دولي

سيناريوهات متوقعة في جبهة "إسرائيل" الشمالية

القلم الفلسطيني

تشهد الجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة، منذ أسابيع، توتراً متصاعداً بلغ ذروته بعد إعلان العدو الإسرائيلي استعداده للبدء بعملية "درع الشمال"، لمواجهة أنفاق حزب لله على الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان، مع تصاعد التحدي أمام الاحتلال في لبنان، كما يواصل العدو غاراته الجوية على قوافل سلاح وقواعد عسكرية إيرانية، للحد من انتشار العناصر الإيرانية في سورية. فلبنان، يعتبر الأكثر خطورة بالنسبة للعدو الإسرائيلي، ويتم نقل السلاح عبر مطار بيروت من طهران إلى حزب الله، ويتم بناء مصانع الأسلحة الدقيقة الكاسرة للتوازن. أما في سورية، فإن تفعيل جبهة مقاومة من الجولان، والوجود العسكري الإيراني القريب من حدود سورية مع العدو الإسرائيلي، تهديدان لا يقلان خطورة عن لبنان.

بناءً عليه، تسعى إسرائيل إلى المحافظة على الخطوط الحمراء في التعامل مع الواقع في سورية، وعدم السماح لحزب الله ببناء المصانع ونقل الأسلحة، وذلك بتفعيل كل الأدوات السياسية، عبر التواصل المستمر مع روسيا أو الجهد الدبلوماسي، بالإضافة إلى مواصلة جهدها الاستخباري، إلا أن السيناريوهات تبقى مفتوحةً. وفي حال فشل الجهد السياسي والدبلوماسي والاستخباري، سيكون صعبا على العدو تقبل الواقع الجديد. 

تعتبر إسرائيل الجبهة الشمالية (حزب الله) التهديد الأكثر خطورة في العام 2018، حسب تقديرات الأجهزة الاستخبارية، فخلال الأسابيع الماضية تركز النشاط الإسرائيلي تجاهها، حيث يعتبر العدو الإسرائيلي الجبهة الشمالية، بشقيها اللبناني والسوري، تهديداً حقيقياً متزايداً. وقد نفذت "إسرائيل" عشرات الغارات على سورية لمنع نقل السلاح الكاسر للتوازن والكيميائي من سورية إلى حزب الله، منذ بداية الأحداث في سورية.

ويرى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مصانع الصواريخ في لبنان تهديداً خطيراً لإسرائيل، لن تقبل به. كما تطرق للحديث عن الوجود الإيراني في سورية بالقول "وإذا لم تصد عملية ترسيخ إيران في سورية من تلقاء نفسها، فإننا سنصدها عملياً". كما صرح رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، أيزنكوت، "سنقوم بكل ما يلزم للمحافظة على الحدود الشمالية لإسرائيل آمنة وهادئة". أما مئير بن شبات مستشار الأمن القومي للحكومة الإسرائيلية فقال "روسيا تعارض كما الولايات المتحدة امتلاك حزب الله سلاحا كاسرا للتوازن". 

ولم يتوقف الجهد العسكري والسياسي الإسرائيلي، فقد قام العدو الإسرائيلي بعدد من المناورات الهجومية والدفاعية على الجبهة الشمالية مع لبنان، وزار نتنياهو روسيا سبع مرات في غضون سنتين ونصف، لطرح المخاوف الإسرائيلية. 

رفع منسوب التهديد تجاه إسرائيل، عبر تصريحات متتالية، للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أعلن فيها عن تغير قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي في سورية، والتصدي لإسرائيل في لبنان، كما نشر الحزب رسائل إعلامية عديدة للاحتلال كالمنشآت الحيوية، وصورا لجنود الاحتلال على الحدود، في تهديد مبطن بأنهم في مرمى نيران حزب الله. واعتبر حلفاء سورية ما جرى يوم 10/2/2018، بعد اعتراض الدفاعات الجوية السورية طائرة حربية إسرائيلية، مرحلة جديدة ونقطة تحول رئيسية في التعامل مع إسرائيل. وشكلت قوى المقاومة على أثرها غرفة عمليات لمواجهة أي اعتداء على سورية، على الرغم من أن ذلك الحدث عبر تصدّي الدفاعات السورية لم يكن الأول؛ فقد سبق ذلك محاولة اعتراض قبل أشهر، لكنها لم تنجح في إصابة الهدف.

وتمتلك إسرائيل القدرة على توجيه ضربة عسكرية لحزب الله في لبنان، لكنها تدرك أن مأزقها يكمن بمعرفتها أن المواجهة مع حزب الله، بما يملكه من قدرات حالياً ستكون لها نتائج مؤلمة، تطاول البنى التحتية المدنية والعسكرية، لذا فإنها حريصة على إبعاد المواجهة قدر الإمكان. في المقابل، يرى العدو أن استمرار الهدوء على الجبهة يعني بناء مزيد من القوة العسكرية ومراكمتها، ويدرك أن نجاح الحزب في امتلاك هذه القدرات سيؤثر استراتيجياً على نتائج المعركة القادمة. 

وتنظر إسرائيل بخطورة إلى إمكانية نجاح إيران في إيجاد خط إمداد متواصل بالسلاح والمقاتلين من طهران حتى بيروت، فلديها القدرة على مواجهة حزب الله داخل لبنان أو حتى سورية، لكنها ستتوه في مسرح عمليات شاسع؛ في حال تدفق آلاف المقاتلين للقتال إلى جانب الحزب، في ظل عدم استعدادها لمثل هذا المسرح. 

وعلى الرغم من أهمية إبعاد إيران عن الحدود في هضبة الجولان، إلا أن مخاوف إسرائيل "تنظر إسرائيل بخطورة إلى إمكانية نجاح إيران في إيجاد خط إمداد متواصل بالسلاح والمقاتلين من طهران حتى بيروت" أعمق من ذلك، فهي ترى أن الوجود العسكري الدائم لإيران في سورية، وما يتضمنه من قواعد عسكرية بحرية وجوية ومصانع سلاح وصواريخ موجهة، يضع حداً للتفوق العسكري الإسرائيلي على إيران التي كانت بحاجة لتوجيه رد في حال تعرّضها لضربات إسرائيلية من داخل حدودها التي تبعد آلاف الكيلومترات فوق أجواء عربية معادية، وبإمكانات متواضعة مقارنة بما يملكه العدو، ولكن إيران تحاول اليوم تقليص هذه المسافة، لبضع مئات من الكيلومترات، وتهدف إيران من الوجود في سورية إلى توسيع مجالها الحيوي والجوسياسي، وتضييق الخناق على إسرائيل. 

ويوجد تغيير استراتيجي في محيط إسرائيل، هز عقيدتها في توازن الردع، كما يوجد قلق إسرائيلي من نشاط إيران في جبهة الجولان والجنوب اللبناني. وعلى الرغم من أن مصانع الأسلحة ما زالت قيد الإنشاء، إلا أن إسرائيل تخشى من تحولها إلى أمر واقع، تجبر على التعامل معه، كما الحال مع حزب الله وحركة حماس.

وهناك نقاط ضعف استراتيجية لدى العدو، لم يأخذها حتى اليوم في الحسبان في مجال بناء القوة، تتمثل في ضعف الدفاعات في الجبهة الغربية البحرية أمام هجوم جوي مفاجئ للعمق الاستراتيجي الذي يمتد من عسقلان مروراً بتل أبيب حتى عكا شمالاً.

... يتبع

حمزة أبو شنب

 

من نفس القسم دولي