دولي

تهدئة غزة المتعثرة: عباس لوّح لمصر بالنفقات المالية للقطاع

المفاوضات التي ستبدأ برعاية مصرية تحمل تطورات جديدة

حماس" لمواجهة انتكاسة التهدئة بتصعيد مسيرات العودة

 

ذكرت مصادر في حركة "حماس" أن الحركة تلقت دعوة جديدة من جانب الاستخبارات العامة المصرية لزيارة القاهرة، في الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر/ أيلول الحالي، وذلك بعد أيام من الغموض بشأن مشاورات المصالحة الداخلية مع حركة فتح، والتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي. وشهدت المصالحة تعثُّراً أخيراً بعد موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورد حركة فتح على الورقة المصرية، والذي حمل تعنّتاً في التعاطي مع الجهود المبذولة لتخفيف الأوضاع الإنسانية بالقطاع.

 

في المقابل، كشفت مصادر في حركة "فتح"، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "مسار المفاوضات التي ستبدأ مجدداً برعاية مصرية أيضاً، يحمل تطورات جديدة، خصوصاً بعد الموقف الذي نقله عباس لوفد الاستخبارات المصرية الذي زار رام الله أخيراً"، مضيفة أن "عباس أخبر الوفد المصري بأن السلطة لن تتحمّل أي نفقات خاصة بالقطاع إذا تم إبرام اتفاق التهدئة بين فصائل غزة والاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد تسريبات مصرية وفصائلية بإتمام التهدئة بدون فتح حال عدم انصياعها للتصور المطروح". ولفتت إلى أن "عباس أبلغ المصريين بأنه طالما أن الراعي يرغب في إتمام اتفاق التهدئة مع إسرائيل ولو بدون السلطة، فليتحمل هذا الراعي نفقات القطاع من ميزانيته الخاصة"، في إشارة لمصر التي تقوم بجهود الوساطة لإتمام الاتفاق.

ومن المقرر أن يزور وفد من حركة فتح القاهرة مجدداً، قبل نهاية الشهر الحالي، بعد تلقّي دعوة من جانب جهاز الاستخبارات العامة، لمواصلة التشاور بشأن الأمور العالقة، وذلك بعد زيارة قام بها وفد من جهاز الاستخبارات بقيادة وكيل الجهاز عمرو حنفي، إلى رام الله، التقى خلالها عباس، وتم الاتفاق على عرض مخرجات اللقاء على رئيس الجهاز عباس كامل والقيادة المصرية فور انتهاء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من جولة خارجية في أوزبكستان والصين والبحرين.

من جهتها، قالت مصادر بحركة حماس إن "الحركة لن تعود مجدداً للمربع صفر، سواء بناء على رغبة فتح أو وفقاً لتقديرات سلطات الاحتلال"، كاشفة أن "مؤسسات الحركة الشورية ناقشت خطة جديدة للتصعيد الشعبي مجدداً". وأوضحت أن "مسيرات العودة لم تتوقف، ولكن كان هناك تغيّر نوعي في استراتيجيتها، بما يتناسب مع مرحلة التفاوض التي كانت تقودها مصر قبل توقفها.

وأشارت المصادر إلى أن "هذا التغير كان خاضعاً لمرحلة بعينها، وربما يشهد تطوراً خلال الأيام المقبلة، فغزة لن تقف مجدداً مكتوفة الأيدي أمام الحصار الجائر، سواء من السلطة أو الاحتلال.

وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "حماس والفصائل لا يريدون حرباً أو تصعيداً جديداً، ولكن إذا فُرضت علينا الحرب، سيرى جيش الاحتلال ما سيجعله نادماً على أي قرار متعلق بالتصعيد"، متابعة "عندما قال قائد حماس في غزة يحيى السنوار إن صفارات الإنذار سوف تدوي لمدة 6 أشهر في المستوطنات، فهو يدرك كل كلمة يقولها بشكل دقيق ويقصدها.

هذا وينتظر مليونا فلسطيني في قطاع غزة الساحلي المحاصر، خطوات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التالية عقب تعثر جهود الوصول إلى اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، وجمود المصالحة الحالي، والشروط الموضوعة من قبل كل الأطراف لحل الأزمات الإنسانية والمعيشية المتراكمة.

وكان قائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار، أعلن في وقت سابق أنّ "حركته وفصائل المقاومة اتخذت قراراً بكسر الحصار عن قطاع غزة بكل الوسائل الممكنة"، مؤكداً أنهم "اتخذوا قراراً بكسر الحصار بعز عزيز أو ذل ذليل، وسنفرض ذلك بكل الوسائل الممكنة". وتبدو الحركة في وضع لا تحسد عليه، نتيجة الأزمات القاسية ومحاولات كثير من الأطراف تحريض الفلسطينيين عليها، لكن أمامها فرصا عدة للخروج من هذا المأزق، علماً أن قادتها يتجنبون في هذا الوقت إعلان خياراتهم المقبلة..

ووفق مصادر في غزة، فإنّ "وفداً من حماس سيزور القاهرة منتصف الشهر الحالي، وسيسبقه إلى هناك وفود من الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة فتح، وسيتركز البحث على تفعيل المصالحة الفلسطينية ومن ثم ملف التهدئة، لكن دون هذه اللقاءات عوائق كبيرة وكثيرة.

وأعلنت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، إقامة فعالية أسبوعية كل يوم اثنين شمالي قطاع غزة قبالة موقع "زيكيم" البحري العسكري الإسرائيلي، في إطار تصعيد العمل الشعبي السلمي لمواجهة تداعيات الأزمات والمأزق الفلسطيني الراهن.

وقال القيادي في حركة "حماس"، النائب عنها في المجلس التشريعي يحيى موسى لـ"العربي الجديد"، إنّ "واقع الأمور والأحداث في القطاع حالياً يسير نحو التصعيد، خصوصاً أن الاحتلال في حالة بازار انتخابي والمسؤولين في دولة الاحتلال أعينهم على الكرسي". وأوضح أن "الاحتلال  ورغم المراوغة التي يقوم بها إلا أنه لم يجد حلاً سحرياً في التعامل مع مجريات الأحداث وتطوراتها في القطاع، وبالتالي إن فشل وتعثر جهود التهدئة سيساهم في تصعيد الأحداث خصوصاً أن الاحتلال لا يفكر إلا بهذه الطريقة.

وأضاف موسى أن "الحالة القائمة حالياً في غزة ليست جديدة، فمنذ أشهر وإلى اليوم هناك حالة صراع مفتوحة على كل الخيارات مع الاحتلال على الحدود، والأحداث تتصاعد فترة وتخفت فترة ويتم تطويقها من خلال جهود دولية أو تنفلت منها تارة". وأعاد ذلك إلى "الحالة الناتجة عن انتفاض الغزيين من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم للعام الثاني عشر على التوالي، إضافةً إلى أن التفاؤل والتوقعات العالية التي صاحبت الجهود الدولية جعلت الأمر يبدو وأن التهدئة قريبة.

ونوّه كذلك إلى "تصعيد فعاليات مسيرات العودة خصوصاً بعد نصب الخيام قرب شواطئ منطقة زيكيم من الجانب الفلسطيني"، موضحاً أنّ "ذلك أمر منطقي لأن لكل فعل رد فعل وكلما ضيق الاحتلال كان رد الفعل أكبر". وشدّد موسى على أنه "بات واضحاً أن الاحتلال يتلاعب بالوقت من أجل ابتزاز المقاومة وتحصيل تنازلات متعلقة بأسراه ومتعلقة بقضايا أخرى، في الوقت الذي كان موقف حماس واضحا بفصل جميع المسارات عن بعضها البعض، وأي تهدئة مع الاحتلال هي غير مشروطة بأي سقف سياسي، لكن الواقع الميداني يدلل على أن الأحداث كلها مقبلة على التصاعد وعلى الجميع إيجاد حل.

من جانبه، رأى المحلل تيسير محيسن في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "التوصيف الحالي للمشهد يعكس وجود تراجع للخطوات التي بدئ بها بشأن مسار التهدئة لأسباب عدة، سواء أسباب متعلقة بموقف الوسيط المصري أو الاحتلال الإسرائيلي أو غياب قوة الإرادة الدولية لفرض التهدئة.

واعتبر أن "المشهد يتجه إلى حالة اللا سلم واللا حرب، وهو ما يعني أن الأمور قد تنحصر في تصعيد ميداني في حالة الاشتباك بوتيرة متدرجة، ولا تصل إلى حد انهيار الحالة الأمنية في القطاع والتي من شأنها أن تتسبب في عدوان شرس، وفي نفس الوقت عدم الركون إلى ما جرى من سرقة للوقت ضمن مباحثات التهدئة.

ولفت إلى أنّ "الرئيس محمود عباس وحركة فتح أديا دوراً كبيراً في إحباط هذه المساعي والتي كانت لا تخدم الرؤية الإجرائية الخاصة بملفي المصالحة والتهدئة، وعملوا على عدم إنجاح الجهود المصرية الرامية للوصول إلى اتفاق ينهي حصار غزة.

وعن قدرة الرئيس الفلسطيني على التصدي للمشهد ومنع الوصول لاتفاق بالرغم من الموقف الإسرائيلي، أوضح محيسن أنه "قد يكون السبب الحقيقي لانتكاس الجهود أو سبب تم الارتكاز عليه من قبل الأطراف المختلفة وتحديداً الوسطاء الذين كان يعملون للوصول لاتفاق تهدئة.

ولفت إلى أنّ "الأطراف المختلفة أرادت إفقاد المقاومة وحماس أهم ورقة ضغط وتمرير الوقت للوصول إلى فترة زمنية تعجز، وتكون قوة الفعل الميداني للحراك الشبابي على الحدود الشرقية باهتة في ظل دخول فصل الشتاء وصعوبة استخدام الطائرات الورقية الحارقة.

من نفس القسم دولي