دولي

"كتائب القسام" تكشف تفاصيل "الثأر المقدس" للشهيد يحيى عياش

تم التنفيذ بشكل "أرهق" إسرائيل

على حلقتين، نشر الموقع الإلكتروني لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، تفاصيل تعرض للمرة الأولى عن عمليات "الثأر المقدس"، التي جاءت انتقاماً لاستشهاد مهندس الكتائب الأول، يحيى عياش، الذي اغتيل في غزة.

ويروي التفاصيل، التي سُمح بنشرها، القيادي القسامي حسن سلامة، المعتقل في السجون الإسرائيلية، والذي يقضي حكماً قاسياً وكبيراً، وهو صاحب العمليات ومهندسها، وجاءت ثأراً لصديقه ورفيقه عياش، وتشير رواية سلامة إلى أنّ التعليمات صدرت من القائد العام للكتائب، محمد الضيف، بالرد على اغتيال عياش، وتم التنفيذ بشكل "أرهق" إسرائيل، وهي التي دفعت ثمناً كبيراً جراء العمليات الفدائية التي نفذتها الكتائب انتقاماً.

ويذكر سلامة كثيراً من المشاركين في العمليات، من مخططين وداعمين ومنفذين، من لحظة الخروج من القطاع إلى اعتقاله، وهي رحلة طويلة، أرادت "القسام"، على ما يبدو، إعادة إحيائها في ظل تغول السلطة الفلسطينية على "حماس" وقوى المقاومة الأخرى في الضفة الغربية المحتلة.

وكشف سلامة، الذي يبدو أنه سرب هذه التفاصيل عبر رسائل من سجنه، أنّ عياش هو من خطط لهذه العمليات التي ارتبطت باسمه، وأصبح اسمها عمليات "الثأر المقدس" للمهندس ولكل شهيد ولكل فلسطين، فـ"هي الأساس، وهي القضية التي نجاهد ونقاوم من أجلها، ومن أجل تحريرها".

وأشار إلى أنّ العمل بدأ حثيثاً لعمليات الثأر، لأن "الأمر (الاغتيال) جللٌ وخطير، وأصبحت الحركة وكتائبها على المحك، وكأنه اختبار حقيقي لقوة هذه الحركة وصلابتها وصدق توجهها، ولكن ما العمل؟ والإمكانيات قليلة، وحصار سلطة أوسلو كبير، والتنسيق الأمني مع الاحتلال في أعلى مستوياته".

"مجموعة القدس" التي أعيد التواصل معها، وتتكون من الأسير أكرم القواسمي، والأسير المحرر أيمن الرازم، أرسلت برقيتها بأنهم جاهزون للعمل وأنهم ينتظرون، وبعد أن حلت مشكلة رد المجموعة، تمت كل الترتيبات معها، وتم إعطاؤهم كلمة سر لمن سيلتقي بهم.

وقد اختارت قيادة "القسام" في حينه الأسير حسن سلامة للخروج إلى الضفة وبدء العمليات، واتخذت مجموعة رصد حدود القطاع مكانها لتسهيل مهمة الخروج، وهي تحت مسؤولية وإشراف القائد في "القسام" محمد السنوار.

"المجموعة الأولى ستخرج حتى تؤمن لنا الطريق، وتجهّز لنا مكان انتظار داخل أراضينا المحتلة في منطقة (أسدود)، وستقوم بتأمين سيارة، ومكان للانطلاق منه، وعند جهوزيتهم ستصلنا الإشارة؛ لكي تخرج المجموعة الثانية"، وفق سلامة.

وأضاف: "خرجت المجموعة واجتازت الحدود، وبقي سلامة ورفاقه ينتظرون على الحدود حتى اطمأنوا على دخولهم، وكان ذلك عبر جهاز اتصال (بيلفون) من النوع الكبير، وقتها وصلتهم إشارة منه، وكان الاتفاق أن ينتظروا منهم إشارة، وأن يطلبوا منهم الدخول بعد أسبوع، بعد أن يكونوا قد جهّزوا مكاناً لهم للاختفاء فيه داخل الأراضي المحتلة".

وقال سلامة في روايته: "جاء الوقت لدخول المجموعة الثانية بالمعدات بعدما وصلتنا الإشارة من المجموعة الأولى، كانت أمورنا جاهزة، وتم تحديد يوم الدخول، كان ذلك في شهر رمضان، ولم يمضِ على زواجي سوى أسبوعين يومها، فذهبت للبيت وأفطرت عند الأهل وتجنبت النظر في عيون الوالدة، فقد كانت تشعر بأن هناك شيئاً سيحدث".

وأضاف: "جلسنا أنا والوالدة قبل الإفطار وطأطأتُ رأسي على قدميها وبدأت يدها الطاهرة تداعب شعر رأسي، وما زلت أذكر هذه اللحظة التي أحن لها وأتمناها بعد هذه السنوات (..) ودّعت الجميع بعيوني، وانسحبت بهدوء وهم يفطرون، دخلت غرفتي التي كان لها باب خارجي وتركت ساعتي وبعض الأمور الخاصة في هذه الغرفة، وخرجت من بابها الثاني، وكان أحد الإخوة ينتظرني، وكانت هذه لحظاتي الأخيرة مع الأهل".

ويروي القائد القسامي الأسير تفاصيل تجنيد الاستشهاديين الذين نفذوا العمليات في العمق الإسرائيلي، وكيفية تأمينهم، وأسماء من شاركوا في التنفيذ، لكنهم اليوم إما أسرى أو خارج السجون بعد صفقات التبادل، موضحا أنه رغم ما حدث من إغلاق وتشديد واعتقال من قبل الاحتلال وأجهزة السلطة، تواصلوا مجدداً للعمل واستكمال الانتقام، حيث تمكن قساميان من اختراق الحصار المفروض على القدس وبقيا معه في رام الله، وتحدثوا في أحد المطاعم عمّا حدث، وعن المهمة القادمة، وكان عليهم مسؤولية تحديد هدفٍ جديد.

اتفق سلامة ورفيقاه على أن يكون الهدف الجديد الباص رقم 18 ذاته كتحدٍ للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وللسخرية منها، واعتقاداً منهم أنهم لن يتوقعوا العودة إلى الهدف نفسه. و"بالفعل نفذت العملية وخرج مسؤول إسرائيلي رفيع ليعلن أنه لا إصابات في العملية، لأن كل من كان في الباص قتلى".

وبينّ سلامة أنه بعد عمليات الثأر لاغتيال المهندس يحيى عياش، تعرضت "حماس" لأكبر عملية حصار واعتقال، خاصة في غزة، وكانت تلك الظروف من أصعب الظروف التي مرت على الحركة، خاصة في ظل تداعي العالم ليساند الاحتلال، واجتماعهم في شرم الشيخ لإنقاذ ما يستطيعون إنقاذه من حكومة شمعون بيرس.

بعدها انتقل سلامة من رام الله المحاصرة إلى بيت لحم بواسطة الشهيد عادل عوض الله، وهناك التقى مرةً ثانية بالشهيد محي الدين الشريف، ولحق بهم عادل، واستمر تنقلهم من مدينة إلى أخرى للتخطيط لعملٍ جديدٍ بمساعدة مجاهدين.

ويختم حسن روايته: "عملنا معاً وخططنا لعمليات، أهمها التخطيط لأسر جنود، وتم ذلك، ولكن لم يكتب النجاح لهذه العملية، بعدها اعتقلت "مجموعة القدس"، ثم اعتقلت أنا في كمين بالخليل، فيما استشهد كلٌ من الشهيد عادل عوض الله، وأخوه الشهيد عماد عوض الله، والشهيد محي الدين الشريف، والشهيد صالح تلاحمة، والشهيد جهاد سويطي وإخوة آخرون. 

 

من نفس القسم دولي