دولي

بعد فشل جهودها لإنجاز المصالحة الفلسطينية مصر توجه دعوة جديدة إلى "فتح

بنود في رد فتح تتعلق بالمقاومة وسلاحها

السنوار دول كبيرة أرادت إحباط المصالحة

 

فشلت الجهود المصرية المتواصلة، خلال الأيام الماضية، في إنقاذ مفاوضات المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، وإخراج الملف من مربع التعثر، وسط حالة من الغموض التي تكتنف ملف مفاوضات التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي.

فبحسب مصادر بارزة في حركة "حماس"، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن هناك حالة من الغموض بشأن مفاوضات التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي. وقالت "كل المشاورات توقفت، وحتى الدعوة لزيارة القاهرة للتباحث بين الفصائل الفلسطينية مع المسؤولين المصريين"، مضيفة "زيارة الوفد الأمني المصري الأخيرة لرام الله ولقاء الرئيس محمود عباس لم تسفر عن تقدم يذكر على ما يبدو، في ظل تمسك السلطة بموقفها المتعنت.

وأوضحت المصادر أن "حماس سبق وتسلمت رد حركة فتح على الورقة المصرية للمصالحة، عبر المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصري، وكعادة حماس أبدت مرونة جديدة مع نقاط وردت في رد فتح، ولكن هذه المرة توجد بنود من جانب فتح، وباعتراف الجانب المصري، تم وضعها لنسف المصالحة بالكامل، وليس عرقلتها فقط". وتابعت "موقف فتح هذه المرة مريب، ويتجاوز الخلافات السياسية، فهو بمثابة مقامرة بحياة ومصالح شعبنا"، لافتة إلى أن "هناك بنوداً في رد فتح على الورقة المصرية لا يمكن التجاوب معها تحت أي ظرف، متعلقة بالمقاومة وسلاحها وليس بالشؤون الإدارية في القطاع".

 وشددت المصادر على أنه "من جانبنا قدمنا الكثير من التنازلات، ليس منّةً على شعبنا ولكن من أجل إنقاذ القضية الفلسطينية، وحتى لا يبدو الفلسطينيون أمام الأطراف الدولية وكأنهم هم حجر العثرة في حل النزاع، في حين يستغل الاحتلال تلك الخلافات الفلسطينية في تعظيم مكاسبه".

 وقالت ننتظر عودة رئيس جهاز الاستخبارات المصري، اللواء عباس كامل، من جولته الخارجية بصحبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتحريك المياه الراكدة، في ظل عدم وجود تجاوب بعد الزيارة التي قام بها وكيل الجهاز، عمرو حنفي، على رأس وفد من المسؤولين المصريين ولقاء عباس أخيرا.ً

من جهة أخرى، قال قيادي في "فتح" إن "الحركة تلقت دعوة جديدة لزيارة وفد فتحاوي للقاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة لاستكمال المشاورات بشأن ملف المصالحة الداخلية". وقال القيادي في الحركة، في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن مَن نملك الشرعية التي لا يمكن لأي تحرُّك على أي صعيد أن ينجح بدونها، وهو ما يدركه جيداً الإخوة في مصر"، مضيفاً "لذلك لا يمكن لأي مشاورات أو مفاوضات (في إشارة إلى التهدئة مع إسرائيل) أن تنجح بدون وجود فتح والسلطة الفلسطينية".

 وأشار إلى أنه وعلى الرغم من إدراك الحركة أن أي زيارة لوفود جديدة من فتح إلى القاهرة، دون أن يكون التشاور منطلقاً من قاعدة الرد الأخير على الورقة المصرية، لن تكون مجدية بأي حال من الأحوال، لكن فتح، وتقديراً منها للقاهرة، ستتجاوب مع الدعوة الجديدة.

يأتي هذا في وقت اتهم فيه المنسق الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أطرافاً، لم يسمّها، بعرقلة جهود التهدئة في قطاع غزة.

 وقال ملادينوف، في تصريحات إعلامية، إن "هناك مَن يحاول عرقلة جهود التهدئة التي نقوم بها، والسعي لإشعال الأوضاع بين حماس وإسرائيل إلى درجة المواجهة العسكرية"، مضيفاً "لكن لا يجب أن نسمح لذلك بأن يحصل"، مشدداً على ضرورة استمرار العمل من أجل ضمان الاستقرار في غزة.

 وأشار المسؤول الأممي إلى أن "جهوداً غير مسبوقة بُذلت خلال الشهرين الماضيين لمنع الحرب في غزة، وكنا على شفا الحرب عدة مرات".

 وأوضح أنه "بدلاً من انتظار ما يبدو أنه مواجهة محتومة، قررنا أن نحاول هذه المرة منعها وليس فقط التعامل مع عواقبها".وأكد أن "علينا أن نعمل ليلاً ونهاراً لضمان الاستقرار في غزة".

كما أكّدت مصادر فلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أنّ مفاوضات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، التي ترعاها الاستخبارات المصرية، تعرّضت أخيراً لانتكاسة غير متوقعة، بعد تغيير مصر موقفها من استثناء السلطة الفلسطينية من المباحثات.

وذكرت المصادر أنّ مصر، التي كانت تلوح باستثناء السلطة الفلسطينية في المفاوضات، في ظل شروطها السابقة وطلبها أن تكون مسؤولة عن هذا التفاوض واشتراط إبرامها بوجودها وتمكينها في قطاع غزة، عادت لتشترط حضور السلطة الفلسطينية وقيادتها لمفاوضات التهدئة، ما أدى إلى الانتكاسة الحالية.

 ويأتي هذا التطور بعد زيارة وفد رسمي من الاستخبارات المصرية إلى رام الله ولقائه بالرئيس محمود عباس وأركان الحكم في الضفة، في الأيام القليلة الماضية، وهو اللقاء الذي تغيّب عنه بشكل غير متوقع رئيس الجهاز اللواء عباس كامل، وسبقه الاتصال الهاتفي الذي شهد عتاباً بين عباس ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي.

 ولفتت المصادر إلى أنّ مباحثات التهدئة باتت "متعثرة"، وأنها لن تعود إلى المسار السابق، إذا استمرت مصر على موقفها الحالي، على الرغم من أنّ القاهرة أبلغت الفصائل أنّ التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار، والمصالحة الفلسطينية، مساران غير مرتبطين. ويُعتقد أنّ مصر استجابت لعباس الذي رفض تجاوزه، وأشهر في وجهها تهديدات بعقوبات قاسية على قطاع غزة لمنع تمرير التهدئة من دون السلطة ومنظمة التحرير، ومن هذه العقوبات عدم دفع رواتب الموظفين ووقف الدعم المالي والصحي المقدم لغزة.

وكان مفاجئاً للمراقبين التصريح "الجريء" الذي أطلقه قائد "حماس" في قطاع غزة، يحيى السنوار، في لقائه بمجموعات شبابية في غزة ، حين أعلن أنه "ليس راضياً عن أداء الوسطاء" في ملف التهدئة، لكنه لفت إلى "منحهم فرصة". وتؤكد المصادر، لـ"العربي الجديد"، أنّ ملف المصالحة بين "حماس" و"فتح" في أعلى مستويات التعثر، وأنه لن يتقدم خطوة "إلا بمعجزة".

 وعن هذا التعثر، قال السنوار إنّ "هناك دولاً كبيرة أرادت إحباط المصالحة، وعلى وجه الخصوص جهاز الشاباك، وللأسف الشديد هناك جهات داخل الاستخبارات الفلسطينية تعاونت مع الاستخبارات الإسرائيلية لإفشال المصالحة". 

ولفت السنوار إلى أنه "منذ نحو شهرين والمصالحة تراوح مكانها"، مشيراً إلى أن "هناك رؤيتين مختلفتين للمصالحة، الأولى مبنية على الوحدة والشراكة الحقيقية من دون استثناء أحد، والثانية رؤية مفادها هازم ومهزوم فوق الأرض وتحت الأرض.

وبموازاة هذه التعثرات، شهدت أجواء قطاع غزة في الأيام الأربعة الأخيرة عودة لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تقوم بعمليات مراقبة ومسح، في مشهد غاب عن غزة منذ التصعيد الأخير قبل نحو أسبوعين، ولهذا أيضاً مدلولات كثيرة.

 ومن هذه المدلولات، خشية إسرائيل من اندلاع معركة مفاجئة مع غزة، في ظل التضييق الكبير على المقاومة ومحاولة إفشال جهودها لكسر الحصار والظروف الإنسانية المعقدة والصعبة التي يعيشها مليونا فلسطيني، والتغير المتكرر في مواقف وسطاء التهدئة، وهو ما عبّر عنه صراحة مبعوث الأمم المتحدة للسلام، نيكولاي ملادينوف، حين صرّح، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بوجود أطراف تسعى إلى قيام حرب بين "حماس" وإسرائيل.

 ونقل عن ملادينوف قوله إن "هناك من يحاول عرقلة جهود التهدئة التي نقوم بها، والسعي لإشعال الأوضاع بين حماس وإسرائيل إلى درجة المواجهة العسكرية"، غير أنه طالب بعدم السماح لذلك بأنّ يحصل، مشدداً على ضرورة استمرار العمل من أجل ضمان الاستقرار في غزة.

وعلى الأرض، أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حاجز بيت حانون (إيرز) شمال قطاع غزة حتى إشعار آخر، رداً على مسيرة حاشدة أقيمت قبالة الحاجز رفضاً لقرارات محاصرة "أونروا" ووقف الدعم الأميركي لها.

ومنعت سلطات الاحتلال نحو 300 حالة مرضية ومرافقيها من المرور عبر الحاجز إلى الضفة الغربية والأراضي المحتلة، إلى جانب التجار ورجال الأعمال المسموح لهم بالمرور عبر الحاجز الذي يخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة.

 

من نفس القسم دولي