دولي

انتخابات مبكرة في إسرائيل: "صفقة القرن" مؤجلة

لدى نتنياهو حسابات انتخابية عدة

بعد سلسلة من الأزمات الائتلافية التي تمكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من التغلب عليها، ومنعاً لأزمة ائتلافية جديدة مع الحريديم (اليهود الأصوليين الأرثوذكس) على خلفية وجوب تمرير قانون لتجنيدهم في الجيش، أقرّت أحزاب الائتلاف في الحكومة الإسرائيلية وبموافقة رئيس الحكومة، الاتفاق على الذهاب لانتخابات مبكرة في إسرائيل، على أن تُجرى هذه الانتخابات في مطلع شهر إبريل/نيسان المقبل.

وجاءت هذه التطورات بعد أن أعلن زعيم حزب ييش عتيد، يئير لبيد، قراره عدم التصويت لمصلحة قانون تجنيد الحريديم، ما يعني عدم قدرة الحكومة على تمرير القانون، وبالتالي خلق أزمة ائتلافية جديدة مع الحريديم.

وقررت كتل الائتلاف الحكومي استباق الأزمة المقبلة وحلّ الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة، كان حصولها أمراً مرجحاً منذ اندلاع الأزمة حول القانون المذكور، قبل نحو عام.

ويبدو أن الموعد والقرار الذي اتخذ مرتبط بشكل كبير، على الرغم من نفي ذلك رسمياً، بحسابات نتنياهو الانتخابية لجهة اقتراب موعد حسم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، حتى أوائل شهر فبراير/شباط المقبل، قراره بشأن توصيات النيابة العامة والشرطة بتقديم لوائح اتهام رسمية ضد نتنياهو في ثلاثة ملفات فساد مختلفة.

كما أن اختيار الموعد المحدد للانتخابات، جاء من وجهة نظر نتنياهو بما يقضي نهائياً على أثر استقالة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان من الحكومة في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بسبب موافقة الكابينيت السياسي والأمني على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية في غزة، وتمكين تحويل المنحة القطرية لدفع رواتب الموظفين في قطاع غزة، من جهة، وبعد إطلاق عملية "درع الشمال" على الحدود مع لبنان لكشف أنفاق حزب الله الهجومية وتدميرها، من جهة ثانية.

وترفع هذه الخطوة من أسهم نتنياهو، وتؤكد بالحسابات الإسرائيلية، صحة قراره بعدم إطلاق عملية عسكرية في قطاع غزة وحديثه عن "التحديات والظروف الأمنية الحساسة" والتي اتضح لاحقاً أنها مسألة الأنفاق الهجومية لحزب الله.

مع ذلك، فإن ملفات الفساد التي يواجهها نتنياهو قد تكون، على الأقل من وجهة نظر الليكود حالياً، في حال تقرر تقديم لائحة اتهام رسمية ضد رئيس الوزراء عاملاً مساعداً له لجهة ترسيخ ادعاء نتنياهو بأن اليسار يحاول إقصاء زعيم معسكر اليمين من الحكم من خلال المحكمة وليس من خلال صناديق الاقتراع، وبالتالي تصوير نفسه بصورة الضحية لحملة منظمة تستهدفه، وهو ما يأمل أن ينعكس تعاطفاً شعبياً معه في الانتخابات.

وعليه يتوقع أن يعزز نتنياهو في الدعاية الانتخابية التركيز على هذا العنصر، بموازاة الحديث عن تعزز مكانة إسرائيل الدولية والإقليمية، وحتى التلويح بالتطبيع والعلاقات مع الدول العربية، لتأكيد زعم الليكود خلافاً للمعارضة، أنه يمكن التوصل إلى سلام مع الدول العربية حتى قبل حل النزاع مع الفلسطينيين.

إلى ذلك، فإن من أهم التداعيات المباشرة لقرار تبكير الانتخابات هو الاعتقاد في الأوساط القريبة من نتنياهو، أن الخطوة ستحول دون عرض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في أوج المعركة الانتخابية في إسرائيل، خطة إملاءاته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والصراع الإسرائيلي العربي بما بات يعرف بـ"صفقة القرن".

إسرائيلياً، يأتي قرار تبكير موعد الانتخابات في وضع تشير الاستطلاعات إلى ثبات قوة الليكود باعتباره الحزب الأكبر وحصوله على 29-30 مقعداً من أصل 120، مع ائتلاف من أحزاب اليمين الحالية يتمتع بما لا يقل عن 65 عضواً في الكنيست.

وقد برز ذلك في إعلان نتنياهو أن الائتلاف المقبل سيعتمد على نواة الائتلاف الحكومي الحالي (أحزاب الحريديم، وحزب البيت اليهودي، وحزب يسرائيل بيتينو بقيادة ليبرمان). في المقابل فإن أحزاب المعارضة الإسرائيلية لا تزال تعاني من ضعف ومن خلافات داخلية وعدم وضوح صورة من سيقود هذه الأحزاب في الانتخابات، بما في ذلك استمرار التكهنات بشأن نية رئيس أركان الجيش سابقاً، الجنرال بني غانتس خوضها، سواء على رأس حزب جديد أم من خلال الانضمام لأحد الحزبين "المعسكر الصهيوني"، أم حزب ييش عتيد بقيادة يئير لبيد، فيما يدعو رئيس الحكومة الأسبق، إيهود براك، إلى تشكيل معسكر موحد يكون قادراً على كسر هيمنة الليكود وأحزاب اليمين المتحالفة معه.

 

من نفس القسم دولي