دولي

جلسات الكابينيت الإسرائيلي لـ"التسهيلات الإنسانية" في غزة: مناورة إعلامية

يدّعي الاحتلال أن غزة تعاني من ضائقة فقط

لم تصمد تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن اعتزام حكومته بحث تسهيلات لمنع الانهيار التام في قطاع غزة، أكثر من بضعة أيام رغم أن حكومة الاحتلال عقّبت على ذلك باجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت"، بدءا من الأحد للبحث في تسهيلات لغزة وبحث خطط وخطوات لمنع الانهيار التام، ووقوع كارثة إنسانية، مع ادّعاء الاحتلال أن "غزة تعاني من ضائقة ولم تصل بعد لمرحلة الكارثة الإنسانية".

قد انهارت عملياً أي فائدة أو خطوة عملية في هذا الاتجاه منذ صباح الأحد، مع انطلاق مزايدات داخلية في الحكومة الإسرائيلية و"الكابينيت". وكان وزير الاستخبارات، وزير المواصلات يسرائيل كاتس، صاحب مخطط إقامة جزيرة صناعية وميناء صناعي مقابل قطاع غزة، قد أخرج الهواء من عجلة الاجتماعات، عندما طلب اسقاط مقترحه المذكور من جدول أعمال المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية. وكشف كاتس في تعليل طلبه حقيقة أن "الاجتماعات المقررة في هذا السياق لا يمكن أن تخرج بقرارات أو نتائج فعلية أياً كانت وذلك لأنه لم توضع بنية تحتية لائقة لبحث مقترحه كما يجب في الكابينيت".

وجاء إعلان كاتس وطلبه المذكور ليقفل الباب عملياً أمام قرارات فعلية في هذا السياق، لأنه كشف أيضاً عن الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية ومجلس "الكابينيت"، لأسباب حزبية تتعلق بمحاولة مركبات الحكومة الحالية مراكمة إنجازات، أو ضمان تأييد سياسي وحزبي لها على ظهر قطاع غزة، وسط خضوع وتشجيع في الوقت ذاته للمطالب الشعبوية بتشديد القبضة ضد غزة، وعدم التساهل لا سيما في ظل احتفاظ حركة حماس بجثامين جنديين إسرائيليين.

وكان وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أول من سارع إلى وضع عراقيل أولية في هذا الاتجاه ومحاولة "تثبيت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو" عندما أعلن أنه لا مجال للحديث عن أي خطط جديدة أو تسهيلات إنسانية ما دامت حماس تحتفظ بجثامين الجنديين الإسرائيليين، هدار غولدين وشاؤل أورون. وتبعه بعد ساعات قليلة زعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت، عندما أعلن أنه لا مجال لأي تسهيلات في غزة، إلا بموجب معادلة جديدة "تسهيلات إنسانية مقابل تسهيلات إنسانية" في إشارة لقضية الجنديين المذكورين، مضيفاً أنه لن "تكون هناك وجبات مجانية بعد الآن".

وقد غطى هذا التراشق والمزايدات الداخلية على حقيقة أن إعلان الحكومة الإسرائيلية عن جلسة الكابينيت لمناقشة وإقرار خطط لتسهيلات في غزة، وفحص مسألة محاولة التوصل إلى تسوية أو هدنة قصيرة أو طويلة الأمد مع حركة حماس، على الدافع الحقيقي من وراء إعلان نتنياهو يوم الخميس الماضي، بشأن اعتزام حكومته فحص إمكانية تقديم تسهيلات إنسانية في غزة، جاء في رد إسرائيلي اضطر نتنياهو إلى إعلانه على ضوء الانتقادات الأوروبية الأخيرة لسياسة الاغتيالات التي يقوم بها جيش الاحتلال عند السياج الحدودي في قطاع غزة.

وتولي إسرائيل أهمية كبيرة في الظروف الراهنة لمواقف الرأي العام الأوروبي والدولي، رغم التأييد التام الذي تلقاه من الإدارة الأميركية. وفي هذا السياق أشار أكثر من محلل إسرائيلي، بينهم عاموس هرئييل في هآرتس، ويوسي يهوشواع وأليكس فيشمان إلى حقيقة الإنجاز الإعلامي لحركة حماس، مقابل تراجع التأييد العام لإسرائيل في صفوف الرأي العام الأوروبي، وما يمثله ذلك من خطر قد يترجم إلى ضغوط جديدة على حكومات الاتحاد الأوروبي.

لكن مشكلة حكومة الاحتلال في هذا المضمار لا تنبع من عدم وجود سياسة لها بهذا الخصوص، بل أن عدم السياسة أو غياب السياسة هي السياسة المعتمدة بشكل مقصود، رغم التحذيرات الصادرة عن المؤسسات الأمنية والعسكرية عن أن هذه السياسة ستدفع في نهاية المطاف إلى اندلاع المواجهة العسكرية مع حركة حماس في القطاع.

 

من نفس القسم دولي