دولي

سيناريوهات متوقعة في جبهة "إسرائيل" الشمالية

القلم الفلسطيني

....تمثل حالة الاشتباك بين سورية وإسرائيل والنشاط الإيراني في الجولان والوجود العسكري في سورية إعلان فشل للسياسة الإسرائيلية منذ مارس/ آذار 2011 وانطلاق الأحداث في سورية، بالاعتماد على سياسة إطالة أمد الحرب تحت عنوان دعوا سورية تأكل نفسها.

ولم يأخذ العدو في الحسبان في مجال بناء القوة تحول سورية إلى جبهة تهديد ثالثة، فوفق استراتيجية الجيش وخطة جدعون، يتضمن بناء القوة الاستعداد لحرب مع حزب الله أو حركة حماس أو الاثنين معاً، لكنه لم يضع في الحسبان أن تتضمن الجبهة الشمالية سورية. وهذا يتطلب منه تغييرات استراتيجية في إعادة تموضع القوات على طول الجبهة الشمالية، الأمر الذي دفعه إلى فتح اتفاق ميزانية الدفاع لإضافة ستة مليارات شيكل، على الرغم من أن الاتفاق السابق مع وزارة المالية يمنع فتح اتفاق الميزانية.

ولا ترغب إيران في المواجهة خلال المرحلة الحالية، وتسعى إلى تأجيلها، وتحقيق مزيد من بناء القوة على الأرض، وقد فشلت سورية وحلفاؤها في بناء جبهةٍ متصلةٍ بين جنوب لبنان والجولان، بسبب الضربات الإسرائيلية المتلاحقة لعناصر المقاومة الفاعلة في الجولان، سواء من المقاومة الشعبية في الجولان، أو من إيران وحزب الله. 

ويرتكز الجهد الروسي في مناطق وجوده في منطقة شمال سورية، كطرطوس، ولا يمتلك التأثير الفاعل على النشاط الإيراني في جنوب سورية. وهناك مصالح مشتركة بين روسيا وإيران في الدعم الجوي الروسي، يصاحبه تقدم برّي للمقاتلين الموالين لإيران، ما يضعف الدور الروسي في كبح جماح التمدّد الإيراني، كون كل طرف منهما لديه مصالح في سورية. 

يستهدف الطيران الإسرائيلي، منذ عام 2012، مراكز عسكرية حساسة عديدة في سورية، وفق استراتيجية ثابتة خلال السبع سنوات الماضية، إلا أن هذه الاستراتيجية لم تكن متبعة مع حزب الله، نتيجة رد فعل الحزب في حالة الاستهداف، كما جرى في اغتيال كوادر من الحزب. وكان رد الحزب في مزارع شبعا في يناير/ كانون الثاني من العام 2015. وكذلك أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2014.

1. المواجهة الشاملة: على غرار 2006 في لبنان، بل أشد ضراوة وفتكاً، إلا أن هذا السيناريو مستبعد في المرحلة المقبلة مدة عام على أقل تقدير لعدة أسباب:

- المواجهة الشاملة مكلفة للطرفين، فإسرائيل قادرة على تدمير لبنان، لكن حزب الله كذلك قادر على شل المجالات الحيوية الإسرائيلية في الشمال ووسط إسرائيل. 

- عدم جهوزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية لتحمل مواجهة طويلة الأمد مع حزب الله، كذلك حزب الله غير معني بالدخول في المواجهة.

- حالة الردع بين الطرفين على مدار الأعوام السابقة، وعدم تغير قواعد الاشتباك بين الطرفين. 

- ما زالت مصانع الأسلحة في طور البناء، ما يعطي إسرائيل وقتاً للجهد الدبلوماسي والاستخباري، لمنع مواصلة بناء مصانع الأسلحة. 

2. المواجهة المحدودة: على غرار أحداث أكتوبر/ تشرين الأول 2014 أو يناير/ كانون الثاني 2015؛ استهداف نشطاء لحزب الله والرد منه. ولا يتحقق هذا السيناريو إلا بتوفر البيئة المناسبة له، وهي محدودة الفعل، ما ينتج عنها رد فعل، وهذا لا يحقق للعدو الإسرائيلي أهدافه في منع تعاظم قوة حزب الله، أو وقف بناء مصانع الأسلحة. 

3. الجهد الدبلوماسي والاستخباري: وهو السيناريو المرجح في المرحلة المقبلة. ويمكن التقدير بأن التوقع لهذا السيناريو يمتد من ستة شهور إلى عام على جبهة لبنان، ويعود ترجيج السيناريو إلى: 

- ما زال أمام إسرائيل وقتٌ تبذله في الجهد الدبلوماسي، وتركيبة الحكومة اللبنانية تساهم في الاستجابة للضغوط الخارجية، خصوصا الأميركية والفرنسية.

- اعتماد إسرائيل في السابق على الضربات الانتقائية العملياتية والاستخبارية، كالتعامل مع العلماء الإيرانيين والمفاعلات النووية الإيرانية، والتي حققت نتائج إيجابية لها من دون الخوض في مواجهة شاملة مع إيران، كذلك التعامل مع العناصر الفاعلة في حزب الله والاختراقات الأمنية، ما يحقق لها الهدف من دون مواجهة.

1. مواصلة الاستهداف: وهي عملية مواصلة الاستهداف داخل سورية بتوجيه ضربات انتقائية من خلال التوازن في استخدام القوة بين رفع الوتيرة أو خفضها. وبناءً على رد فعل الأطراف في سورية، مع مواصلة سورية وحلفائها عمليات التصدي للطائرات. وهذا السيناريو هو المرجّح في المرحلة المقبلة، فهو يحقق لإسرائيل أهدافها، كما يعزّز من قدراتها في التعامل مع الدفاعات الجوية السورية، ويحقق لسورية وحلفائها نوعاً من الردع في مواجهة إسرائيل، وتعقيد مهمات الاستهداف، وسيبقى الفعل ورد الفعل محصوراً بين الجانبين.

2. المواجهة الواسعة: مستبعد بصورة كلية في المواجهة بين إسرائيل وسورية، فموازين القوى لا تؤهل النظام السوري للدخول فيها، كما لا يسمح الوضع الداخلي للنظام بالدخول فيها، كذلك إسرائيل غير معنية بها، لأنها ترفع كلفة تحقيق الأهداف التي يمكن تحقيقها بكلفة أقل. يضاف أن إيران لا ترغب في استنزاف وجودها في سورية في المواجهات الواسعة في الوقت الراهن، مع التركيز على النمو وبناء القوة، والأولوية للصراع الداخلي.

لا مواجهة بين إسرائيل وحزب الله في المرحلة المقبلة. وستعتمد إسرائيل على البدائل الدبلوماسية والاستخبارية بالتعامل مع تهديد مصانع الأسلحة ونقل السلاح خلال الأشهر الستة المقبلة، مع استبعاد سيناريو المواجهة الشاملة. 

- قد تلجأ إسرائيل إلى تخفيف الغارات على سورية، والتكيف مع الدفاعات السورية بما يحقق أهدافها، لكنها ستواصل عمليات الاستهداف للحفاظ على الخطوط الحمراء في سورية.

- لن تبادر إسرائيل، أو أي من حزب الله وسورية وحلفائها بمواجهة شاملة، وسيتم التعامل مع الأحداث الميدانية بقدرها. 

- الأولوية الإسرائيلية لوقف بناء مصانع الأسلحة في لبنان ونقل السلاح، وعدم بناء قواعد عسكرية لإيران في سورية أو تفعيل جبهة الجولان، أو نقل سلاح كاسر للتوازن مع حزب الله. 

- الأولوية لحزب الله مواصلة مراكمة القوة العسكرية في جنوب لبنان، والمحافظة على حالة الردع المتبادلة بينها وبين "إسرائيل". 

حمزة أبو شنب
 

من نفس القسم دولي