دولي
الاحتلال يوتر حدود غزة قبل "مسيرة العودة الكبرى"
بدأ مبكراً تحريضه على مسيرة العودة والتظاهرات الأسبوعية على الحدود
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 20 مارس 2018
تثير العبوات الناسفة التي يُجري الاحتلال الإسرائيلي عمليات تفجير لها تحت السيطرة على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، مخاوف فلسطينية من أن يكون الأمر "مجرد خداع" لمنع تظاهرات مسيرة العودة الكبرى التي يتم التحضير لها، ولعل ما يدفع للقلق، على الرغم من عدم حاجة الاحتلال إلى مبررات، تصاعد الحديث الإسرائيلي عن استخدام القوة لمنع أي تجمّعات فلسطينية على الحدود، في ذكرى يوم الأرض في 30 مارس/ آذار الحالي، والمقرر أيضاً أن يكون باكورة انطلاق فعاليات مسيرة العودة الكبرى.
وفي الشهر الأخير، زادت الإعلانات الإسرائيلية عن تفجير عبوات ناسفة على الشريط الحدودي شمال وشرق قطاع غزة، على الرغم من أنّ المسافة التي يجري التفجير فيها ممنوع دخولها من قبل الفلسطينيين منذ بداية الحصار الإسرائيلي على القطاع.
ويربط الاحتلال بين هذه العبوات والتظاهرات الأسبوعية التي بدأت فعالياتها بقوة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، في محاولة لقمع هذه التظاهرات، التي تقلقها ويمكن أن تسبّب لها الإزعاج الأمني. وتستغل إسرائيل تفجير العبوات الناسفة وبعض الصواريخ التي تُطلق من غزة عبر الرد عليها، وتقوم بقصف ما يُعتقد أنها أنفاق تحفرها المقاومة الفلسطينية على الحدود، ومواقع تدريبية وتخزين أسلحة وصناعتها.
وبدأ الاحتلال الإسرائيلي مبكراً تحريضه على مسيرة العودة والتظاهرات الأسبوعية على الحدود، وهو الذي يسعى، وفق بعض الفلسطينيين، إلى تخويف المتظاهرين ومنعهم من الاقتراب من السياج الفاصل. ومن غير المستبعد أن تستخدم قوات الاحتلال العنف المفرط في التعاطي مع التظاهرات بعيداً عن حسابات الرأي العام الذي باتت تضمنه في مصلحتها، لكن الفلسطينيين يُبدون تصميماً على إطلاق الفعاليات تزامناً مع يوم الأرض، وفي ظل الأحوال الصعبة التي يعيشها مليونا فلسطيني محاصرون في القطاع الساحلي الضيق.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن هناك قلقاً إسرائيلياً واضحاً من مسيرات العودة، وتحول حالة الغضب الفلسطيني القائمة إلى غضب جماهيري واسع قد يؤدي إلى عمل كبير، خصوصاً في ظل حالة انسداد الأفق. ويقول المدهون لـ"العربي الجديد"، إن بعض الادعاءات الإسرائيلية تأتي في سياق تحويل الحراك والسلوك السلمي للشعب الفلسطيني إلى اشتباكات، وهو ما لا يريده الفلسطينيون في الوقت الحالي، خصوصاً أن المطلوب هو مسيرات تنطلق بشكل جماهيري وشعبي.
ويشير المدهون إلى أن الهدف الأساسي للتظاهرات التأكيد على حق العودة، خصوصاً في وجه السياسات الأميركية والإسرائيلية الذاهبة لتصفية القضية الفلسطينية عبر ما بات يُعرف بـ"صفقة القرن"، في الوقت الذي يتضح فيه أن سلوك الاحتلال يهدف للحد والتقليل من هذه المسيرات. ويلفت إلى أن الاحتلال يريد استغلال أي حدث بسيط من أجل القيام بتضخيمه واستخدامه لتبرير أي تصعيد عسكري الذي يبدو أنه بات معنياً به كثيراً، خصوصاً أنه لا يريد الانتظار إلى حين موعد مسيرات العودة المزمع القيام بها نهاية الشهر الحالي. ويعتبر الكاتب السياسي أن العبوات التي يتحدث عنها الاحتلال ما هي إلا ذرائع يسوّقها، ومن المحتمل أن يوسع دائرة القصف والتصعيد كلما اقترب موعد مسيرات العودة من أجل إحباطها.
من جهته، يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، حسام الدجني، أن تكون أي من الأجنحة العسكرية التابعة للفصائل الفلسطينية تقف وراء العبوات الناسفة التي يجري الحديث عنها على طول الشريط الحدودي بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948. ويقول الدجني لـ"العربي الجديد"، إن أحداً لا يعلم حتى اللحظة من يضع هذه العبوات سواء كان من الفلسطينيين أو الإسرائيليين، إذ من الواضح أنها تستهدف الحراك الجماهيري الخاص بمسيرات العودة المزمع القيام بها على مرحلتين خلال مارس/ آذار الحالي ومايو/ أيار المقبل.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية أنّ السيناريو الذي يخشاه الاحتلال والذي تحدث عنه في الكثير من المناسبات، هو اندفاع آلاف المدنيين العزّل من مختلف المراحل العمرية بشكل سلمي ومن دون أي أسلحة نحو الحدود، وهو ما سيربك حسابات الاحتلال. ويشير الدجني إلى أن الاحتلال أمام حيرة في طريقة التعامل مع هذا السيناريو، سواء عن طريق إطلاق النار، وهو ما سيعني تأثر صورته أمام العالم، أو أن يسمح للمتظاهرين بالعبور إلى داخل الشريط الحدودي والأراضي المحتلة والبقاء فيها، وهو ما سيعني أن تغيراً في المعادلة الديمغرافية سيطرأ، وفق تقديره.
ويرى الدجني أن العبوات الناسفة وطريقة تعامل الاحتلال معها بشكل عنيف والرد عبر القصف الجوي والمدفعي، يوحي بأنها محاول لإرباك المشهد، في الوقت الذي يُستبعد فيه وقوف المقاومة وراء هذه العبوات، خصوصاً في ظل حالة النضج التي وصلت إليها.