دولي

المجلس الوطني ومنظمة التحرير... شرعية التصويت بالتصفيق

اللجنة شكلت بالتوافق من دون إجراء انتخابات

بدا لافتاً أن متوسط أعمار أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذين جرى الإعلان عنهم مؤخرا عن أسمائهم بالتوافق من دون إجراء انتخابات داخل جلسات المجلس الوطني، يبلغ 68 سنة، على الرغم من أن نسبة الشباب في المجتمع الفلسطيني كبيرة.

قال الكاتب والمحلل السياسي، جهاد حرب، إن متوسط أعمار أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة "هو الأعلى مقارنة بمتوسط أعمار أعضاء كافة اللجان التنفيذية السابقة عند اختيارهم"، وبحسب الفئة العمرية (50-59)، فقد حصل اثنان على العضوية، هما أحمد أبو هولي (50 عاما)، وبسام الصالحي (58 عاما)، وواحد أكثر من ثمانين عاما (الرئيس محمود عباس 83 عاما)، وخمسة أعضاء أعمارهم ما بين 60 عاما و69 عاما. وسبعة أعضاء ما بين 70 عاما و79 عاما. 

وتابع حرب: "كما تشير التشكيلة الجديدة لأعضاء اللجنة التنفيذية، المعلنة اليوم، إلى دخول تسعة أعضاء جدد، مقابل بقاء ستة أعضاء من اللجنة التنفيذية السابقة. أحدهم قضى 37 سنة في عضوية اللجنة، وهو الرئيس محمود عباس، فيما قضى تيسير خالد، ممثل الجبهة الديمقراطية، 27 عاما بها، فيما الأربعة الباقون حصلوا على عضوية اللجنة التنفيذية في العام 2009، أي قبل تسع سنوات"، وأضاف: "توجد امرأة واحدة فقط ضمن اللجنة التنفيذية هي عشراوي، ما يشكل 7% من مجمل أعضاء اللجنة، مقابل أربعة عشر رجلا، أي حوالي 93%"، وقال: "ينتمي نصف الأعضاء المستقلين إلى حركة "فتح"، وآخر مقرب من الرئيس محمود عباس. وواحد عمل وزيرا في أكثر من حكومة في السنوات العشر الأخيرة. كما أن ستة أعضاء من اللجنة التنفيذية (أي 40%) هم أعضاء منتخبون في المجلس التشريعي الفلسطيني. مقابل عضوين (أي 11%) في اللجنة التنفيذية السابقة".  

هذا وتوقف الكثير من أعضاء المجلس الوطني عند كلمة الرجوب التي لم يتم تغطيتها في الإعلام حين قال: "أقدم لكم الرئيس محمود عباس لإعادة انتخابه رئيس دولة فلسطين"، حينها وقف جميع من في القاعة وصفقوا. وكان هذا خبراً عاجلاً على شاشة التلفزيون الرسمي الفلسطيني. ولاحقاً عرض عباس قائمته لعضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة، وصفق لها المجلس، في حين اعترض بضعة أعضاء فقط. أما الانتخاب الثالث والأخير فهو الذي أكده عضو اللجنة التنفيذية عن حركة "فتح" عزام الأحمد الذي قال: "أبلغني الأخوة في اللجنة التنفيذية أنهم تشاوروا فيما بينهم وقرروا انتخاب الرئيس عباس رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير".

 

يرى مراقبون سياسيون من داخل المجلس الوطني أن عباس استطاع تجديد شرعيته

 

يرى مراقبون سياسيون من داخل المجلس الوطني أن الرئيس محمود عباس استطاع تجديد شرعيته بالدرجة الأولى كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وبالتالي لا يستطيع أحد، خصوصا الولايات المتحدة أو الدول العربية التي تحاول تسويق صفقة القرن إلى القيادة الفلسطينية، التشكيك بشرعية الرئيس، أو شرعية منظمة التحرير. وحسب المشاركين في المجلس الوطني، فقد استطاع عباس عقد المجلس الوطني بعد 22 عاماً من الانقطاع، وتجديد هيئاته السياسة وتحديداً المجلس المركزي، ليثبت أيضاً أن القرار الفلسطيني مستقل، وكل ما سبق يأتي ضمن الرسائل السياسية الهامة للولايات المتحدة، وبعض الدول العربية.

أما فيما يتعلق بالجهوزية السياسية لعقد المجلس الوطني، والحراك السياسي الفلسطيني الداخلي منذ أيام، فبات واضحا أن الهوة السياسية تتسع ولا تتقلص بين "فتح" وعدد من الفصائل السياسية أبرزها الجبهة الشعبية و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، فضلاً عن قيادات فتحاوية تجرّأت للمرة الأولى ضد العرف الفتحاوي الذي يقدس التوافق أي ما يقوله رئيس الحركة والقيادات المؤثرة فيها، كما فعل القيادي نبيل عمرو الذي أصر على الترشح للجنة التنفيذية للمنظمة، رافضاً ميراث الحركة من التوافق.

 

عباس لا يستطيع أن يواجه صفقة القرن وكل الضغوط العربية والإقليمية بهذه اللجنة

 

" عباس وعمرو اللذان كانا على قطيعة لسنوات عديدة، استأنفا علاقتهما بزيارة قام بها عمرو للرئيس في مقر المقاطعة قبل أيام من عقد المجلس الوطني، لكن هذه العودة لم تمنح عمرو عضوية في اللجنة التنفيذية للمنظمة أو حتى في المجلس المركزي. كان صراخ عمرو هو الأبرز أثناء سرد عباس قائمته للجنة التنفيذية، حين قاطعه عمرو بالصراخ فردّ عليه الرئيس الفسطيني "يا نبيل أنت رجل محترم..."، لكن رئيس جهاز الاستخبارات ماجد فرج اقترب من الرئيس هامساً له ما معناه أن "عمرو مع القائمة لكنه يريد الكلام"، فما كان من عباس إلا أن سمح له بالحديث، فقال: "كنت أتمنى أن نرى صندوق الاقتراع وليس التصويت بالتصفيق، لسنا ضد التوافق، فالتوافق يجب ألا يلغي الانتخابات في اختيار الأطر السياسية، وسأظل أناضل من أجل أن أرى صندوق الاقتراع في قاعة المجلس الوطني".

كان طموح عمرو هو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ووفقاً لما قاله أحد القيادات الفلسطينية لـ"العربي الجديد" فإن "عباس لا يستطيع أن يواجه صفقة القرن وكل الضغوط العربية والإقليمية بهذه اللجنة التي تم التوافق عليها".

وتم التوافق على 15 عضواً في اللجنة التنفيذية ستة منهم جدد وهم: مستشار الرئيس محمود عباس، زياد أبو عمر، وحنان عشراوي، وعلي أبو زهري، وعدنان الحسيني، وأحمد بيوض التميمي، وأحمد أبو هولي، فيما رشحت الجبهة العربية فيصل كامل عرنكي وهو اسم جديد في المشهد السياسي الفلسطيني، وعاش طيلة عمره في الولايات المتحدة.

ولم يكن مفاجئاً تمسك اليسار بكل أعضائه القدامى في اللجنة التنفيذية وهم بسام الصالحي عن حزب الشعب، تيسير خالد عن الجبهة الديمقراطية، صالح رأفت عن حركة "فدا" واصل أبو يوسف، عن جبهة التحرير الفلسطينية، وأحمد مجدلاني عن جبهة النضال الشعبي، فيما تم تغيير أقدم أعضاء اللجنة التنفيذية منذ 1969 عن حركة "فتح" فاروق القدومي لصالح عزام الأحمد، وبقي صائب عريقات ورئيس اللجنة التنفيذية محمود عباس، وثلاثتهم عن حركة "فتح". وترك عباس ثلاثة مقاعد فارغة في اللجنة التنفيذية، وبرر ذلك بأنها ستترك إلى حين الاتفاق مع حركات حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية الذين قاطعوا المجلس الوطني.

 

عباس: لا أُعاقب غزة، والسبب في تأخر الرواتب هو خلل فني

 

ويرى المعارضون لهذه القائمة أنه سواء الأعضاء القدامى من اليسار الذين انحسر وجودهم على الأرض وبقيت مقاعدهم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تعطيهم وزناً في القرار السياسي غير حقيقي، أو غالبية الأعضاء الجدد فهم غير مؤثرين في القرار السياسي أولاً، ولا يمتازون بحضور قوي على الأرض، إذا ما أردنا الحديث أن المرحلة المقبلة مرحلة مواجهة مع الولايات المتحدة ومع الاحتلال.

الأمر الآخر الذي كان لافتاً خلال أيام المجلس، وتحديداً فجر أمس، هو وجود معارضة قوية للرئيس فيما يتعلق بإجراءاته العقابية على قطاع غزة، إذ صرخ أكثر من قيادي فتحاوي من قطاع غزة قائلاً "إحنا مش شحادين" و"غزة بتموت". وحسب مصادر لـ"العربي الجديد" فإن "الصراخ تواصل أمام الرئيس محمود عباس الذي حضر في الثانية عشرة من منتصف ليل الخميس ــ الجمعة".

وفي الوقت الذي لم تنشر الوكالة الرسمية "وفا" أي بيان عن المجلس يتضمن إلغاء العقوبات عن قطاع غزة، قرر عباس فجراً صرف الرواتب مؤكداً "أنه لا يعاقب غزة، وأن السبب في تأخر الرواتب هو خلل فني"، في محاولة لاحتواء عشرات الأصوات التي كانت تصرخ في المجلس الوطني ضد عقوباته على قطاع غزة. وأفادت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "جبريل الرجوب قال أمام المجلس فجر أمس، لقد قدمت فتح تنازلات فيما يتعلق بالبيان الختامي".

وقال القيادي في الجبهة الديمقراطية، عضو المجلس الوطني عصمت منصور لـ"العربي الجديد"، إنه "كان هناك ضغوط كبيرة من أطراف عدة، أبرزها الجبهة الديمقراطية، كي لا يتضمن البيان الختامي رؤية الرئيس محمود عباس، وأن يتضمن قرارات المجلس المركزي بأن تكون هي المرجعية وليست اتفاقية أوسلو، وإلغاء العقوبات عن قطاع غزة، هذا أكدنا عليه ووقعنا عليه". لكن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أكدت أن "البيان الختامي للمجلس الوطني الفلسطيني تضمن نصّاً واضحاً وصريحاً، بشأن إلغاء كافة الإجراءات العقابية بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة، كما تبنى اقتراح اعتماد خطة إنقاذ وطنية شاملة لقطاع غزة حسبما ورد في اقتراح الرفيق صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة". وأضافت أن "هذا التعديل جاء بإجماع المجلس الوطني، وفي حضور الرئيس محمود عباس، وإثنائه على القرار، كما جاء بعد ملاحظات واحتجاجات واسعة في صفوف المجلس بسبب خلوّ البيان الختامي من هذه الفقرة التي وردت المطالبة بها أيضاً في مداخلات عدد كبير من أعضاء المجلس".

 

من نفس القسم دولي