دولي

مؤامرة الأونروا ومحاولات شطبها

القلم الفلسطيني

بالتزامن مع محاولات تنفيذ "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، يجري التآمر من أطراف في الأونروا ومن جهات دولية عديدة, لشطب وإلغاء هذه المنظمة نهائيا, ذلك بهدفين: محاولة محو وجود اللاجئين الفلسطينيين, ومحاولة شطب حق عودتهم إلى وطنهم وديارهم بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (194) والقرارات الأخرى المتعلقة بذلك.

منذ البداية، لم يعامل اللاجئون الفلسطينيون بتحويلهم إلى لجنة اللاجئين في الأمم المتحدة أسوة بباقي اللاجئين في العالم، لأنه والحالة هذه، فإن المنظمة الدولية مسؤولة عنهم، وعليها واجب محاولة إرجاعهم إلى ديارهم وبيوتهم ووطنهم. بل جرى تشكيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، حتى يتم تحويل قضيتهم من قضية سياسية وحقوقية إلى قضية إنسانية تتمثل في دعم احتياجاتهم الحياتية. من تلك اللحظة بدأ التآمر على قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

في هذه المرحلة، واستمراراً لما يجري منذ سنوات طويلة، يجري تقليص سنوي متدرج من دول عديدة لميزانية الأونروا، ووصل الأمر بالولايات المتحدة إلى وقف دعمها لها منذ ثلاث سنوات بعد تخفيضات المساعدة بشكل متدرج, ووصل عجز الأونروا هذا العام إلى 250 مليون دولار. من جانبها أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قرارات بإنهاء خدمات عاملين لديها من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا وقطاع غزة ولبنان، ضمن نظام المياومة، وهم بدلاء الدرجة الثانية (عمال النظافة وأذنة المدارس والعيادات) معتبرة ذلك "تدابير لتوفير التكلفة وضبط النفقات"، إزاء العجز المالي الذي تكبدّته الوكالة.

رغم تفهّم الجهات كافة وكذلك اللاجئين لما تمرّ به الأونروا من أزمة مالية خانقة، إلّا أنّ التقشف في بعض المناطق قد يكون قاتلاً! نقول: لماذا لا تضم الأمم المتحدة الأونروا إليها؟ أليس سؤالاً يلفت الانتباه؟

ونبهت مصادر إلى أن إجراءات "التقشف" شملت "تعليق جميع تعيينات المياومة في التخصصات كافة وتعليق جميع عقود الخدمات الاستشارية، وتعليق تمديدها، وتعليق عقود التوظيف لأجل محدد، وعقود التوظيف بنظام التثبيت والعقود القصيرة الخاصة فضلاً عن تعليق عمليات الاعتماد للموارد المالية، من حيث أوامر شراء السلع والنفقات الرأسمالية ونفقات التشغيل، أو أوامر شراء الخدمة.

كما قررت إدارة الوكالة "تعليق الالتزام بالتدريب أو ورش العمل, وتعليق الاعتماد المالي في الموازنة العامة للعام الجاري لأي نوع جديد من الخدمات والأنشطة عدا عن تعليق الالتزام بالتعويض المالي عن العمل الإضافي لجميع الموظفين"، المقدر عددهم الإجمالي بنحو 30 ألف موظف.

وقالت مصادر مطلعة إن وكالة الأونروا، أوقفت مُؤخّراً 20 موظفاً لديها عن العمل بصورة مؤقتة لفترات تراوحت بين الـ15 يوماً والشهر, وذلك بعد تحقيقات مُطوّلة مضى عليها شهور. وبحسب المصادر فإن الوكالة تعمّدت إيقاف الموظفين على مراحل، إذ كانت تُصدر قرار إيقاف موظف أو اثنين عن العمل، كل عدّة أسابيع, وليس دفعة واحدة, كي لا تلفت أنظار الإعلام والرأي العام. وذلك على خلفية كتابات أو مُشاركات لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تُسمِّها الوكالة "مُساهمات تحريضية".

كما وتُجري "الأونروا" في الوقت الحالي تحقيقات مع 5 موظفين أعضاء في اتحاد العاملين لديها, على خلفية ما تزعمه من "نشاطات سياسية وعدم التزام بالحيادية والمُساهمة في التحريض". وفقاً لما أكّدته المصادر، التي أعربت عن مخاوفها من أن تكون هذه الإجراءات تمهيدًا لطرد الموظفين. كما أشارت إلى وجود نوايا حقيقة لدى إدارة المنظمة الدولية بأنّ تلغي وتُفكّك "اتحاد الموظفين العاملين في الأونروا". كما قررت الأونروا إيقاف رئيس اتحاد الموظفين في قطاع غزة سهيل الهندي عن العمل وذلك استجابة لطلبات "إسرائيل".

وقال الناطق الرسمي باسم الأونروا كريس جانيس, إن الوكالة الدولية اتخذت قرارها بعد اطلاعها على المراسلات الأخيرة من جانب السلطات الاسرائيلية. من جانبه، أكد اتحاد العاملين في "الأونروا" رفضه "لإجراءات تقليص الخدمات التي تتخذها إدارة الوكالة حالياً، والتي تؤثر سلباً على اللاجئين الفلسطينيين، وتمسّ بوضع الوكالة ودورها في المحافظة على هوية اللاجئ الفلسطيني وحقه في العودة الى وطنه.

وعقد رؤساء اللجان الصحية والتعليمية والإغاثة الاجتماعية, الثلاث اجتماعاً عاجلا قبل أيام في عمان, مع مدير عمليات إقليم الأردن، حيث أكدوا "رفضهم لإجراءات تقليص الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين" في ظل القرارات الأخيرة.

تقليص خدمات الأونروا طال الخدمات الصحية، واتخذت خطوات للتخلّص من تكاليف "مراكز الإيواء"، إذ بدأت فعليًا بإخلائها رغم ازدحامها بالعوائل الفلسطينية منذ بداية الأزمة في سوريا، وقد أبلغت الوكالة هذه العائلات بضرورة تدبير مساكن لهم خارج المراكز. الوكالة لا تُفصح بوضوح عمّا تنوي الإقدام عليه من إجراءات جديدة أخرى! هذا إلى جانب اتخاذها لخطواتٍ وقرارات دون الالتفات لما يُعانيه اللاجئون من ظروف حرب، خاصةً في سوريا وقطاع غزة، ورغم تفهّم الجهات كافة وكذلك اللاجئين لما تمرّ به الأونروا من أزمة مالية خانقة، إلّا أنّ التقشف في بعض المناطق قد يكون قاتلاً! نقول: لماذا لا تضم الأمم المتحدة الأونروا إليها؟ أليس سؤالاً يلفت الانتباه؟.

فايز رشيد

 

من نفس القسم دولي