دولي

هل معالجة مشكلة غزة مدخل لصفقة القرن؟

القلم الفلسطيني

تحمل الاجتماعات العاجلة التي عقدت في البيت الأبيض هذا الأسبوع وجمعت ممثلين عن دول عربية وإسرائيل بشأن مستقبل العاطي مع الأوضاع في قطاع غزة دلالات كبيرة. ونظرا لأنه لم يتم الكشف عن نتائج هذه الاجتماعات ومدى الأطراف المشاركة في تطبيق ما يتم الاتفاق بشأنه بخصوص غزة، فأن عقد الاجتماع يدلل على أن غزة تحتل مكانة مهمة في الحراك الأمريكي الهادف للتعاطي مع الصراع.

فقد كشف المقال الذي نشره الجمعة الماضي في صحيفة "واشنطن بوست" المبعوث الأمريكي للمنطقة جيسين غرينبليت، الذي دعا للاجتماع، أن هناك مخاوف أمريكية إسرائيلية حقيقية من أن المنطقة مقبلة على انفجار كبير في ظل عدم التحرك لوقف الكارثة الإنسانية الناجمة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية بفعل الحصار المفروض على القطاع منذ 11 عاما. وقد كشف غرينبليت أنه شارك في القاهرة خلال الأسبوع الماضي في لقاءات مع جهات، لم يسمها، لمناقشة نفس القضية.

 وتدل كل المؤشرات تدلل على أن الحماس الأمريكي للانشغال بالأوضاع في غزة يرتبط بشكل أساس بالمخاوف الإسرائيلية من انعكاسات الأوضاع الاقتصادية المتدهورة على الأمن "القومي" الإسرائيلي، على اعتبار أن معظم المستويات الأمنية والسياسية في تل أبيب تنطلق من افتراض مفاده أن تواصل تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع سيفضي إلى توفير بيئة تسمح باندلاع مواجهة عسكرية مع حماس ليس لتل أبيب مصلحة فيها، سيما في ظل سيادة حالة من انعدام اليقين بشأن الأوضاع على الجبهة الشمالية.

كل المؤشرات تدلل على أن الحماس الأمريكي للانشغال بالأوضاع في غزة يرتبط بشكل أساس بالمخاوف الإسرائيلية من انعكاسات الأوضاع الاقتصادية المتدهورة على الأمن "القومي" الإسرائيلي

إلى جانب ذلك، فأنه استنادا للتسريبات التي نشرت مؤخرا بشأن التصورات الأمريكية للتعاطي مع القطاع تبين أن واشنطن ترى أن نظام السيسي يجب أن يلعب دورا رئيسا في الجهود الهادفة لمنع انفجار مواجهة بين إسرائيل وغزة. فحسب التسريبات، فان إحداث تحول على الأوضاع الاقتصادية في القطاع بما يخدم المصالح الإسرائيلية يتطلب بناء ميناء ومطار لخدمة قطاع غزة في مدينة "العريش المصرية".

ويعود التوجه لبناء مرافق البنى التحتية التي يفترض أن تخفف من وطأة الأوضاع المعيشية في قطاع غزة على الأراضي المصرية إلى الخلاف الإسرائيلي الداخلي بشأن فكرة بناء ميناء ومطار في غزة نفسها.

 فعلى الرغم أن جميع وزراء الأعضاء في المجس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، باستثناء وزير الحرب أفيغدور ليبرمان يؤيدون المشروع الذي قدمه وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس والذي يدعو لتدشين مطار وميناء في غزة، إلا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يبدو غير مستعد لتمرير أي قرار بشأن غزة يمكن أن يؤثر على استقرار حكومته، سيما في ظل الاتهامات التي توجه له بالتورط في قضايا فساد خطيرة.

من ناحية ثانية لا يمكن استبعاد أن ينسجم الحرص الأمريكي على تدشين البنى التحتية الرئيسة التي يفترض أن تخدم الغزيين داخل منطقة شمال سيناء مع الحديث عن الدور الذي تلعبه هذه المنطقة في الأفكار الأمريكية التي تطرح لحل الصراع، التي يطلق عليها "صفقة القرن"، سيما تلك المتعلقة بضم هذه المنطقة لقطاع غزة بهدف تدشين دولة فلسطينية عليها. وعلى الرغم من مؤشرات فتور الحماس الأمريكي إزاء صفقة القرن بسبب الرفض الفلسطيني لها، إلا أن الأمريكيين قد يرون في تدشين بنى تحتية يمكن أن تخدم هذه الدولة مقدمة لتنفيذ هذه الأفكار، في حال أفضت تحولات مستقبلية إلى توفير بيئة تسمح بتطبيقها.

الحماس الأمريكي لتدشين البنى التحتية المهمة في شمال سيناء قد يكون مرتبط بالتحوط لإمكانية فشل جهود واشنطن في تحقيق تسوية للصراع، بسبب رفض الفرقاء في الساحة الفلسطينية للأفكار الأمريكية

في الوقت ذاته، فأن الحماس الأمريكي لتدشين البنى التحتية المهمة في شمال سيناء قد يكون مرتبط بالتحوط لإمكانية فشل جهود واشنطن في تحقيق تسوية للصراع، بسبب رفض الفرقاء في الساحة الفلسطينية للأفكار الأمريكية.

وقد يهدف تدشين البنى التحتية في شمال سيناء إلى توفير ظروف تسمح بظهور كيان سياسي فلسطيني في قطاع غزة، يمكن التعامل معه كدولة تستفيد من هذه البنى. فمثل هذا السيناريو يضمن تحقيق هدف إسرئيل الإستراتيجي المتمثل في تكريس الفصل السياسي بين القطاع والضفة الغربية، التي تضم خارطة المصالح الإستراتيجية الرئيسة لإسرائيل.

صالح النعامي

 

من نفس القسم دولي