دولي
ما لم نَقلهُ عن المجلس التشريعي
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 ديسمبر 2018
الانتخابات للمجلس التشريعي كانت بتاريخ 25 كانون الثاني عام 2006 وهذه الانتخابات أحدثت صدمة لحركة فتح التي لم تتوقع هذا الفوز الكاسح لحركة حماس. ومن هنا بدأ التخطيط للانقلاب على المجلس التشريعي مبكرا، لقد فازت حركة حماس بهذه الانتخابات رغم وجود أعداد كبيرة من النواب في السجون الاسرائيلية حيث تم انتخابهم وهم داخل قلاع الأسر، فقد شنت سلطات الاحتلال حملة اعتقالات على الشخصيات البارزة المحسوبة على حركة حماس وذلك لمنعها من الترشح أو الفوز، ورغم ذلك كانت النتيجة كما يعرف الجميع.
إن المجلس التشريعي الحالي قد بدأت الخطوات لإفشاله منذ لحظاته الأولى، ولذلك عندما رفضت أكثر من جهة وفصيل الدخول في ائتلاف من أجل تشكيل الحكومة العاشرة برئاسة السيد إسماعيل هنية، فاضطر السيد إسماعيل هنية لتشكيل حكومة مصغرة من الكفاءات – التكنوقراط – إلا أن هذه الحكومة تم حصارها داخلياً وخارجياً حيث إنها لم تستطع دفع رواتب الموظفين حيث قال السيد هنيه: استلمت الحكومة العاشرة مديونة بمليار دولار، ثم تداعت الأحداث بعد ذلك بشكل دراماتيكي، ووصلت الى حد الصدام في قطاع غزة والذي نتج عنه الوضع الحالي الذي يعرفه الجميع.
أما في الضفة الغربية ومع بدايات ظهور لحظة الحقيقة أن حماس قد فازت وتوجه الأعضاء الفائزون إلى مبنى المجلس التشريعي وقد كان عدد كبير من النواب معتقلا لدى الاحتلال وقد بثت الجزيرة مباشر مشهداً صاخباً حينما بدأ الاعتداء من قبل ملثمين على أعضاء المجلس المتواجدين داخل القاعة وتوتر الجو، ومعروف لكل من شاهد البث وجود شخصيات وازنة كانت ملثمة بالكوفيات ثم تم الاعتداء على بعض النواب، كان هذا في الأيام الأولى ومعظم ذلك موثق بالبث المباشر الذي بثته قناة الجزيرة لفترة طويلة إلا أن مقابل هذا التصعيد المتعمد وحالة النقاش الملتهب في بعض القضايا تواصل التصعيد مما أدى إلى مقاطعة حركة فتح وفصائل أخرى جلسات المجلس التشريعي والذي استمر إلى يومنا هذا.
لكن رغم عدم عقد جلسات المجلس لعدم اكتمال النصاب أو لظروف أخرى استمر التحرش بنواب الضفة من عدة جوانب وكان الهدف واضحاً هو منع النواب من عقد لقاءاتهم ثم منعهم من تفعيل جلسات المجلس أو حتى التواصل مع الناس، وهنا أسوق أمثلة للحصر لأن الأمثلة كثيرة جداً ولا يتسع المجال للتفصيل، فبعد الفوز وتحديداً في يونيو 2006 أقدم الاحتلال على اعتقال معظم النواب من الحركة الإسلامية والذين وصل عددهم مع وزراء من الحكومة العاشرة 51، وتزامن ذلك مع اعتقال معظم أعضاء البلديات والمجالس القروية والمحلية والتي فازت بها حركة حماس.
هذه الحالة أرهقت النواب وذويهم الذين كانوا ينتظرون حتى ساعة متأخرة من الليل، وبعد إغلاق محكمة سالم العسكرية وعودة كل الموظفين تبقى قاعة محاكمة النواب لوحدها هي التي تعمل، وفي نهاية المطاف يصدر القرار بتجريم كتلة التغيير والإصلاح واعتبارها تنظيماً يدعم "الإرهاب"، وصدرت أحكام قاسية بحق جميع النواب تراوحت بين 30 إلى 48 شهراً بما في ذلك رئيس المجلس الدكتور عزيز دويك.
لكن المؤسف والمؤلم أن محاكمة كبرى كهذه لم تلقَ أي اهتمام لدى الرئاسة أو حركة فتح ولو من باب المجاملة، ولو من باب الإعلام والأخبار، ولو من باب أن تقوم الرئاسة بتوكيل محامي للدفاع عن رئيس المجلس التشريعي ونائبه، كل ذلك لم يحصل، ثم إن رئيس المجلس تعرض لوعكة صحية نقلته فيها سلطات السجن إلى المستشفى لأيام، وكان وضعه الصحي صعبا لدرجة أنه لم يقدر على الخروج إلى الساحة لأداء الصلاة، فلم تكلف أي جهة رسمية الاستفسار عن صحة الدكتور عزيز أو على الأقل الاتصال بعائلته للأطمئنان، ثم إن التلفزيون الرسمي الذي يتابع كل الأخبار على الساحة الفلسطينية لم يذكر ولو من باب المجاملة مرض رئيس المجلس ونقله إلى المستشفى..
إن الاعتقالات المتتالية للنواب والتي لا زالت إلى هذه اللحظات لم تتوقف لم تحرك لدى السلطة شعرة واحدة أو بياناً أو حتى خبراً لدى وسائل الإعلام لديهم. إن سجون الاحتلال لم تخلُ من النواب منذ العام 2006 وحتى اللحظة مما أدى وبشكل طبيعي إضافة إلى الإجراءات السابقة إلى تعطيل المجلس.
هذا جانب بسيط وسريع وموجز، وهو موثق بعضه بالصوت والصورة لما عانى منه أعضاء المجلس التشريعي الذي كان يراه البعض بعبعاً وعقبة وسيطرة لحماس على الجانب التشريعي يجب حصاره والانتهاء منه.
لكن المؤلم والمؤسف أن سهام بعض ذوي القربى والمحبين كانت أكثر مرارة وغصة في الحلق وعن غير وعي عندما اتُّهم النواب بأنهم يتقاضون الرواتب العالية والسيارات الفارهة ولا يقومون بأي فعل، هذه السهام بل والسياط اللاسعة الكثيرة التي كان لدينا إجماع بعدم الرد عليها ونترك الأمر لله ليأتي يوم يعرف فيه الجميع الحقيقة المرة، بقي القول أن عدد سنوات المجلس الاثتني عشرة أن عددا كبيرا من النواب قضى منها ما بين 4-7 سنوات داخل السجون ومنهم لا زال، وأن عدداً من أبنائهم لا زال مطرقة السلطة تلاحقهم وتعتقلهم إلى يومنا هذا.
فتحي القرعاوي