دولي

"الشعبية" و"الديمقراطية" للقيادة الفلسطينية: فرض الحصار المالي لن يفلح

فرضت السلطة الفلسطينية عقوبات قاسية على القطاع

كشفت الجبهتان "الشعبية" و"الديمقراطية لتحرير فلسطين"، عن حجب القيادة الفلسطينية التي وصفوها "بالمتنفذة"، مخصصات الجبهتين المالية عقاباً لهما على مواقفهما السياسية، مؤكدتين أن فرض الحصار المالي "لن يفلح".

أكدت الجبهتان في بيان مشترك رفضهما كل أشكال الابتزاز المالي، مؤكدتين "حرصهما على استعادة حقوقهما المالية من الصندوق القومي الفلسطيني، إذ لا يحق لأي كان أن يحرم مناضلي الجبهتين من حقوقهم، كما أقرتها الأنظمة الداخلية للمجلس الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية".

وأكدت الجبهتان على "أن فرض الحصار المالي عليهما، من قبل القيادة المتنفذة، لن يفلح على الإطلاق، في زحزحة مواقفهما السياسية، في معارضة سياسات التحالف الأميركي ــ الإسرائيلي ــ الرجعي العربي، وسياسة التمسك ببقايا أوسلو، والعبث بالمؤسسة الوطنية، وتعميق الانقسام، وتعطيل قرارات دورات المجالس المركزية والوطنية، بما في ذلك وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعيق نهوض مقاومة شعبنا بكل أشكالها، وانتفاضته، ويعمق حالة الخلاف داخل م.ت.ف وبين فصائلها الوطنية".

وطالبت الجبهتان القيادة الرسمية بالتراجع عن قرارها "الجائر، بمصادرة الحقوق المالية للجبهتين"، حيث طالبتا اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، و"اللجنة المركزية لحركة فتح"، بـ"تحمل مسؤولياتهما الوطنية، في وضع حد لقرار مصادرة حقوق الجبهتين، بما فيه من جور وإجحاف، وانتهاك لقواعد الائتلاف الوطني، ولقرارات المؤسسة الوطنية، وتشريع الأبواب لإضعاف الحالة الوطنية في مواجهة المشاريع المعادية".

ودانت الجبهتان "سياسة التفرد والاستفراد والاستئثار، التي تتبعها القيادة المتنفذة، في إدارة الشأن العام، خاصة سياسة التفرد في إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، وتلجأ إليها في تصفية الحسابات، بما في ذلك قرارها بحجب الحقوق المالية المشروعة للجبهتين الشعبية منذ أكثر من عشرة أشهر، والديمقراطية منذ أكثر من ستة أشهر في محاولة بائسة ومرفوضة وفاشلة، على وهم الضغط على الجبهتين وعلى سياستهما المعارضة لسياسة القيادة الرسمية".

ولفتت الجبهتان إلى أن القيادة الرسمية "التي مازالت، حتى الآن، تتشبث ببقايا أوسلو، وتدعو لاستئناف المفاوضات الثنائية تحت سقفه، (كما ورد في اقتراح الرئيس عباس في مجلس الأمن في 20/2/2018)، وتعطل قرارات المجلسين المركزي والوطني لإعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، وطي صفحة أوسلو، والتحرر من قيوده، والعودة إلى البرنامج الوطني لمنظمة التحرير الائتلافية، برنامج العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها الأبدية".

وفي وقت سابق أكد موظفون ومسؤولون نقابيون في غزة لـ"العربي الجديد"، أن السلطة الفلسطينية في رام الله بدأت فعلياً بتطبيق سلسلة من العقوبات على قطاع غزة.

وذكروا أن آلاف الموظفين في غزة حرموا من رواتبهم التي بدأت السلطة، بدفعها لموظفيها العسكريين والمدنيين في القطاع دون سابق إنذار.ولم يجد آلاف الموظفين الذين حرموا من رواتبهم، تفسيراً للأمر لدى مسؤولي المصارف المحلية أو المسؤولين في نقابة موظفي السلطة الفلسطينية.

وكان "العربي الجديد" قد انفرد بنقل تأكيد مصادر فلسطينية بأن الرئيس محمود عباس اتخذ سلسلة قرارات ضد "حماس" وقطاع غزة، وأن الأمر لن يتوقف عند حل المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات عامة (قد تُجرى في الضفة الغربية فقط)، بل سيصل الأمر إلى عقوبات جديدة وفصل عشرات الموظفين في القطاع المحاصر.

ومنذ إبريل/ نيسان 2017، فرضت السلطة الفلسطينية عقوبات قاسية على القطاع، شملت إحالة آلاف الموظفين على التقاعد الإجباري، وتخفيض رواتب الموظفين بما يزيد عن 50 في المائة، وخفض فاتورة العلاج، ووقف دعم قطاعي الصحة والتعليم.

وأدت هذه "الإجراءات"، التي تصفها الفصائل في غزة بـ"العقوبات"، إلى حالة من الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وزجت بالعشرات من الموظفين في السجون نتيجة عدم استطاعتهم الوفاء بالتزاماتهم بأقساط لتجار محليين وبنوك. 

وقالت المصادر إنّ السلطة الفلسطينية بدأت رسمياً بفرز موظفيها في قطاع غزة، حسب الانتماء السياسي، وستقوم بفصل كل من يثبت أنه ليس من "فتح"، التي يتزعمها عباس. ويستهدف هذا الفرز كل العناصر الموالية لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وكل من تثبت عليه مخالفة تعليمات السلطة الفلسطينية وقيادة "فتح". 

وسيصدر عباس قراراً بمنع الموظفين المتقاعدين من العمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تشرف عليها "حماس"، تحت طائلة المسؤولية والتهديد بالفصل والإقصاء، وفق المصادر ذاتها.

 

السلطة تقطع رواتب مئات "المحررين" على خلفية الانتماء السياسي

 

وقطعت حكومة رامي الحمد الله، رواتب مئات الأسرى المحررين من حركتي حماس والجهاد الإٍسلامي إضافة إلى موظفين من حركة فتح موالين للتيار الذي يقوده النائب محمد دحلان.ونقلت وكالة صفا، عن مصادر لم تسمها، أن مئات الموظفين لم تصلهم رسائل استلام رواتبهم من البنك، وعندما ذهبوا للاستفسار أبلغوا أنه ليس لهم رواتب لهذا الشهر.

وذكرت أن "معلومات وصلتنا تفيد بقطع راتب نحو 420 موظفا من موظفي السلطة في قطاع غزة".وأشارت إلى أن بداية الأسبوع الحالي ستكون حاسمة فيما إن كانت هذه الأسماء قد قطعت فعلًا أم أنها ستدرج ضمن الكشوفات المتأخرة.

وأكدت المصادر أن رواتب عدد كبير من الأسرى المحررين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي قُطعت إلى جانب آخرين من فتح موالين لدحلان.

وقدرت أن "نحو ألفي أسير محرر لم يتقاضوا رواتبهم لهذه اللحظة، وهناك مؤشرات واضحة حول فصلها من طرف السلطة الفلسطينية".

ومساء الخميس الماضي، تلقى الموظفون العموميون في قطاع غزة (موظفو السلطة)، رواتبهم عن شهر ديسمبر الماضي بنسبة صرف 50%؛ عبر البنوك، في حين تلقى الموظفون بالضفة رواتبهم كاملة.

وكان خصم نحو نصف رواتب موظفي السلطة بغزة ضمن عقوبات فرضها رئيس السلطة عباس على غزة في أفريل 2017 بدعوى إجبار حركة حماس على حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في غزة، وحلتها لاحقا، ومع ذلك استمر الخصم وتزايدت العقوبات.

وخصم حينها نحو 30% من الرواتب ثم رفعها لنحو 50%، بالإضافة لإحالة أكثر من 20 ألف موظف للتقاعد المبكر.

وجاء استمرار الخصومات وقطع المزيد من الرواتب، بخلاف ما أشاعته قيادات من فتح عن إلغاء أو تلقيص هذه الخصومات، وأن رئيس السلطة محمود عباس "سيَزُف بشرى لأبناء حركة فتح في قطاع غزة بداية هذا العام".

وتسببت عقوبات السلطة، ولاسيما خصم الرواتب، بتردٍّ غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية في القطاع، ومن أبرز أشكال ذلك ضعف حركة الأسواق، وإفلاس بعض التجار، وزيادة الشيكات المرتجعة، والحبس على ذمم مالية.

 

أبو زهري: "فتح" تستخدم المال العام لأغراض حزبية

 

هذا وقال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سامي أبو زهري: إن حركة فتح تستخدم المال العام لأغراض حزبية ومثال لسياسة الابتزاز.وأضاف أبو زهري في تغريدة عبر "تويتر"، أن "إعلان فتح عن بشريات مالية لأبنائها في غزة بعد معاقبتهم قبل ذلك يشكل مثالًا لممارسة سياسة الابتزاز واستخدام المال العام لأغراض حزبية".

وتابع مخاطبًا الدول المانحة للسلطة الفلسطينية: "هي رسالة لكل المانحين العرب والدوليين حول استخدام أموالهم بهذه الطريقة الفئوية".

ويبدو تصاعد التصريحات والتراشق الإعلامي القاسي هذه المرة، نتيجة طبيعية لغياب الحوار واللقاءات بين الطرفين وحالة الاحتراب المستمرة بينهما، وإصرار كل منهما على موقفه من ملفات المصالحة والانتخابات، إلى جانب غياب الراعي المصري عن الملف وعدم إحرازه أي تقدم فيه رغم الجولات الأخيرة التي عقدها. 

ووفق مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ لن يتوقف الأمر عند حل المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات عامة (قد تُجرى في الضفة الغربية فقط)، بل سيصل الأمر إلى عقوبات جديدة وفصل عشرات الموظفين في القطاع المحاصر. 

وفي السياق ذاته، قال مسؤول قريب من حركة "فتح"، لـ"العربي الجديد"، إنّ عباس سيذهب إلى الجامعة العربية وسيطلب "إجبار حماس" على الذهاب للانتخابات العامة عقب حل المجلس التشريعي، وسيكون هذا الملف جزءاً رئيسياً من خطابه في اجتماع القمة العربية في تونس في مارس/ آذار المقبل. وأوضح أنّ عباس، بدعم من أعضاء اللجنة المركزية والتنفيذية لمنظمة التحرير، سيذهب إلى كل الخيارات لـ"إجبار" حركة "حماس" على "تغيير سلوكها" وتسليم القطاع للحكومة. 

من ناحيته، أكد عضو المجلس التشريعي عن حركة "حماس"، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المطلوب من الكل الوطني الوقوف في وجه أي إجراءات ضد القطاع، والوقوف بحزم أمام سياسة التفرد التي ينتهجها عباس".

 

من نفس القسم دولي