دولي

زيارة "حماس" إلى مصر بلا نتائج: وعود مكررة ومطالب أمنية

مصر لديها ضوء أخضر لتخفيف الأزمات الإنسانية في القطاع وتفعيل التواصل

يبدو أنّ زيارة الوفد القيادي من حركة "حماس" إلى مصر، والتي انتهت قبل أيام بعد أكثر من 20 يوماً في القاهرة، لم تحقق أي نتائج، ويتبدى ذلك من مجموعة ملاحظات واعتبارات، فيما تزداد خيبة أمل الشعب الفلسطيني الذي ينتظر طوق نجاة يخرجه من الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية، وخلال وجود الوفد الموسع في القاهرة، حصرت "حماس" الحديث للإعلام في عضو مكتبها السياسي، خليل الحية، الذي يعتبر من أدق وأحرص قادة الحركة خلال الأحاديث الإعلامية، ما يعني أنها لم ترد إظهار ملامح لفشل أو خيبة أمل مما يجري. 

واكتفت "حماس" بخروج القيادي البارز في الحركة، خليل الحية، عبر قناة "الأقصى" التابعة لها، متحدثاً عن عموميات ولم يعلن أي إنجاز للزيارة، مشيراً إلى أنّ زيارة وفد الحركة الأخير إلى مصر تناولت ملفات عدة، أبرزها أزمات قطاع غزة، والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، والمصالحة الفلسطينية، والعلاقة الثنائية بين الطرفين. وأشاد الحية بأجواء الترحيب المصرية بالوفد القيادي. وأكد أنّ الوفد استمع لتصميم مصر على فتح معبر رفح على مدار الساعة، يكون الاستثناء هو الإغلاق، موضحاً أن مصر قادرة رغم الظرف الأمني في سيناء على إيجاد بدائل لفتح معبر رفح.

وتلقت "حماس" الوعد رقم مائة من مصر بفتح معبر رفح بشكل أفضل، لكن الواقع يظهر أنها مجرد وعود لم يتحقق شيء منها. وحتى عند تنفيذ شرطها باستلام السلطة الفلسطينية للمعبر، لم يحدث أي تغيير جوهري. وتؤكد مصادر تحدثت مع "العربي الجديد"، أنّه جرى التعامل بإيجابية مع الوفد الحمساوي، لكنه لم يحصل على أي إنجاز حقيقي. وسمح له، للمرة الأولى، بعقد اجتماع موسع لقيادة الحركة السياسية بدلاً من الرغبة التي كانت لديه بالخروج إلى قطر والاجتماع فيها. 

وناقشت "حماس"، وفق المصادر، أوضاعها الداخلية ومواقفها وخياراتها وكيفية مواجهة "صفقة القرن" والتحديات التي تعيشها القضية الفلسطينية، إلى جانب الأزمات الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة في القطاع المحاصر، والأمن على الحدود مع مصر. وفي نقاشاتها مع المصريين حول المصالحة، والتي لم تأخذ حيزاً كبيراً كما كان متوقعاً، جددت الحركة التأكيد على استعدادها لتسليم الجباية الداخلية وكل شيء للسلطة الفلسطينية مقابل قرار سياسي من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بصرف رواتب الموظفين الذين سيجري دمجهم في كشوف السلطة الرسمية، وفق المصادر. وهذا القرار غير متوفر حتى الآن، في ظل مؤشرات على أنّ الثقة بين حركتي "فتح" و"حماس" باتت مفقودة ومعدومة، مع تسريب جزء من خطاب عباس أمام المجلس الثوري لحركته، مساء الخميس، والذي أعلن فيه أنّ "حماس تريدنا صرافاً آلياً فقط".

إذاً ما الذي تمت مناقشته في مصر؟ يجيب مصدر مقرب من "حماس" على ذلك، لـ"العربي الجديد"، بالقول إنّ ملف الأمن على الحدود بين غزة ومصر كان الأكثر نقاشاً، إذ تريد القاهرة تعاوناً أكثر في حربها في سيناء، وضبط أكبر للحدود بين الجانبين، مع إشادتها بما قامت به الحركة أخيراً على الحدود مع مصر. كما نوقشت أيضاً أفكار تتعلق بتفعيل لجنة التكافل، التي ترعاها الإمارات ومصر في غزة، عبر القيادي المفصول من "فتح"، محمد دحلان، بعد تعطيل عملها لأشهر منذ بدء مباحثات المصالحة بين "فتح" و"حماس"، وفق المصدر نفسه. ولا تمانع "حماس" بتفعيل اللجنة، التي تقوم بعمل خيري بحت، وترعى مشاريع خدمية للطلبة والفقراء والمحتاجين، لكنها لا توافق حتى الآن على تشكيل لجنة مشتركة مع دحلان لإدارة القطاع، رغم قول الأخير إن ذلك "ضرب من الجنون وفبركات ليس أكثر". 

وتؤكد مصادر قريبة من السلطة الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أنّ مصر تريد "حماس" في جانب حلفها الذي تشكل أخيراً مع الإمارات والسعودية ضد إيران وقطر وتركيا، وأنّ ذلك انتحار للحركة، لذلك كل مباحثات الطرفين في مصر لن تنتج شيئاً. لكنّ مصادر السلطة تقول إنّ مصر لديها ضوء أخضر إسرائيلي لتخفيف الأزمات الإنسانية في القطاع، وتفعيل التواصل مع "حماس" بشكل أكبر، لأنّ في ذلك مصلحة لإسرائيل ويساهم في تخفيف الاحتقان ومنع انفجار الأوضاع تجاهها، بالإضافة إلى العمل على ضبط إيقاع أي توتر قد يحصل نتيجة الأزمات التي تعيشها غزة.

 

من نفس القسم دولي