافة إلى أهمية ارتقاء مديريات التربية لمستوى تطلعاتهم ووضع حد للاستهتار الذي أفقد الأستاذ مكانته، متسائلين "إلى متى الأستاذ يتسول راتبه المتأخر ومخلفاته التي أكل عليها الدهر وشرب (أساتذة جدد، درجات، استخلاف)؟ وإلى متى المحسوبية في التعيينات والتحويلات والتماطل في شتى الإجراءات، وإلى متى عدم الجدية في استدعاء الاحتياط الذين أعياهم الانتظار؟

 

    • راتب الأستاذ يكفي فقط لشراء الخبز والحليب 

 

ووقف هؤلاء الأساتذة في حملة باشروها طيلة شهر أوت الجاري عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر مختلف صفاحات الأساتذة عبر مختلف المنتديات التربوية، على الوضعية الحقيقية التي يعشيها الأستاذ الجزائري، خاصة في بداية عمله في الطور الابتدائي، وأجمعوا أن راتب الأستاذ (ابتدائي. متوسط. ثانوي) يمكنه من شراء الخبز والحليب فقط.

ونقل الأساتذة أنهم يعانون كثيرا في الجانب المادي بالنظر إلى أن الراتب هو في حدود 31.. و36 ألف دج، ما يجعل من يعين جديدا في قطاع التعليم يفكر في عمل جانبي مع التعليم، لأنه راتب لا يستطيع حتى الاكتفاء بمصروف الأستاذ الشخصي شهريا، فماذا لو كان مسؤولا عن عائلة كاملة، في ظل (مصروف النقل + الأكل والمشرب)، مؤكدين أنه إذا أراد مثلا الأستاذ أن يقوم بترك 15000 دج من أجل الادخار للأيام الصعبة أو القيام بمشاريع أو شراء سيارة أو السفر فإنه على الأقل يجب 40 شهرا من أجل جمع 60 مليونا، مع مراعاة أنه لا يجب أن يمرض الأستاذ.

وإذا استفاد الأستاذ من مختلف الصيغ السكنية وبسبب الاقتطاعات الشهرية من الراتب، يصبح لا يستطيع حتى ضمان قوت يومه، في ظل أنه محروم حتى من الكراء، لأن الأمر بالنسبة إليه من المستحيلات بسبب الأجور الزهيدة، إلا إذا كان متزوجا بموظفة.

 

    • لا جودة تعليم بأجور زهيدة

 

وانتقد الأساتذة تدني الأجور الخاصة بالأستاذ بالجزائري مقارنة بنظيره العربي، خاصة في ظل تدني ترتيبهم العربي والعالمي، الأمر الذي أدى إلى عدم تصنيفه في مراتب جودة التعليم، حيث في الوقت الذي يتلقى أساتذة في دول عربية ترتيب الصدارة والسادسة عربيا في جودة التعليم، فإن راتب المعلم فيها  14000 دولار، أي ما يقارب 1675632 دينار جزائري، والجزائر غير المصنفة من حيث جودة التعليم فإن الراتب المتوسط للمعلم هو 35000 دينار، أي ما يقارب 294 دولار، متسائلين كيف تنتظر وزارة التربية جودة في التعليم وإصلاحه بهذا الراتب الهزيل للفاعل الأول للعملية التعليمية "المعلم".

يأتي هذا في وقت تناقل أساتذة أنه بسبب الأجور المتدنية بقطاع التربية فإن هناك موظفين ممن خرج إلى التقاعد النسبي وهو الآن يعمل كواش في المخبزة وآخرين يقطعون البصل عند أصحاب المطاعم وآخرين يعملون في المقاهي، والذين لم يمسهم قانون التقاعد النسبي فيحلمون بالعودة إلى التعليم ليحذوا حذو أسلافهم، وهذا من أجل تسديد الديون المتراكمة عليهم أثناء سنوات خدمتهم، ناهيك عن عدد هائل من الأساتذة استغلوا عطلة الصيف الحالية للقيام بوظائف إضافية على غرار العمل بورشات البناء لتحسين أجورهم وحتى لتقديم العلاج لأبنائهم المرضى، قبل تجديد حصص الدعم "الدروس الخصوصية" مع انطلاق الدروس باعتبارها أفضل وسيلة لتحسين القدرة الشرائية للأستاذ.

 

    • أجور لا يجب أن تقل عن 5 ملايين سنتيم للتفرغ للتعليم 

 

ومن أجل تحسين القدرة الشرائية للأساتذة، طالبوا بأجور لا تقل عن 5 ملايين سنيتم للأستاذ المبتدئ لكي يكرس نفسه للعلم والتعليم، مع الدعوة إلى أهمية تخفيض أجور المسؤولين وإعادة النظر في الأجر القاعدي للوظيف العمومي.

كما تمت مطالبة الجهات العليا في البلاد بحذف أجرة حوالي 800 وزير سابق منذ الاستقلال يتقاضون أجرتهم كاملة كأنهم في منصبهم كوزراء والتي أفرغت خزينة الدولة، على أن لا يكون التقاعد بأجرة وزير أو برلماني حسب وظيفته الأولى، وهذا بعد أن تم اعتبار كل طبقة تتحصل على راتب أقل من 35000 دج طبقة فقيرة ومعوزة لا تسد رمق عيشها، بل تجدها في دوامة ديون، لذا يجب النظر في الدخل الأدنى للموظفين وتحسينه على الأقل إلى 50 ألف دينار فيصبح الموظف من الطبقة الوسطى.

ويأتي هذا في ظل تحميل المسؤولية الكاملة من قبل نقابات التربية لوزارة التربية الوطنية في تسوية انشغالات الأساتذة وفشلها حتى في تسوية انشغالاتهم على مستوى العديد من مديريات التربية، والتي ساهمت في تدني المستوى المعيشي بسبب عدم تسوية ملفات تعويض الخبرة وسوء التسيير وغياب النظرة الاستشرافية في توفير الاعتمادات المالية التي يتحملها المسؤول الأول للقطاع، الذي حرم الكثير من عمال القطاع من حصولهم على مستحقاتهم المشروعة.

وتعتبر الأخطاء الإدارية التي تنكشف يوميا نتيجة طبيعة عدم تحمل مديريات التربية مسؤولية معالجة ارتكاب هذه الأخطاء، قبل الخوض في تصحيحها في ظل التماطل في التسوية المالية لضحايا الأخطاء الإدارية وفق تقارير نقابية.

ووقفت عدة تقارير نقابية عند مطالب الأساتذة المستخلفين الذين يعيشون الفقر بدورهم بسبب عدم تسوية وضعياتهم المالية، من خلال عدم صب مستحقاتهم في ظل صمت الجهات الوصية حول ملف المتقاعدين، والذي اعتبر أنه دليل على عدم جدية الوصاية واستخفافها بحقوق المستخلفين.

وفي ظل التأخر المستمر والانتظار القاتل الذي أصبح الصفة البارزة التي تطبع عملية تسديد المنح المختلفة والمخلفات والمخلفات المترتبة عن الترقيات في الدرجات أو إلى رتب جديدة، وإمام حالة التوتر والاستياء الشديدين اللذين يسودان القطاع إزاء التأخر الفادح والمتكرر في تسوية العديد من القضايا العالقة، وجهت نقابات على رأسها الكلا والسنابست، دعوات محليا للتحضير لوقفات احتجاجية وعقد جمعيات عاملة للأساتذة بكامل المؤسسات التربوية فور عودتهم إلى مناصبهم، لاقتراح آليات تمكنهم من افتكاك حقوقهم المشروعة، مع دعوة النقابات الفاعلة في قطاع التربية إلى العمل سويا لإيجاد أرضية تسمح بمعالجة هذه المشاكل والمحافظة على استقرار القطاع.

وفي هذا الشأن، قال زوبير روينة، المسؤول الأول بالمجلس النقابي لأساتذة الثانويات الجزائرية، إنه من الطبيعي جدا في ظل الظروف المعيشية الصعبة وتدني القدرة الشرائية منذ سنوات، وباستمرار دون أن تتغير الأجور منذ سنوات عديدة، أن يطالب العمال بصفة عامة والأساتذة بصفة خاصة بقدرة شرائية تضمن له حدا معينا من العيش الكريم.

واستطرد قائلا "ربما الحراك الشعبي السلمي الذي يخوضه الشعب أجل المطالب الاجتماعية ولو أنها مطالب ضمنية، لأن مطالب التغيير والسيادة الشعبية وبناء دولة مؤسسات تحكمها القوانين، ودولة الحريات بمختلف أنواعها هي التي تسمح بتحقيق المواطنة ودولة القانون التي تضمن سبل العيش الكريم".

 

    • نقابات تؤكد أن ملف الأجور لم ينس والأهم الآن الحراك الشعبي 

 

وأوضح روينة أن سبل تحقيق ذلك أو هامش الحرية للنضال ومن أجل ذلك طبعا كنقابة "الكلا"، أجلنا مطالبنا لقناعتنا هذه وانخراطنا في الحراك، وعملنا على ذلك في إطار الكنفدرالية وفي إطار المجتمع المدني، لكن تحقيق مطالب العمال شيء مهم ولن نتخلى عن ذلك، ولكننا لن نساوم بالمطالب العمالية في التخلي عن انخراطنا ودعمنا اللامشروط للحراك، لأننا نعي جيدا أن المطالب التي لم تتحقق قبل 22 فيفري لن تتحقق بحكومة غير شرعية الآن، مؤكدا "إن ما يضمن التغيير الفعلي في المستوى المعيشي هو التغيير الفعلي في طريقة تسيير مؤسسات الدولة، والتغيير في النظرة إلى المواطن الجزائري وطريقة خدمته، وتغيير نظرتنا إلى المؤسسات وطريقة تسييرها والنظرة إلى المدرسة ودورها في المجتمع".

بدوره، قال جهيد حيرش، النقابي البارز بالنقابة الوطنية لعمال التربية "الأسنتيو"، إن ملف رفع الأجور وتحسين القدرة الشرائية كان من بين الملفات التي رفعتها النقابة الوطنية لعمال التربية قبل الحراك الشعبي، "وقمنا باحتجاجات كثيرة وحتى مسيرات رفقة التكتل النقابي ثم كنفدرالية النقابات الجزائرية CSA وبعد الأزمة السياسية أجلنا جُل مطالبنا الاجتماعية والمهنية للوقوف إلى جانب الحراك الشعبي".

وأوضح حيرش "إن هذا لا يعني أن الملف تم التنازل عنه، خاصة أن القدرة الشرائية للجزائريين تهاوت بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، ولذلك فمُمكن العودة إلى الاحتجاج مع الدخول الاجتماعي المقبل والمرافعة على هذا الملف - القدرة الشرائية - والملفات الأخرى كالتقاعد دون شرط السن - قانون العمل... إلخ، وهذا ضمن كنفدرالية النقابات الجزائرية".

من نفس القسم الوطن