دولي

بـ"تغطية مهزوزة" و"التضليل".. هكذا تناول إعلام "إسرائيل" مسيرة العودة

الاحتلال ينشر قواته لمواجهة مسيرات العودة على حدود غزة

21 حالة بتر بالأطراف منذ بدء مسيرات العودة الكبرى

 

ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، نشر مزيداً من القوات عند السياج الحدودي مع قطاع غزة، لمواجهة مسيرات العودة في إطار الفعاليات الفلسطينية المتواصلة منذ "يوم الأرض"، في 30 مارس/آذار الماضي.

وقالت الصحيفة، إنّ جيش الاحتلال، نشر قوات مقابل السياج الحدودي مع قطاع غزة، مع وضع قوات إضافية في حال التأهب، لاستدعائها إذا دعت الضرورة، في المقابل، أشارت الصحيفة إلى تقديرات إسرائيلية بتراجع عدد المشاركين في المسيرات والمظاهرات مدعية وجود معلومات لدى جيش الاحتلال، بشأن نية حركة "حماس" وعناصر تابعين لها، تنفيذ عمليات عند السياج الحدودي مع إسرائيل ومحاولة اختراقه.

وذكرت الصحيفة بموازاة ذلك، في معرض نشرها تقريراً عن اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش، الذي تم تشييع جثمانه، الخميس الماضي، إلى مثواه الأخير في قطاع غزة، أنّ استراتيجية مسيرة العودة، بحسب ما تسميها دولة الاحتلال، هي نجاح لحركة "حماس".

غير أنّ يوني بن مناحيم المحلل الإسرائيلي في "المركز الأورشليمي لقضايا الجمهور"، ومراسل الشؤون العربية في التلفزيون الإسرائيلي، ومدير الإذاعة العبرية سابقاً، ادعى، في دراسة له، أنّ حركة "حماس" تعتزم تحويل مسيرات العودة إلى انتفاضة فلسطينية على حدود غزة، "كجزء من استراتيجية إيرانية لخلق حدود ساخنة، بهدف إفشال صفقة القرن (خطة السلام للرئيس الأميركي دونالد ترامب)، وإفشال التقارب بين إسرائيل ودول عربية".

ومنذ إطلاق الفلسطينيين "مسيرة العودة"، في 30 مارس/آذار الماضي، بذكرى "يوم الأرض"، استهدف الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص، مدنيين فلسطينيين عزلاً قرب السياج الحدودي في غزة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 30 فلسطينياً، وتزامنت "مسيرة العودة"، مع إحياء "يوم الأرض"، في 30 مارس/آذار، الذي يخلّد ذكرى ستة فلسطينيين دفاعاً عن أراضيهم المصادرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1976.

ومن المقرر أن تستمر هذه المسيرات، حتى ذكرى النكبة الفلسطينية منتصف ماي المقبل، وذلك للمطالبة بتفعيل "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طُردوا منها، وللمطالبة أيضاً برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.

وأبدى الإعلام العبري، نظرة مختلفة لمسيرات العودة على حدود قطاع غزة؛ حيث حاولت الصحافة الإسرائيلية في تغطيتها، التركيز بأن الفعاليات الفلسطينية ليست سلمية، وأن هدفها هو تصعيد التوتر والدفع نحو مواجهة في غزة، كما حاولت الصحافة الإسرائيلية الترويج أن لـ"إسرائيل" الحق في الدفاع عن حدودها ومنع دخول مناطق سيادتها، وذلك من خلال استخدامها لأسلوب صياغة مضلل للجُمل والمفردات، كذلك التنوع في طرق التشويه في تصوير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حتى لو حددت الحقائق بدقة، فإن طرق بناء الجُمل والتفاصيل في سياقها تضلل القراء.

رغم أن الاستعداد الإسرائيلي لمسيرات العودة الفلسطينية تم على أفضل وجه من الناحية العسكرية العملياتية، كنشر المزيد من القوات العسكرية، المواقع الأمنية، توزيع المنشورات، الطائرات المسيرة، وتعليمات إطلاق النار، لكن الخسارة الإسرائيلية في مواجهة هذه المسيرات كانت في مجال الوعي والصورة والمقابلات الصحفية والبث المباشر للفضائيات التلفزيونية، وكل ذلك مدعاة لـ"إسرائيل" لمعرفة كيف تتصرف إزاء الوضع المتدهور في غزة، على مختلف النواحي: العسكرية، والوعي، والإنسانية، والسياسية.

وأبدى الإعلام العبري، نظرة مختلفة للمسيرات، معربًا عن مخاوف المسؤولين الإسرائيليين من إقدام هذه الأعداد على اقتحام الحدود الشرقية لقطاع غزة، غير أبهين بالقوة العسكرية الإسرائيلية المفرطة التي يتعامل بها جيش الاحتلال مع المتظاهرين. 

ففي خطوة غير مسبوقة تعكس حجم الإرباك الإسرائيلي، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقالة باللغتين العبرية والعربية عن مسيرة العودة الكبرى، تتوسل فيها الفلسطينيين لعدم الزحف تجاه السياج الفاصل، وناشد الكاتب اليميني في الصحيفة بن درور يميني الفلسطينيين لعدم المشاركة في المسيرة وعدم الاقتراب من الحدود، وهو أمر يعكس حالة الرعب التي تعيشها"إسرائيل"، لاسيما مع هروب آلاف المستوطنين من البلدات الإسرائيلية المحاذية لغزة إلى وسط فلسطين المحتلة.

كما وقسم محمد بدر المتابع للشأن الصهيوني دور الإعلام العبري مرحلياً في التعامل مع مسيرات العودة، إلى أكثر من منطق زمني خطابي، حيث سعى هذا الإعلام بكل قوته لتخويف أهل غزة، وردعهم، وكثف من مضامينه الإعلامية التي تتحدث عن سعي دولة الاحتلال لحل الأزمة الإنسانية في غزة، معتقداً أن هذا من شأنه تخدير الشارع الغزي، وأيضاً كجزء من عملية اختبار لدوافع الغزيين من وراء المسيرة، وفي المقابل حمل هذا الإعلام رئيس السلطة محمود عباس وحركة حماس مسؤولية الأزمة الإنسانية في غزة، وحاول الإعلام العبري إظهار دولته على أنها "المخلص" لغزة.

هذه الأساليب فشلت، وفشلها يعني أن القضية الإنسانية والأزمة الإنسانية، قد تكون جزء من الأسباب، ولكنها ليست كل الأسباب، بالأساس القضية سياسية ذات علاقة بانسداد الأفق السياسي أمام الفلسطينيين في ظل ادارة أمريكية منحازة، وحكومة إسرائيلية يمينية، وبالتالي فإن الفلسطيني بدأ يبحث عن سبيل لإعادة قضيته للصدارة وانتزاع حقوقه، خاصة مع التركيز الإسرائيلي على مسألة الخطر الإيراني في مقابل تهميش القضية الفلسطينية، سواء عربياً أو دولياً.

بالإضافة لمخاطبته العالم من خلال منطق "السيادة" والحدود والاقتصاد، لتصوير الفلسطيني على أنه متسول متسلل، وأن المسألة ليست إلا محاولة لمكافحة شغب جائعين، كما ادعت كثير من المواقع العربية، خاصة موقع "ويللا" وموقع صحيفة "إسرائيل اليوم"، إجراءهم لمقابلات مع قادة من حركة حماس، وبقليل من التدقيق تجد أن رسالة هذا القائد الحماسي "المفترض" تؤكد على أن الدافع وراء المسيرات اقتصادي.

ومع فشل هذه الأساليب في هذه المرحلة، كما يبدو انتقل الإعلام العبري، لمسألة التأكيد على أن خلافات شديدة قائمة بين حركة حماس ومنظمي المسيرة وأن المسيرة تتلاشى شيئاً فشيئاً، وهذا كاف لإظهار غباء هذا الإعلام، فمن جهة يقول أن حماس هي من تنظم المسيرة، ومن جهة أخرى يتحدث عن خلافات بين حماس ومنظمي المسيرة، وفي حين يقول أن إيران هي المشرفة على المسيرة، يقول كذلك أن المشرفين على المسيرة في خلاف مع حماس ومن وراءها ايران.

هذا التخبط والارتباك المسيطر على الخطاب الإعلامي، يكشف عن تخبط أكبر لدى دولة الاحتلال في التعامل مع مسيرة العودة، ويكشف الوجه المخابراتي أكثر للإعلام العبري الذي يحاول محاورة الفلسطيني من خلال حاجته ونفسيته، تماماً كما المخابرات. 

من ناحيته، أوضح عبد الرحمن شهاب مدير مركز أطلس للدراسات "الإسرائيلية"، أن مسيرة العودة فرضت نفسها على المستوى الخبري داخل الكيان وفيما استخدمت وسائل الإعلام العبري مفردات خاصة كاعتبار أغلب الشهداء الفلسطينيين "مخربين"، والتركيز على أن غزة مجتمع ليس مدني بل هي صواريخ وقد تنزلق إلى حرب.

فيما ركز المراسلون العسكريون على أن الفصائل فشلت في الحشد الجماهيري الشعبي اللازم والكامل في الجمعة الثانية، كالجمعة الأولى لمسيرة العودة، نتيجة الردع الأول فيها، فيما استطاع بقليل من الدم الفلسطيني أن يمنعون تسلل الفلسطينيين.

 

جمعة الشباب الثائر .. مشاركة واسعة وإصرار على المواصلة

 

وانطلقت صباح أمس الجمعة الخامسة من مسيرة العودة الكبرى بمشاركة الآلاف في قطاع غزة، تحت شعار جمعة الشباب الثائر، وأفادت تقارير إعلامية فلسطينية، بأن الآلاف يتوافدون من جميع نواحي قطاع غزة، إلى المناطق الشرقية للمشاركة في جمعة الشباب الثائر، وأضافت أن الاحتلال أطلق قنابل الغاز بكثافة صوب المتظاهرين على تخوم قطاع غزة الشرقية، وفي وقت مبكر، تمكن مجموعة من الشبان، من قص السياج الفاصل شرقي جباليا شمال قطاع غزة، في مستهل "جمعة الشباب الثائر" وسط دعوات إلى الحضور بكل قوة وفعالية في تظاهرات مسيرة العودة.

 

21 حالة بتر بالأطراف منذ بدء مسيرات العودة الكبرى

 

في حين قال الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أشرف القدرة: إنه سجل 21 حالة بتر للأطراف جراء اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على مسيرات العودة الكبرى منذ 30 مارس الماضي، وأوضح القدرة، في أن من حالات البتر 4 في الأطراف العلوية، شملت واحدة في كفّ اليد، و3 في الأصابع، وأضاف أن باقي حالات البتر الـ17 في الأطراف السفلي، وتركزت الإصابات -وفق وزارة الصحة- في المناطق العليا من الجسم، حيث 227 إصابة بالرقبة والرأس، و440 إصابة بالأطراف العلوية، و115 بالظهر والصدر، و142 بالبطن والحوض، و 1704 بالأطراف السفلية، و740 بأماكن متعددة.

 

من نفس القسم دولي