دولي
ماكرون: "قرار ترمب" خطأ وأمن "إسرائيل" أولوية
رفض الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 مارس 2018
وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات لنظيره الأمريكي دونالد ترمب على خلفيته قراره عدّ القدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"، ووصفه بـ"الخطأ الحقيقي لأنه لم يسهم في حل المشكلات القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، وفي كلمة له مؤخرا أمام المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بفرنسا، قال الرئيس الفرنسي إن قرار ترمب "لم يتضمن أي جديد بخصوص الأوضاع بالمنطقة، ولم يجعل أمنها أفضل حالًا"، وشدد على "ضرورة حل المشاكل بين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر الحوار"، مشيرًا إلى أن بلاده "تحاول وتسعى مع الولايات المتحدة لتحقيق السلام في بالمنطقة من خلال فلسطين وإسرائيل". على حد قوله.
ماكرون وفيما يخص العلاقات الإسرائيلية الفرنسية، قال: "نحن نعمل مع نتنياهو بخصوص تطورات الشرق الأوسط، وتهديد النفوذ العسكري الإيراني في سوريا والعراق ولبنان"، وأشار إلى أن "موقف فرنسا واضح، فنحن نطالب بالتصدي لبرنامج طهران الباليستي، ولسيطرة طهران الإقليمية، ونعمل من أجل هذا مع حلفائنا؛ بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة"، وأكد الرئيس الفرنسي أن "تحقيق أمن إسرائيل، والتصدي لأية سياسة هجومية ضدها، أمور تندرج ضمن المسائل ذات الأولوية القصوى لباريس".
ولم يختلف العشاء السنوي الثالث والثلاثون لـ"المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا"، الذي عُقد يوم 7 مارس/ آذار، في فندق كاروسيل دو لوفر، عن العشاءات السابقة، من حيث الحضور الوازن للطبقة السياسية الفرنسية، سلطة ومعارضة، وكان الرئيس إيمانويل ماكرون وحرمه و15 من وزرائه حاضرين في اللقاء، ثم ألقى الرئيس الفرنسي كلمة أمام نحو ألف شخص من الضيوف.
ورفض ماكرون طلب "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية" الملحّ، باقتفاء القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وشدّد على أنه شرح موقفه لـ"صديقه دونالد ترامب"، لأن "الرئيس ترامب أعلن عن موقفه بطريقة أحادية الجانب، ولم يساعد على حل الصراع. وإذا ما سارت فرنسا في هذه الطريق ستفقد دورها كمساعد للسلام، وهو الدور المفيد الوحيد".
وشدّد الرئيس الفرنسي في خطابه، بمناسبة هذا العشاء السنوي، على معارضته لإعادة نشر مؤلفات الروائي الفرنسي الكبير الراحل فرديناند سيلين، وإن أصرّ على أنه لن يحسم الأمر. وحرص على التذكير بأنه لا يوافق على مشروع غاليمار في إعادة نشر هذه "الهجائيات المعادية للسامية"، وأعاد الرئيس الفرنسي التذكير بوصية سيلين بعدم نشر هذه الكتب. واستطرد: "لدينا كثير من كتب سيلين التي تتيح تدريسه. ولا أعتقد أننا في حاجة إلى هذه النصوص الهجائية".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء السنوي أراده منظّموه أن يكون ضد إعادة نشر أعمال سيلين، أحد أهم روائيي فرنسا في القرن العشرين إلى جانب مارسل بروست. وقد وزّع منظّمو اللقاء على الحضور، بالمناسبة، كتيباً من خمس وخمسين صفحة يشدد على الطابع المعادي للسامية الذي تتضمّنه هذه الكتب، التي كانت دار غاليمار تنوي إعادة طباعتها، قبل أن تتراجع، مؤقتاً، بسبب الانتقادات، كما قال مديرها، قبل أيام، في لقاء له مع صحيفة "لوجورنال دي مانش".
ثم جامل الرئيس الحضور، خاصة سيرج كلارسفيلد، "صائد النازيين"، الذي احتجّ على دار غاليمار بسبب نيتها إعادة نشر أعمال سيلين، بالقول: "ما قلتموه قبل قليل، عزيزي سيرج، أفضل من القرارات التي تأتي من فوق"، وكانت معاداة السامية حاضرة بقوة في هذا اللقاء السنوي، حيث وعد الرئيس الفرنسي بتعزيز مكافحة الكراهية ومعاداة السامية التي تنتشر، بسرعة، على الإنترنت. ومثلما فعل رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس تجاه الجالية اليهودية، قبل سنتين، طمأنها ماكرون بالقول: "لن يكون ثمة أدنى تخلٍّ عن العائلات اليهودية في فرنسا".
وقد عبّر مسؤولو "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا" عن الارتياح من حضور الرئيس الفرنسي في هذا الاحتفال السنوي، وخطابه "الصريح" ضد معاداة السامية، وموقفه المعارض لنشر نصوص سيلين.
إلا أن البعض منهم، عبّر عن خيبة أمله من رفض إيمانويل ماكرون المتكرر الاعتراف بالقدس، عاصمة للدولة العبرية. وإن كانوا، جميعاً، يتفقون على أن الرئيس الفرنسي الحالي لم يرتكب أي هفوة تجاه إسرائيل، مذكّرين باستقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مرتين. كذلك ذكّروا بانتقاد ماكرون "للدعوات المتكررة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية"، وتوعّده بـ"معاقبة من ينادون بذلك، كما يُقرّ القانون بذلك".
والجدير ذكره أن بعض الساسة الفرنسيين فضلوا مقاطعة هذا اللقاء، ومن بينهم فرانسوا بايرو، الذي يرى في الأمر إساءة للفصل بين الدين والدولة، كما "أن الدولة يجب أن تسمو على الطوائف"، كما أن جان لوك ميلانشون، هو الآخر، لم يحضر اللقاء، وكان قد انتقد، قبل سنوات، بأشد عبارات النقد، تدخل "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية"، الذي غالباً ما يتبنّى المواقف الرسمية الإسرائيلية، في السياسة الفرنسية.