دولي
التصعيد الصهيوني ضد غزة بغطاء أميركي... ورسائل من المقاومة
الاحتلال لم يفلح في كل إجراءاته في ثني المقاومة عن مواصلة القيام بواجبها تجاه شعبها
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 20 فيفري 2018
صعّد الاحتلال الصهيوني في الساعات الماضية من اعتداءاته على قطاع غزة، متخذاً من انفجار عبوة ناسفة بمجموعة جنود إسرائيليين على السياج الحدودي شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، ذريعة لذلك، وإطلاق مزيد من التهديدات باتجاه القطاع، لكن اللافت أن هذا التصعيد يتزامن مع محاولات أميركية لمنح الاحتلال الغطاء لما يقوم به من عدوان وحصار وقصف جوي، وذلك من خلال بيانات أميركية متعددة، تحمل حركة "حماس" المسؤولية عن أزمات غزة الإنسانية، وأنها تستخدم المدنيين دروعاً بشرية.
في موازاة ذلك، لم تفوت المقاومة الفلسطينية، هذه المرة، فرصة بعث رسائل مختلفة عن كل المرات السابقة، من خلال ما أعلنته كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، من أنّ مضاداتها الأرضية استهدفت الطيران الحربي الإسرائيلي خلال إغارته على أهداف في القطاع.
وكان التصعيد الإسرائيلي قد أغار طيران الاحتلال الإسرائيلي على نحو 18 موقعاً للمقاومة وعلى أراضٍ زراعية بزعم أن فيها أنفاقا تحفرها المقاومة للوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد انفجار عبوة ناسفة بجنود إسرائيليين على السياج الحدودي شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، وهي العملية التي أصيب فيها أربعة جنود، اثنان منهم بجراح خطرة. واستُشهد فلسطينيان، وجُرح اثنان، جراء قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من الفلسطينيين، مساء السبت، شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
واللافت أنّ وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومن قبلها الجيش وقادته، حاولوا تضخيم ردة الفعل المنفذة تجاه القطاع بعد الضربة القوية التي استهدفت نخبة الجيش في العملية، وهو الأمر الذي تعتبره المقاومة محاولة للتغطية عن الفشل الاستخباري الذي أدى للتفجير ووقوع إصابات في صفوف الجنود، ولأهداف أخرى تتعلق بتهدئة مخاوف الجبهة الداخلية ومستوطني غلاف غزة.
ولم تتأخر "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، عن الإعلان أنّ مضاداتها الأرضية استهدفت الطيران الحربي الإسرائيلي خلال إغارته على أهداف في القطاع، وهو ما يحمل رسائل عدة من المقاومة الفلسطينية. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها "كتائب القسام" المضادات الأرضية لاستهداف الطيران الحربي، إلا أنّها أعلنت بشكل واضح وصريح عن العملية، ما يؤكد رغبتها ببعث رسائل للاحتلال الإسرائيلي، وربما لآخرين باتوا يتحدثون عن سلاحها وقدراتها في سياق المصالحة الوطنية وتمكين حكومة الوفاق وبسط السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع.
وقال المتحدث باسم "حماس"، حازم قاسم، لـ"العربي الجديد"، إنها ليست "المرة الأولى التي تستخدم فيها القسام المضادات الأرضية"، مشدداً على أن الحركة مصرة على القيام بواجبها بالدفاع عن شعبها ضد أي عدوان إسرائيلي، وستستخدم ما تمتلكه من أدوات لممارسة هذا الحق.
ولفت إلى أنّ "حماس" لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي بفرض معادلات جديدة مع المقاومة في قطاع غزة، والاحتلال يتحمل مسؤولية التصعيد على غزة ونتائجه كاملة، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أنّ التصعيد ضد غزة "جزء من عدوان مستمر على كافة الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وأراضي 48".
وذهب فلسطينيون إلى الاعتقاد بأن ردة الفعل الإسرائيلية، والتحريض المبالغ فيه بعد عملية التفجير، جاءت أيضاً لمنع استمرار الحراك الحدودي الجماهيري الذي ينظم كل يوم جمعة، وفي أوقات متفرقة منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس المحتلة "عاصمة" لدولة الاحتلال.
وقال آخرون إنّ إسرائيل استبقت مسيرة العودة الكبرى التي يجري التخطيط لها عبر اجتياز الحدود بأعداد كبيرة، للتأكيد على أنها ستتعامل بعنف وبقوة لمنع أي تظاهرة حدودية، وهي التي تخشى من كل من يقترب من الحدود والسياج الفاصل. وليس أدل على ذلك، مما أعلنته قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي من أنّ طريقة التعامل مع التظاهرات القريبة من السياج بغزة ستختلف تماماً من الآن فصاعداً، رغم أنها كانت تواجه بعنف مفرط وأدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات في الأسابيع الأخيرة. لكن التقديرات الفلسطينية تشير إلى أنّ موجة التصعيد الحالية، ستبقى مؤقتة ومحكومة بظروفها الميدانية والعملياتية، وأنها لن تتوسع إلى حرب وعدوان واسع على قطاع غزة في وقت قريب، لأنّ إسرائيل تضع عينها على لبنان، ولا تريد الذهاب إلى حرب غير مضمونة النتائج، أو فتح أكثر من جبهة، ستؤدي بالتأكيد إلى ضربة لجبهتها الداخلية الهشة.
ويترافق التصعيد الإسرائيلي مع بيانات أميركية، صدرت في الأيام القليلة الماضية، تقدم غطاءً وضوءاً أخضر لإسرائيل من أجل تنفيذ ما تراه مناسباً ضد غزة، بالتزامن مع حالة الخنق والتضييق التي يعيشها القطاع والتي أدت إلى تدهور مخيف في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية.
وفي السياق، رفضت "حماس" في قطاع غزة، الاتهامات الأميركية. وكان موقع البيت الأبيض نشر في 9 فبراير/شباط الحالي تصريحات للمبعوث الأميركي لعملية السلام، جيسون غرينبلات، قال فيها إن "حركة حماس، بدلاً من أن تسعى لتحسين حياة الناس الذين تدّعي حكمهم، تختار العنف وتسبب البؤس لشعب غزة".
وقالت الحركة، في بيان، "نرفض ادعاءات البيت الأبيض حول مسؤولية الحركة عن أزمة غزة الإنسانية المتفاقمة". واعتبرت تلك الادعاءات "ضوءاً أخضر للاحتلال الإسرائيلي لمواصلة نهجه العدواني على الشعب الفلسطيني". وحمّلت إسرائيل "المسؤولية المباشرة عن الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها قطاع غزة، من خلال الحصار والعدوان، والذي لاقى دعماً أميركياً علنياً". وأوضحت "حماس" أن "الإدارات الأميركية المتعاقبة تتحمل مسؤولية المآسي التي حلّت بالشعب الفلسطيني، منذ بدايات الاحتلال، بفضل الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري له". وذكرت إن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تسعى لرفع حدة الحصار بهدف "تركيع الشعب الفلسطيني وقواه السياسية من أجل فرض حلول لتصفية القضية".
واستنكرت الحركة إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يفرض عقوبات على "حماس" بدعوى استخدامها المدنيين كدروع بشرية. ويحتاج تشريع القانون إلى إقرار من قبل مجلس الشيوخ، وتوقيع ترامب، من أجل أن يصبح قانوناً.
وقال المتحدث باسم "حماس"، فوزي برهوم، إن خطوة واشنطن "تسويق للرواية الإسرائيلية واصطفاف مع الاحتلال الإسرائيلي"، لافتاً إلى أنها "استهداف واضح للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في الدفاع عن نفسه ومقاومة الاحتلال". وكانت واشنطن أدرجت، أواخر الشهر الماضي، اسم رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، على قائمة العقوبات ضد "الشخصيات والتنظيمات الإرهابية"، في حين وصفت الحركة القرار بـ"المثير للسخرية".