دولي
الاحتلال يخشى من "ثأر الخليل".. الاعتقالات والمداهمات مستمرة
نصب الاحتلال عشرات الحواجز العسكرية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 04 جوان 2018
• دعوات للاحتجاج في باريس اليوم رفضا لزيارة نتنياهو
تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ الخميس الماضي، وبشكل يومي، حملة مداهمات واعتقالات واسعة تطاول أنحاء عدة في مدينة الخليل إلى الجنوب من الضفة الغربية المحتلة، تتخللها مداهمة للبيوت ومصادرة للأموال واستهداف للأسرى المحررين، وبالتزامن مع ذلك، نصب الاحتلال عشرات الحواجز العسكرية على مداخل الأحياء والقرى والبلدات المحيطة بالمدينة، والتي يتعرض فيها الأهالي لعمليات تضييق وتفتيش دقيق لمركباتهم، وعرقلة لحركة مرورهم، ما يشير إلى تخوفات وقلق من قبل سلطات الاحتلال من أهالي المدينة التي أطلق عليها عاصمة الغضب الفلسطينية إبان الهبة الجماهيرية التي اندلعت في العام 2015.
قال مدير نادي الأسير الفلسطيني، أمجد النجار، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الاحتلال اعتقلت خلال الليل والنهار منذ الخميس الماضي نحو 30 فلسطينيا من المدينة، غالبيتهم من الأسرى المحررين، فيما صادرت أموالا من منازل داهمتها لعدد من العائلات، فيما لم يتم حصر تلك المبالغ بعد، إضافة إلى تفتيش ما يقارب 30 منزلا بشكل يومي، والعبث في محتوياتها.
ووفق النجار، فإن الاحتلال الإسرائيلي يخطط لشيء ما في مدينة الخليل، ومن الواضح أكثر أنه قلق من ردود أفعال أهالي المدينة، التي سجلت عدة مواقف وعمليات فدائية كانت ثأرية وردا على جرائم الاحتلال التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وآخرها عدد كبير من عمليات الطعن في هبة 2015.
وأكد مدير نادي الأسير الفلسطيني أن مدينة الخليل في هبة أكتوبر/تشرين الأول 2015 أرهقت سلطات الاحتلال، وكانت المدينة تشهد أكثر من عملية طعن ودهس في اليوم الواحد، ولم يفارق القلق جنود وسلطات الاحتلال، حتى إنهم صادروا أكثر من 15 مركبة فلسطينية منذ بداية العام الحالي.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن "الخليل باتت خلال الأيام الأربعة الماضية مستباحة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأن الحواجز العسكرية المنتشرة بكثرة على جميع الطرقات لتفتيش المركبات في الصباح والمساء، وعند منتصف الليل، إضافة إلى حملات الدهم والتفتيش، تشير إلى تخوفات كبيرة من قبل قادة الاحتلال من المدينة التي لم تصمت حتى اليوم، وما زالت على احتكاك دائم مع الاحتلال".
يعتبر الاحتلال الإسرائيلي، وفق تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خلال السنوات الماضية، أنها "ثاني أهم مدينة مقدسة للشعب اليهودي"، وفي تصريحات أخرى له أنها "قد تكون أهم مدينة للشعب اليهودي، وأنها ترتبط ارتباطا تاريخيا بالإرث الديني للشعب اليهودي"، من الحرم الإبراهيمي، ومقام سيدنا إبراهيم، وغيرها من الأماكن التي يدعي الاحتلال أنها مرتبطة دينيا به.
وتعتبر الخليل، على مدار السنوات الماضية، بحسب تصريحات قادة الاحتلال الإسرائيلي، المخزون الاحتياطي للرد على جرائم الاحتلال في مناطق أخرى، لا سيما من "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس).
وبحسب النجار، رغم أن "عمليات الاقتحام والمداهمات المتواصلة غير واضحة المعالم، ولا أهداف الاحتلال من ورائها، إلا أنه لا يخفى تخوف قادة الاحتلال من أي ردة فعل من الخليل على الجرائم التي يرتكبها بحق أهالي قطاع غزة، لا سيما أن المدينة يوجد فيها احتكاك يومي مع قوات الاحتلال"، وقدمت الخليل، منذ سنوات طوال، عمليات فدائية للثأر لقادة المقاومة الذين اغتالهم الاحتلال في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة، وخرج منها المئات من منفذي العمليات، ما يجعل الاحتلال على أهبة الاستعداد لرصد تحركات أهالي المدينة ليل نهار، خوفا من الثأر ضد الجرائم التي ترتكب في قطاع غزة.
• دعوات للاحتجاج في باريس الثلاثاء رفضا لزيارة نتنياهو
إلى ذلك دعت منظمات فرنسية وعربية إلى تظاهرة احتجاجية في باريس اليوم الثلاثاء رفضا لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معتبرة أنه "من العار استقبال سفاح غزة"، وتأتي الزيارة المثيرة للجدل، بعد إلغاء رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، أخيراً، زيارة إلى تل أبيب، من دون معرفة الأسباب، وإن كان مراقبون ربطوها بالمجازر الإسرائيلية التي ارتكبت على حدود غزة.
ولكن "من سوء الصدف لنتنياهو"، كما تكتب صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، فإن الزيارة تأتي بعد ثلاثة أسابيع من الأحداث الدامية في غزة، التي تسببت في استشهاد 120 فلسطينياً، ومن المقرر أن يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب نتنياهو في لوغران-بالي (القصر الكبير) معرضاً يراد منه أن يكون واجهة لما أطلق عليه "سبعون سنة من الابتكارات التكنولوجية الإسرائيلية". وبموازاة مع النشاط في فرنسا، سيستعرض فنانون وعلماء فرنسيون مواهبهم في إسرائيل.
لكن توقيت الأنشطة الإسرائيلية يتقابل، كما تكتب الصحيفة الفرنسية مع "نهاية حرب الأيام الستة"، التي تعني لدى الفلسطينيين: "ضمّ ثم احتلال الضفة الغربية وغزة"، وتأتي استطلاعات الرأي في فرنسا، وآخرها استطلاع أنجزته مؤسسة "إيفوب"، الشهر الماضي، بطلب من اتحاد الطلبة اليهود في فرنسا، لتكشف نفوراً فرنسياً متزايداً من المواقف الإسرائيلية، إذ إن 57 في المائة من الفرنسيين باتت لديهم نظرة سيئة عن الدولة العبرية. في حين أن 71 في المائة من الفرنسيين "يُحمّلون إسرائيل مسؤولية ثقيلة في غياب مفاوضات مع الفلسطينيين".
وتعترف سفيرة إسرائيل في فرنسا، أليزا بن نون، أن الرأي العام الفرنسي "أثّرت عليه صُوَر العنف في الصراع مع الفلسطينيين"، لكنها تأمل "قلب المعادلة بالارتكاز على التقدم الذي حققته إسرائيل، منذ عشر سنوات، في التكنولوجيات الجديدة: "لا يستطيع الفرنسيون أن يتجاهلوا هذا التقدم"، حسب تعبيرها.
لكنّ مجموع المنظمات الفرنسية التي تناصر النضال في فلسطين (42 جمعية)، كما تكتب الصحيفة الفرنسية، ترى في زيارة نتنياهو وفي الحفاظ على الموسم الإسرائيلي، في هذا التوقيت، وفي السياق الحالي، "استفزازاً"، كما تعترف الصحيفة الفرنسية، المقربة من ماكرون، أنّه من الصعب على الرئيس الفرنسي أن يناور في هذه القضية الحسّاسة.
فبينما تستعرض ما كتبه الرئيس الفرنسي في تقديم الموسم من أنه: "توجد صداقات لا تستطيع أن تُفسدَها اضطراباتُ التاريخ ولا التحولات العنيفة التي تعرفها مجتمعاتنا"، يعترف بعض موظفي الإليزيه أن “شهر مايو/أيار كان ثقيلاً، بشكل خاص"، في إشارة إلى قمع مسيرات العودة في غزة، وتضيف الصحيفة أن القيادة الفرنسية، وكي تخرج من هذا الحرج، لن تغفل إثارة قضايا خلافية مع رئيس الحكومة الإسرائيلي، ومن بينها اختلاف موقفي البلدين بخصوص إيران وغزة، وتنقل عن مسؤول في الإليزيه قوله: "لن ينسينا التهديد الذي تمثله إيران في الشرق الأوسط أهمية إنجاز تقدم في مسار السلام مع الفلسطينيين".
في مقابل الزيارة، دعت العديد من الجمعيات الفلسطينية، ومن بينها "جمعية فلسطينيي إيل دي فرانس"، و"جمعية فلسطينيي فرنسا- الجالية"، و"اتحاد الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية في فرنسا"، و"منتدى فلسطين-مواطَنة"؛ إلى تجمع، اليوم الثلاثاء، أمام "لوغران بالي" (القصر الكبير) من الساعة السادسة والنصف مساءً إلى العاشرة ليلاً، دعماً لمسيرات العودة والصمود الفلسطيني، وأيضاً للاحتجاج على زيارة نتنياهو، والمطالبة بإلغاء "موسم إسرائيل في فرنسا"، كما أن صحيفة "لومانيتيه"، لسان حال الحزب "الشيوعي"، استقبلت نتنياهو بغلاف بالغ القسوة: "لا سجاد أحمر لمجرم الحرب، نتنياهو"، معتبرة أنه "من العار استقبال سفاح غزّة".