دولي
البوصلة الأقصى والقدس.. والوجهة الله
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 أوت 2018
المسعفة لمياء أبو مصطفى كانت تسعف رجال وشباب مسيرة العودة شرق غزة قبل أن تتفاجأ بزوجها أمامها شهيدا بدمائه وقد قتلته الآلة الصهيونية قبل أن تنقذ حياته.
وقبلها قوافل الشهداء السرمدية تتوشح برزان النجار وفادي أبو صلاح وإبراهيم أبو ثريا رحمهم الله من ربطوا الأرض بالسماء والثرى بالثريا، كنماذج متجددة حية مذكرة بجيل الصحابة رضوان الله عليهم الجامعين بين (هم) الله وهم الاهتمام بتحرير الأمة ومقدساتها، من ربطوا الأمة بفعل السير والإسراء أرضا تحريرا وتغييرا، دون الغفلة عن رباط التعلق والارتباط برابط السماء والروح والإيمان.
القدس.. البوصلة والموجهة والفاضحة
قوافل الشهداء في الأرض المباركة بركة الأمة وطهارة كونية وخيرية لبعث الحياة والأمل في القلوب، ولإتمام مشروع المواجهة بين قوة عباد الله جوْسًا، وقوة العلوّ الكبير المشخص صهيونيا واستكباريا.
إذا سألتم عن القدس والأقصى فهم هؤلاء الشهداء والمقاومون والمرابطون والشباب الثائر المنتفض، هم المنارات يسرجون قناديل بيت المقدس وأرجاءه، هم لبنات وحجارة من طين وروح يصنعون من صمودهم وإرادتهم جدرانًا وأسوارًا تشيد قلب الأمة وفلسطين القدس والأقصى.
مدينة القدس هي على مر التاريخ عربية إسلامية مباركة بالمسجد الذي يتوسطها والحجارة وأشجار الزيتون المذكورة في القرآن، فهي أرض حققت وظيفتين على طول التاريخ والحضارة المقدسية؛ وظيفة المناصرة والتعرية.
فالقدس من منطلق أول ناصرت شعبها بصمود حجرها وشجرها حفاظا على قدسيتها وتاريخها رغم الحفريات الصهيونية، وكمنطلق ثانٍ عرّت سوآت الخائنين والمنافقين، وآخِرًا كشفت عن نقاب ومثالب أمريكا الحقيقية وأيديولوجية حكامها القائمة على الولاء الدائم للمشروع الصهيوني.
القدس بمرابطيها وأقصاها شكلوا بوصلة للأمة نرى بها الداء الذي عدد النكبات وسبب الأمراض في الشعوب والعالم، ونرى بها حتى الدواء المبارك الذي وظفه الفاتحون الأوائل ببناء جيل محرر قوي مقتحم للعقبة مستنكف عن الغثائية والوهن والخمول والانهزام.
ومما زاد الرؤية والبوصلة أكثر سراجا وقوة حين يممنا المشاهدة هذه السنة إلى غزة ومسيرات العودة وبطولات الشباب الثائر الذي أربك صفقة القرن، وأفشل سياسة الاحتلال، وزاد فضح المتآمرين والمطبعين، لتكتمل الرؤية وتقوى البوصلة وتتضح إستراتيجية التحرير بتمام كمال الحراك وانتقال الغضب في كل ربوع فلسطين من الأقصى إلى القدس والضفة والخليل إلى غزة وحدودها.
مشاهد البطولة ترفع هممنا وتزكي أنفسنا وتدعونا للتوبة إلى الله وإلى الخروج من الأعرابية والكسل والملل إلى الاصطفاف مع الأمة والاهتمام بالقضية المحورية بل المصيرية. ..ولا تقل كيف؟ بل ابحث كيف.
رحم الله ورضي الله عن الباحثة عن سر بيت المقدس وتحريره ميمونة بنت سعد لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن بيت المقدس وكيف السبيل إليه ولو في غمرة شدة قريش على المسلمين وشدة الأحداث على الجماعة والنواة الأولى للأمة والدولة.
عن زياد بن أبي سودة عن ميمونة مولاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنها قالت:
يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" ائتوه فصلوا فيه- وكانت البلاد إذ ذاك حرباً-، فإن لم تأتوه وتصلوا فيه؛ فابعثوا بزيت يُسرج في قناديله " .
أخرجه: أبو داود رقم (457)، وأحمد رقم (27626).
رحمة الله على الشهداء وتحية إجلال للصابرين والصابرات ..
في هذه الأجواء وغمرة الأحداث رغم كثرتها وألمها وأملها نكرر ولا نمل التذكير أن المعركة في الأقصى والقدس غزة والمسجد الأقصى وكل فلسطين ليست باليسيرة، هي معركة لا بد لرجالها أن يتذكروا أنها مواجهة ومعركة ينوبون فيها عن الأمة ويذودون عن مقدسات ومساجد الأمة و يواجهون أجرم عدو على الأرض وأنجسه وأجبنه ، بمعية أوراق وأحجام عربية وغربية.
للذكرى فإن رجال غزة والأقصى والقدس لا يقفون فقط على ثغر أرضي بل هم يسعون إلى تنزيل بشارة الوحي وعبادة الله بفعل المواجهة والجهاد، ونحن كذلك معهم شعوب الأمة نشاركهم في النية والنصرة.
مواجهتنا نحن أحرار الأمة ورجال النصرة للأقصى والقدس وتحركنا كيف كان نوعه، و مواجهتكم خاصة في غزة والأقصى والقدس والخليل والضفة ليست مجرد حركات ومواجهات عبثية بل أنتم ونحن نسعوا سعيا نحو تحقيق وعد الله وما أخبر به الوحي بشارة لعباد الله ورجال بيت المقدس وأكنافه ولو مع شدة الحصار ولأواء الوضع.
نذكر أن الوجهة دائما هي الله والقصد هو الله رغم التكالبات والصفقات، فلا ننجر أبدا إلى كثرة الأحداث والانزلاق في مجريات الأرض دون التعلق بالآخرة وبالله فهو ولي الذين آمنوا بالغيب، والنصر على العدو الاستكباري هو غيب لابد اليقين به، ولابد أن نكثر من ذكر الله والوقوف أمام الله كي لا نتكل على أنفسنا، عناية الله أكبر مما نتفكر.
ونذكر أننا شعوب الأمة وشبابها وطاقاتنا وحركاتها ومؤسساتها لا ينبغي أبدا أن تنجر إلى ثقافة الانهزام والملل والفتور بل نحن في نفس المواجهة، أهلنا في فلسطين هم الواجهة ونحن معهم نفتح الواجهات ضد الظالمين والمسؤولين العرب من خذلوا الأقصى وغزة ورجالها وشعبها إلى أن نسعى إلى تحرير الأقطار من الكيانات الاستبدادية الصغيرة المتواطئة مع الكيان الكبير روحا وحجما.
فقط نعيد ونكرر على مسامع النصير للأمة والأقصى والقدس، وعلى مسامع رجال الطليعة في فلسطين أن نجدد النية ونقصد الله وننجمع على التبتل إليه مع صدق ومحبة وألفة دون دروشة أو خوف، بل فعل وإرادة صادقة يباركها الله ويعظمها ما دمنا انشغلنا به واعتبرنا أن الرباط رباطان، رباط نفس لله ولذكر الله وهو جهاد لتزكية النفس، ورباط جهاد وميدان لتصفية وتزكية الأرض من عدو الله وفسدة الأرض.
إن أردتم جوابا عن خيرية وبركة اللجوء إلى الله في زمن الصفقات والتكالب فاسألوا رجال معارك بدر والخندق وأحد وحنين وحطين..
هشام توفيق