دولي

مسيرة العودة.. حراك إحياء الأمل لكبار السن

انطلقت مسيرات العودة للأسبوع الرابع على التوالي

على تخوم قطاع غزة، انطلقت مسيرات العودة للأسبوع الرابع على التوالي، مجسدةً صورة من العشق لوطن مسلوب وأرض مغتصبة، لا يزال يتمسك بها الكبير والصغير من أبناء فلسطين، على حدٍّ سواء، وأحيت مسيرة العودة الأمل المنشود بالعودة لدى كبار السن الذين شاركوا بقوة في المسيرة، متحركين رغم كبر سنهم، وقد حزموا أمتعتهم متلهفين للعودة إلى بلداتهم التي هجروا منها قسراً وغصباً.

وبشكل شبه يومي تحضر الحاجة السبعينية أم رمزي أبو عاصي بعكازها الخشبي وهمتها العالية، إلى مخيم العودة الواقع على حدود بلدة خزاعة شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، وبرفقه شقيقتها الأصغر أم خالد وعدد من النساء، تتجمع أم رمزي حول طاجن العجين من أجل تحضير خبز الصاج للشبان المرابطين داخل المخيم.

وأصبحت وجوه النساء الكبيرات في السن مألوفة لرواد المخيم، حيث يلتف حولها الكبار والصغار علهم يحصلون على بعض الخبز الطازج، الذي يمثل تراثا عريقا لا يزال حاضراً لدى الفلسطينيين.

وفي كل مرة تُحضر الحاجة السبعينية الطحين على حسابهم الخاص، ويبدءان بتحضير خبز الصاج المخلوط بالزعتر البلدي، على أنغام الأغاني والأناشيد التراثية القديمة، وعلى بعد مئات الأمتار من جنود الاحتلال، تحلم أم رمزي بالعودة إلى بلدة "المسمية" التي تشاهدها من داخل المخيم، حيث لا تبعد سوى عدة كيلومترات عنها.

وفي مشهد لافت، شارك العشرات من كبار السن في التظاهرات السلمية التي يخوضها الشبان مع جنود الاحتلال، متقدمين الصفوف ولسان حالهم ومقالهم للشبان: "انتوا خليكم ورانا.. احنا اللي لازم نحرر البلاد بعد ما طردونا منها"، ولم تغب صورة الستيني أبو حسام الغلبان والد أحد شهداء فلسطين، بثوبه الفلسطيني المزين بالحطة والعقال، مخترقاً الصفوف مع الشبان الثائرين.

وفي جمعة رفع العلم الفلسطيني تقدم أبو حسام الصفوف الأولى في مسيرة العودة شرق محافظة خانيونس، بعدما انتزع المقلاع من أحد الشبان، وبدأ برجم جنود الاحتلال المتمركزين خلف سواتر ترابية.

وهبّ الغلبان في عزيمة وإصرار لرفع العلم الفلسطيني أمام جنود الاحتلال، مشجعاً الشبان ومحفزاً إياهم على سحب السلك الزائل، من أجل العودة إلى بلاد الآباء والأجداد، وفي قلب مخيم العودة شرق خانيونس؛ نُصبت خيمة كبيرة تزينت باللون الأبيض، مفروشة بالسجاد المطرز، ورُفع عليها علم فلسطين؛ وعلى بابها تشتعل النيران لإعداد الشاي والقهوة، وتعدّ قبلة للزوار والمثقفين وكبار السن.

وتتوسط الخيمة المعروفة بـ "خيمة العشائر" الخاصة بكبار السن، قلب المخيم، حيث الأحاديث والأهازيج الشعبية القديمة التي تبث في الشباب روح الماضي وأصالة الحاضر، ويقف أبو صالح المصري مطلقاً الأشعار الحماسية داخل الخيمة، وقد التف حوله العشرات من الشبان الذين يرددون خلفه، في حالة من النشوة بتحقيق حلم العودة.

وبكوفيته الفلسطينية وصوته الذي علا أرجاء المخيم، يتوسط أبو صالح الخيمة، مؤكداً على حق العودة، وعدم نسيان البلاد التي هجروا منها قسراً، ويرابط الستيني أبو صالح يوميًّا داخل مخيم العودة، قائلا: "إن مسيرات العودة هي بشارة خير للشعب الفلسطيني عله يرجع إلى البلاد التي هجر منها، والأصل من سنوات كانت هاي الخطوة"، ويضيف: "قبل سبعين عاماً نصب الأجداد خيام التهجير والتشريد؛ ليأتي خلفهم الأبناء والأحفاد لنصبها اليوم من جديد، حالمين بالعودة والتحرير".

وتمثل مسيرة العودة الكبرى حلم كل فلسطيني طرد وهُجر من أرضه غصباً، نافيةً مقولة رئيسة وزراء الاحتلال السابقة "غولدمائير"، "أن الكبار يموتون والصغار ينسون".

 

من نفس القسم دولي