دولي
تسهيلات لهجرة الفلسطينيين: تفريغ المخيمات
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 نوفمبر 2018
55 منزلاً في مخيم عين الحلوة غير مشغول بالسكان، للمرة الأولى منذ إنشائها عام 1948، وعشرات البيوت الأخرى معروضة للبيع. عشرات الشبان الفلسطينيين يغادرون مخيمي نهر البارد والبداوي أسبوعياً، ووجهتهم أستراليا وأوروبا، "وخلف ذلك بصمات محلية ودولية لا تخطئها عين الناظر"، وفق مصدر فلسطيني. بكثير من التفاصيل يتكلم المصدر عن ثالوث يتهدد الفلسطينيين في لبنان: التهجير، التوطين، الحرب، مدعّماً كلامه بتفاصيل عن شبكات منظمة تنشط في مجال الهجرة، وتحظى بحماية واضحة.
يبدأ المصدر حديثه باستعراض واقع اللاجئين الفلسطينيين في "دول الطوق" حول فلسطين؛ "ففي الأردن يجرى استيعاب اللاجئين الفلسطينيين داخل المجتمع الأردني. وهناك ضغوط جديّة على المملكة لإدخال تعديلات على نظامها، بحيث ينتقل جزء مهم من صلاحيات الملك إلى رئيس الوزراء، الذي سيختاره المجلس النيابي، وفق التعديلات المقترحة. وكذلك إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية من جديد، بما يسمح بترجمة عددية أكثرية لمن هم من أصول فلسطينية، وهكذا يتحقق الوطن البديل، خصوصاً مع ما يتم الحديث عنه من إنشاء مدن صناعية ضخمة قريبة من الحدود الفلسطينية- الأردنية، للسماح بانتقال سلس لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في الضفة إلى الأردن"، ويعترف المصدر أن المملكة ما زالت تمانع تلك الخطط بقوّة، "لكن، هل يسمح لها واقعها الاقتصادي والجغرافي بالاستمرار في تلك الممانعة؟".
يتابع المصدر: "أما في سوريا فإنه قد غادر نحو 100 ألف فلسطيني إلى أوروبا خلال الأزمة السورية. وأُزيح مخيم اليرموك، على ما كان يحمل من رمزية كبيرة للاجئين، واعتُبر في وقت من الأوقات عاصمة اللجوء الفلسطيني. يُضاف إلى ذلك، أن ضعف السلطة المركزية، مهما استعادت من عافيتها، يأتي في وقت تتقاطع فيه التوجهات الروسية مع المسار الأميركي في تصفية قضية اللاجئين. وهو ما نلاحظه بعدم دعم روسيا للأونروا، وبعدد من القضايا التي تستهدف القضية. واعتقادنا أن الروس سيضغطون باتجاه التوطين النهائي للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وصولاً ربما إلى تجنيسهم.".
ولم يبق من حضور سياسي معبّر للاجئين الفلسطينيين في الخارج سوى في لبنان. يضيف المصدر: "كنا نتوقع مع الحديث عن صفقة القرن، أن تلجأ الولايات المتحدة إلى تشكيل لجان عمل لتصفية قضية اللاجئين في لبنان، لكن لم يكن في بالنا أن يتم الأمر بهذه السرعة، وعبر مسارات متوازية. وكل المؤشرات، وأحياناً معلومات بحاجة إلى تثبّت، تؤكد أن هناك غرفة عمليات أميركية لمتابعة هذا الموضوع في لبنان. فإذا أخذنا قضية التهجير الحاصل للاجئين الفلسطينيين من لبنان، فإن ذلك يحصل بهدوء، وبرعاية دولية ومحلية.
يتابع المصدر: "على مسار التهجير تعمل شركات وشخصيات، أشهرها شخصية (غ)، التي يسمع بها كل الفلسطينيين في لبنان. فبعد توقف لأشهر، عادت هذه الشخصية للعمل في مجال هجرة الفلسطينيين. هذه المرة بتسهيلات جديدة، فبدلاً من 10 آلاف دولار للشخص الواحد، صار المطلوب نصف ذلك المبلغ، والسفر بعد يومين من الدفع. والوجهة هذه المرة أستراليا، بعدما كانت أوروبا. تسهيلات في مطار بيروت، وترحيب من شركات الطيران. المحطة الأولى إحدى دول أميركا اللاتينية، ترحيب، ثم التوجه إلى أستراليا، حيث في الانتظار ممثل عن مكتب شؤون الهجرة. ليست عملية تهريب، إنه نظام متكامل، ينسّق في ما بينه، برعاية دولية كما يبدو.
يُكمل المصدر الفلسطيني: "ليس وحده هذه المرة؛ فمنذ شهر تقريباً أطلقت شركة (ك.ل.) خدماتها في استقبال طلبات اللاجئين الفلسطينيين الراغبين في الهجرة. الوجهة أيضاً أستراليا، إضافة إلى فرنسا. قبل أيام جاءت الموافقة الأولى على طلبات هجرة إلى أستراليا. ووصلتنا معلومات جديّة عن أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد تبدأ، في الفترة المقبلة، باستقبال طلبات لجوء اللاجئين الفلسطينيين. خلال ثلاثة أشهر فقط كانت نتيجة التهجير مخيفة جداً: مغادرة 500 شخص من مخيمات الشمال، 300 من مخيم عين الحلوة، عدا عمّن هاجر من مخيمات بيروت والجنوب والبقاع. 55 بيتاً شاغراً في مخيم عين الحلوة، للمرة الأولى منذ إنشائها. وإذا استمرت الهجرة بهذه الوتيرة فإن مخيمات فلسطينية ستفرغ من سكانها خلال فترة زمنية لا تتجاوز العامين.".
المسار الثاني الذي يستهدف اللاجئين الفلسطينيين، وفق المصدر، هو المسار الأمني "ووفق معلومات، استقيناها من مصادر أمنية لبنانية، فإن هذا المسار يستهدف ثلاثة مخيمات بشكل رئيسي: عين الحلوة، بوصفه عاصمة اللجوء الفلسطيني بعد إزاحة اليرموك، برج البراجنة، والبداوي. وما يزيد القلق على عين الحلوة هو زيارة وفد أمني أميركي لمحيطه ثلاث مرات خلال عام واحد. وخلال الحوارات الداخلية مع الأجهزة الأمنية اللبنانية كان الوفد الأميركي يطالب بشدة المسؤولين الأمنيين اللبنانيين بالتعامل الخشن مع هذا المخيم. وامتعض الوفد من ردّ مسؤول أمني لبناني أنه خلال الأزمة السورية تعاون الفلسطينيون، واستطاعوا تحييد مخيماتهم بجهد كبير، ولم يخرج منها ما يستهدف الواقع اللبناني.".
الضغط في هذا المسار لا يأتي من الأميركيين وسفارات غربية فحسب؛ بل هناك شركات نفط تضغط في اتجاه التعامل الأمني مع مخيم عين الحلوة "واطلعنا على خرائط لهذه الشركات، يظهر فيها مخيم عين الحلوة أرضاً فارغة. ولا أحد يمكن أن يستهين بقوة هذه الشركات. فأول انقلاب في المشرق هو انقلاب التابلاين عام 1949. ودول توحدت بسبب النفط، وأخرى انقسمت بسببه. لكن، في النهاية، كان دور النفط في المنطقة سلبياً على صعيد حقوق الإنسان. وهو ما يُضاعف خشيتنا على مخيم عين الحلوة، الذي ننظر إلى أي حدث أمني فيه، على أنه جزء من المخطط، ونتعامل معه في هذا السياق. وهو كان أحد أسباب الحزم الفلسطيني في تسليم المطلوبين، وإعلان مواقف واضحة ومتحدة في أي جريمة تُرتكب.
المسار الثالث هو مسار التوطين "وهو مسار نأخذه على محمل الجدّ، منذ الإعلان عن وجود 174 ألف لاجئ فلسطيني فقط في لبنان، في تقليل للرقم الواقعي بنحو 75 ألفاً على أقل تقدير. لكن هذا المسار لا يمكن أن يحدث إلّا بعد استنزاف الفلسطينيين بالتهجير والأحداث الأمنية. أما الذين سيستهدفهم التوطين والتجنيس ربما، فهم ما بين 50 و100 ألف فلسطيني. وهناك بعض التمرينات على ذلك حدثت مؤخراً"، رافضاً توضيح ما يعنيه.
أحمد الحاج علي