دولي

إسرائيل تعمّدت القتل واستخدمت أسلحة محرّمة بمسيرات غزّة: 29 شهيداً

استخدمت العنف المفرط

أعلنت وزارة الصحة في غزة، السبت، حصيلة الشهداء والجرحى منذ انطلاق فعاليات "مسيرة العودة الكبرى"، والتي جاءت بالتزامن مع إحياء الفلسطينيين ذكرى يوم الأرض، والمقرر أنّ تستمر بالزخم ذاته حتى ذكرى النكبة الفلسطينية منتصف الشهر المقبل، وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة، إنّه خلال ثمانية أيام متواصلة من مسيرة العودة، استشهد 29 فلسطينياً برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وأصيب 2850، منهم 1296 بالرصاص الحي والمتفجر.

وذكر القدرة أنّ 79 إصابة لا يزال أصحابها في حال الخطر الشديد، ويتلقون العلاج في المشافي، إضافة إلى آخرين لا يزالون يعالجون من إصاباتهم المتوسطة.ويضاف إلى الشهداء الـ29، اثنان لم تسلم قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمانيهما بعد أنّ استشهدا إلى الشرق من وسط القطاع، ولم يجرِ نقلهم إلى ذويهم لدفنهم.

واستهدف الاحتلال المحتجين الفلسطينيين على الحدود الشرقية للقطاع بعنف مفرط، واستخدم إلى جانب الغاز المسيل للدموع، القذائف والرصاص المتفجر، ما رفع عدد الشهداء والجرحى بشكل كبير.

وفي سياق متصل، أكدّت اللجنة القانونية للهيئة الوطنية العليا لـ"مسيرات العودة الكبرى"، أنّ المتظاهرين السلميين على حدود غزة لم يشكلوا أي خطر أو تهديد على حياة جنود الاحتلال ومنشآته العسكرية.وعبرت اللجنة عن بالغ استنكارها للاستهداف الحربي الإسرائيلي العمدي وغير المتناسب للمدنيين المتظاهرين، وتشير إلى أن نتائج أعمال الرصد والتوثيق التي نفذتها على مدار الأيام الثمانية الماضية، أظهرت استخدام الاحتلال لأسلحة لا تحمل أي علامات أو أرقام، ما يثير تخوفات من أن هذه الأسلحة محظورة، وتحمل مواد قد تكون سامة، كما أظهر عدد من طلقات قنابل الغاز المحرز عليها لدى اللجنة.

وشدّدت اللجنة على أنّ تعمد قوات الاحتلال قتل المتظاهرين سلمياً يشكل جريمة حرب، وفقاً لنظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، محذّرة المجتمع الدولي من مغبة استمرار مؤامرة الصمت على الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق المتظاهرين، وتعتبر ذلك بمثابة ضوء أخضر لقوات الاحتلال لاستمرار استباحة دماء المتظاهرين العزل، وينذر بوقوع المئات من الضحايا.

وطالبت كذلك المجتمع الدولي بممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية والقانونية الكافية على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف ارتكاب أي جريمة أو انتهاك أو مخالفة دولية تجاه المشاركين في مسيرة العودة الكبرى.

وبدأت اللجنة القانونية عملها لتشكيل ائتلاف دولي، يضم عددا من المحامين والمحاميات الفلسطينيين والعرب والأجانب، لدعم مسارات مساءلة الاحتلال الإسرائيلي وعزله دولياً.

 

قصة صورة من غزة: "الحرية تقود الشعب"

 

يدرك المصورون الصحافيون أحياناً، في هذا الجزء من الثانية بين رؤية ما يحدث والتقاطه بعدساتهم، أنهم بصدد لحظة مميزة. وفي منتصف نهار يوم جمعة قائظ قرب حدود غزة، سنحت واحدة من تلك اللحظات لمصور "رويترز"، محمد سالم، وهو يشم رائحة المطاط المحترق ويستشعر خطر الرصاص والغاز المسيل للدموع.

وبحكم خبرته الممتدة منذ 17 عاماً كمصور صحافي في قطاع غزة، كان سالم يعرف أن أحداث يوم الجمعة ستكون أكثر سخونة عن غيره من الأيام، في مخيمات الاحتجاج، التي أقيمت على طول الحدود، الأسبوع الماضي، إذ منذ 30 مارس/آذار، أخذ آلاف المتظاهرين الفلسطينيين في دحرجة إطارات السيارات المشتعلة وإلقاء الحجارة، أحياناً باستخدام المقاليع، أثناء اشتباكات يومية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الآخر من السياج الحدودي.

وهذه مهمة صحافية قد تكون قاتلة. فمنذ بدء الاحتجاجات قُتل عشرات الصحافيين بالرصاص وأصيب صحافيون.لذا ذهب سالم إلى المكان مبكراً، قبل أن يصل المحتجون، مرتدياً خوذته وسترته الواقية من الرصاص التي تبرز هويته الصحافية بوضوح، كما حمل قناعاً واقياً من الغاز.وبين الساعة الثانية والثالثة بعد الظهر، اشتدت الاحتجاجات، وفجأة انقشع الدخان وحانت اللحظة.ويسترجع سالم ما حدث قائلاً "كنت على بعد 300 متر من السياج. وكان هؤلاء الشبان ينادون على شبان آخرين ويحثونهم على التقدم من أجل عبور السياج الحدودي".ويقول سالم "كان المكان كله مغطى بالدخان الكثيف المتصاعد من إطارات محترقة كثيرة. اقتربوا من بعضهم البعض في حماس. وفي الخلفية، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاز الكثيف المسيل للدموع، وحاولت إطفاء الإطارات المحترقة".ويضيف "في اللحظة التي رأيت فيها المشهد، علمت أنها صورة جيدة وقوية". ويتابع "شعرت أن الصورة مليئة بالغضب والحماس".

وبمجرد أن التقط سالم صورته، اختفى الشبان وسط الدخان الأسود الكثيف باتجاه الحدود والقناصة الإسرائيليين.وبعد أن حسب سالم حساباته، وجد أن من الخطر للغاية الذهاب معهم، كما أن الدخان الأسود الذي أضفى على الصورة بعداً درامياً عاد ليحجب الرؤية، مما يجعل التقاط الصور مهمة مستحيلة. وجعل الدخان أيضا سالم لا يعرف ماذا يحدث من حوله، لذا حان وقت مغادرة المكان إلى مكتب "رويترز" في غزة لنشر الصورة.

الصورة لفتت أنظار الإعلام الأجنبي ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وشبهها كثيرون بلوحة الفنان الفرنسي، يوجين ديلاكروا، وعنوانها "الحرية تقود الشعب"، وتجسد الثورة الفرنسية.

 

"أوتشا" وإدانة "إسرائيل" .. الحيادية التي "تقتل" الفلسطيني؟

 

وكما هي في كل بياناتها، محاولة تحت تبرير "إظهار الحيادية"، حتى في خطوات يتضح فيها فعل "جريمة الحرب"، يخرج من جديد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في القدس المحتلة "اوتشا"، ليطالب الاحتلال بعدم استخدام القوة المفرطة مع المتظاهرين الفلسطينيين المشاركين بمسيرة العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

طلب "أوتشا" في البيان الصحفي، لم يتطرق إلى أن وجود الاحتلال هو المسبب الرئيس لمواجهته حتى في استخدام أبسط الوسائل السلمية الرافضة لسياساته، وهو ما برز بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حيث حث "إسرائيل" للمرة الثانية، على "توخي الحذر الشديد" من استخدام القوة لتجنب وقوع إصابات، في حين دعا الاتحاد الأوروبي جيش الاحتلال إلى "ضبط النفس".

المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة "أوتشا"، إليزابيث ثروسل، قالت: إنه ينبغي عدم استخدام الأسلحة النارية من "الاحتلال"، إلا ملاذًا أخيرًا، وإن اللجوء "غير المبرر" لاستخدامها قد يصل لمستوى قتل المدنيين عمدا وانتهاك معاهدة جنيف الرابعة.

وأضافت الناطقة في بيانٍ صحفي، أنّه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يتوجب على قوات الأمن "الإسرائيلية" الموجودة لحراسة السياج المحاذي للخط الأخضر (حدود عام48) احترام الحقّ في التجمع السلمي والحق في حرية الرأي والتعبير، كما ويتوجب عليها أيضا أن تستخدم بالقدر الممكن "وسائل غير عنيفة" لتنفيذ واجباتها. وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا يجوز استخدام الأسلحة النارية إلا في حالات الضرورة القصوى، وملجأً أخيرًا، واستجابةً لتهديد وشيك بالقتل أو التعرض لإصابة خطيرة.

وبينما غابت تصريحات قادة الاحتلال على جميع المستويات من حملة التحريض المباشرة على قتل الفلسطينيين، حاولت الناطقة باسم أوتشا أن تجرم النشاط السلمي للمتظاهرين حيث قالت: "تشير بعض التقارير إلى أن أقلية من المتظاهرين استخدموا وسائل قد تكون خطيرة".

فيما تصف "أوتشا" قناصة الاحتلال المتمركزين على السياج وأطلقوا الرصاص بشكل قاتل على المتظاهرين، بـ أنهم"الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون"، وهو ما يعد تبريرًا لجريمة الاحتلال، وذكّرت "أوتشا"، "إسرائيل" بالتزاماتها لضمان عدم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وفي سياق الاحتلال العسكري، كما هو الحال في غزة، فإن اللجوء غير المبرر وغير القانوني إلى استخدام الأسلحة النارية من سلطات الاحتلال والذي يؤدي إلى الموت "قد يشكل قتلا عمدا"، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة.

ودعت الأمين العام للأمم المتحدة لإجراء تحقيق مستقل وشفاف في هذه الحوادث، بهدف محاسبة المسؤولين عنها، كما دعت "القادة على الجانبين" إلى بذل كل ما في وسعهم لمنع وقوع المزيد من الإصابات وفقدان الأرواح، وبحسب إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية؛ فقد ارتقى خلال ثمانية أيام متواصلة من مسيرة العودة 29 شهيداً، ووقعت 2850 إصابة منها 1296 بالرصاص الحي والمتفجر؛ منها 79 إصابة وصفت بحالة الخطر، فيما احتجز الاحتلال جثمانيْ شهيدين صفّاهما بالقرب من السياج الفاصل على حدود غزة.

 

من نفس القسم دولي