دولي
"رشوة" كوشنر تفاقم مخاوف الفلسطينيين من "صفقة القرن"
عمل على تمريرها في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "القدس"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 جوان 2018
كرّست الرسائل التي عمل جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، على تمريرها في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "القدس" الفلسطينية، ونشرتها أمس، مخاوف الفلسطينيين من خطة التسوية التي تعهدت واشنطن بالإعلان عنها قريباً، والتي يطلق عليها اسم "صفقة القرن".
بدلاً من تفنيد الموقف الرافض للصفقة، والذي عبّرت عنه الكثير من قيادات ومسؤولي "منظمة التحرير" والسلطة الفلسطينية، الذين اعتبروا أنها تمثل وصفة لتصفية القضية الفلسطينية، اختار كوشنر أن يتحدى رئيس السلطة محمود عباس، وتوعده بأن إدارة ترامب لن تنتظره، وستقوم بالإعلان عن بنود الصفقة، من دون موافقة عباس وتعاونه.
ولم يترك كوشنر مجالاً للشك بأن الخطة العتيدة تمثل في أحسن الأحوال نمطاً من أنماط الرشوة الاقتصادية، التي يتنازل الفلسطينيون بموجبها عن حقوقهم الوطنية والتاريخية، مقابل تحسين أوضاعهم الاقتصادية، ولم يتردد في الزعم بأن الفلسطينيين جاهزون لقبول هذه الرشوة.
والواضح أن نقاط "الخلاف الأساسية" التي يطالب كوشنر الشعب الفلسطيني بتجاهلها وعدم الاكتراث بها، تتعلق بالقضايا الرئيسة التي تشكل جوهر الصراع مع الاحتلال: القدس، اللاجئون، الأرض، السيادة، مستقبل المستوطنات وغيرها، والاستعاضة عنه بالاهتمام بواقعهم الاقتصادي والمادي.فمن خلال حرصه على الاستخفاف بمعالجة قضايا الصراع الرئيسة، فإن كوشنر يضفي صدقية على التسريبات التي زخرت بها وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية بشأن الصفقة، والتي أشارت إلى أنها تطالب الفلسطينيين بقبول بقاء جميع المستوطنات في الضفة الغربية، وتنازلهم عن حق العودة، والقدس، والسيادة وغيرها.
في المقابل، أحجم كوشنر عن توجيه أي انتقاد لسلوك حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، التي تجاهر بإعلانها عدم استعدادها للوفاء بأي متطلبات تضمن تحقيق تسوية سياسية للصراع، ناهيك عن أنه تجنب تبديد المخاوف من المواقف التي عبر عنها السفير الأميركي في القدس المحتلة ديفيد فريدمان، الذي نفى أن يكون التواجد الإسرائيلي في الضفة الغربية ضربا من ضروب الاحتلال، إلى جانب انتقاده للمطالبة بتفكيك المستوطنات في الضفة.
ومما لا شك فيه أن حديث كوشنر عن دور شركاء واشنطن الإقليميين في كل ما يتعلق بالمخططات المتعلقة بقطاع غزة، يمثل تحديداً إشارة إلى الدور المصري في تمرير "الصفقة".
من الواضح أنه في حال تبين أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وافق فعلاً على تدشين منظومة البنى التحتية الخاصة بتحسين الأوضاع في غزة في منطقة شمال سيناء، فإن هذا يفاقم الشكوك بأن هذه الخطوة تعد تمهيداً لتنفيذ ما أشار إليه وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا أكثر من مرة، إلى أن هناك مخططا لاقتطاع مساحة ستة آلاف كيلومترٍ مربع من شمال سيناء وإلحاقها بقطاع غزة، ليتم إعلان الدولة الفلسطينية على هذه المنطقة.